رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

استكمالا  لمقالى الاسبوع الماضى، مازلت أرى أن السياسة الأوروبية قد تغيرت بشكل لا رجعة فيه. إن صدمة حرب بوتين ضد أوكرانيا لن تتلاشى بسرعة؛ وستؤدى إلى تغييرات تحويلية. يمكن أن يشمل ذلك عودة دائمة إلى حلفاء الناتو الأوروبيين الذين أعطوا الأولوية للاستثمار الدفاعي.

والسؤال الآن: إلى أى مدى تبقى هذه التغييرات طويلة الأمد وشاملة؟ وهل أخطأ بوتين فى الحسابات، ما منح أوروبا فرصة لإجراء تغييرات من شأنها تعزيز القارة وكذلك المجتمع عبر الأطلنطىى.. الإجابات نراها مع ما يحدث فى أوروبا الآن.

شبح الحرب الروسية الأوكرانية يتحرك فى اوروبا مؤثرا على العديد من الاحداث بها. الانتخابات الفرنسية على الابواب. ومارى لوبان، التى اتخذ حزب التجمع الوطنى (الذى يحتل المركز الثانى فى الاقتراع) مواقف داعمة لروسيا فى الماضى، وقعت فى موقف محرج بشأن موقفها من الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكي، كما أن إريك زيمور الذى أشاد قبل الغزو بروسيا والذى بدا من المرجح أن يحل محل لوبان كزعيم لليمين المتطرف فى البلاد، شهد انخفاضًا فى أعداد استطلاعات الرأى الخاصة به فى الأسابيع الأخيرة.

بالمقابل، شهدت أرقام الرئيس إيمانويل ماكرون ارتفاعًا طفيفًا منذ بداية الحرب فى أوكرانيا. ماكرون هو واحد من القلائل القادة ما زالوا يتحدثون مع بوتين. على هذا النحو، يرى البعض فى فرنسا أنه يبقى الأمة فى طليعة الجهود المبذولة لإنهاء الحرب.

يبدو ماكرون واثقًا من النصر، لدرجة أنه قدم مؤخرًا خطة لإعادة سن التقاعد فى البلاد من 62 إلى 65، وهى خطوة مشحونة سياسياً فى أى بلد، وخاصة فى فرنسا قبل الانتخابات. من الواضح أن ماكرون يشعر بالتفاؤل بشأن فرصه فى الفوز بولاية ثانية.

فى حين أن حرب روسيا ضد أوكرانيا ستعزز قضية توسع الناتو، فمن غير المرجح أن تؤدى إلى إنشاء جيش لعموم أوروبا أو الاتحاد الأوروبى الذى كثر الحديث عنه، قد يعتقد الرئيس ماكرون، الذى أيد الفكرة منذ فترة طويلة، أن الحرب تعزز الحجة من أجل قدرة عسكرية مستقلة للاتحاد الأوروبى، ولكن من بين قادة القوى الكبرى الأخرى فى القارة، ربما يكون وحيدًا تقريبًا فى هذا الرأي.

كان الاتحاد الأوروبى غائبًا فعليًا عن المناقشات أثناء تعزيز روسيا على طول الحدود الأوكرانية، ما يسلط الضوء على عجزه فى تجنب الحرب. الآن، يمكن للدول الأوروبية التى ترى بحق تهديدًا وجوديًا من روسيا، مثل دول البلطيق وبلغاريا وبولندا ورومانيا، أن تتنفس الصعداء لأنها أعضاء فى الناتو. تدرك هذه الدول أن الاتحاد الأوروبى لا يستطيع إنقاذها من الشهوات الشرهة للتوسع الروسي. يمكن العثور على دليل آخر فى الجدل سريع الحركة داخل الدول غير الأعضاء فى الناتو، ولكن الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى مثل فنلندا والسويد فيما يتعلق باحتمال الانضمام إلى حلف الناتو.

أخيرًا لا ينبغى إغفال البعد الإنساني، لقد تسببت الحرب فى اندلاع آلاف المآسى الإنسانية فى أوكرانيا، وكان لها تأثير واسع النطاق. تم تشريد ربع سكان أوكرانيا منذ بدء الحرب، وفر أكثر من ثلث هؤلاء النازحين من البلاد، حتى إذا انتهت الحرب وتمكن الأوكرانيون من العودة إلى ديارهم، فمن المرجح أن يختار الكثير منهم البقاء فى أوطانهم الجديدة، وتغيير المجتمعات التى استقروا فيها.