رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نحو المستقبل

حينما يضيق صدر المرء ويملأ الحزن قلبه تتوقف الحياة بالنسبة له، لكن الحقيقة أن الحياة لا تتوقف بل كل شىء يسير كما هو مقدر له مسبقا وعلى المرء شاء أم أبى أن يتفاعل مع أحداثها ! وهذا التفاعل يتم على صورتين إما بصورة سلبية يستسلم فيها المرء لحزنه ويقلل من نشاطه إلى الحد الأدنى وينعزل شيئا فشيئا عن المجتمع من حوله ومن ثم ينكفء على ذاته ليظل يجتر أحزانه ويذرف الدمع على من فارقوه أو من ضايقوه فى حياته ! أو بصورة ايجابية تجعله يسلم بما حدث محاولا تجاوزه والاقبال على الحياة مرة أخرى وكأنه يعيشها للمرة الأولى فيعيد بناء حياته ويخرج من دائرة الذات إلى دائرة الأسرة والمجتمع الخارجى باحثا عن صداقات جديدة وعن أعمال جديدة تتبدد بها الوحشة ويتجدد بها الأمل. إن روشتة تجدد الأمل والثقة بالنفس إذا ما امتلكها الانسان ستقوده حتما إلى تجاوز أى احباط أو ألم وستنقله من حالة الاستسلام للحزن إلى حالة من التفاؤل.

ولعل القارئ العزيز يتساءل الآن: ما مناسبة هذا الكلام؟ وما جدواه؟! أما المناسبة فهى تعدد حالات الانتحار التى نشاهدها الآن بين الشباب والشيوخ من الجنسين على حد سواء، فالانتحار يعنى ببساطة أن حالة اليأس والحزن العميق قد استبدت بالانسان وأعمت بصيرته وأوقفت عقله عن التفكير فى الحياة بصورة ايجابية، أما الجدوى فتتمثل فى أن نحاول فى مثل هذه الحالات اليائسة التى نشاهد عليها البشر مساعدتهم على تحويل تفكيرهم من هذه الصورة السلبية الفاقدة للمعنى وللقيمة إلى التفكير الايجابى والمتجدد فى الحياة، فليس هناك مشكلة حياتية بدون حل، واذا تعذر على المرء بمفرده أن يجد الحل فليتشاور مع غيره، واذا لم يجد فى أسرته وبين أصدقائه من يثق فى رأيهم أو يخشى لأى سبب الحديث معهم وكشف عورات أفكاره أمامهم، فليلجأ إلى أحد الحكماء ممن حوله سواء كانوا استشاريين نفسيين أو اجتماعيين، وان كنت أنا شخصيا أنصح وأدعو إلى اللجوء إلى المستشار الفلسفى، ذلك الذى من شأنه أن يعالج من خلال الحوار العقلى مع من يستشيره المشكلة بدون النظر إليه على أنه مريض أو أنه يحتاج إلى العلاج فى مصحة أو من خلال العقاقير. والمستشار الفلسفى ليس فقط الفيلسوف المتخصص بل قد يكون انسانًا عادياً جدا يمتلك الفطنة والحكمة اللازمة والقادرة على النصح والارشاد. خذ مثلا ذلك الشخص الذى تملكه الوسواس بأن أحدا ينام تحت سريره بقصد ايذاءه فلم يكن يستطيع النوم !، ولما ذهب لأحد الأخصائيين النفسيين ودفع له مائتى دولار ثمنا للاستشارة أعطاه بعض العقاقير وطلب منه عمل تحليلات ثم العودة إليه بعد أسبوعين، وحينما خرج من العيادة قابل أحد الأشخاص العاديين الذى سأله : ماذا أتى بك إلى هنا؟ فحكى له وإذا بهذا الشخص البسيط الحكيم يقول له : ارفع السرير من حجرتك ونم على الأرض !! وحينما أخذ بالنصيحة ضاع الوسواس ونعم صاحبنا بالنوم الهادئ!

إن الحياة أثمن من نفكر فى التخلص منها مهما كانت قسوتها ومهما كان فيها من الأشرار الذين يضايقوننا ومهما كانت الأحزان والآلام التى نشعر بها، فالأحزان تتضاءل شدتها بالاستمرار فى العمل والاقبال على الحياة، والمشكلات تختفى إذا لم نضخمها وبحثنا لها عن حلول. فلتعيشوا الحياة متسلحين دوما بالأمل.