رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

يبدو أن العرب عشقوا أن يصبحوا مفعولاً بهم وليسوا فاعلاً، يجدون متعة كبيرة فى التحرك كعرائس المارونيت، لذلك كانوا أداة فعالة فى حرب الوكالة.. ولأن العالم الإسلاميّ موجود دائما أبدا فى العقل الأمريكيّ لتحقيق المصالح الامريكية من خلال كل أنواع الاحتلال عسكري سياسي واقتصادي، لذلك فهو يقاد الى ساحات الحروب ليخوض كل أنواعها، وأخرها الحروب بالوكالة، وخاصة أنه تتوافر فى دوله شروطها، من حدودٍ سهلة الاختراق، ودول لاتستطيع على التمرّد بدون دعمٍ خارجي. و إمدادٍ بالأسلحة.

وهناك مقالة لرالف بيترز عام 2006 «الحدود الدامية، كيف يبدو الشرق الأوسط بصورةٍ أفضل» يؤكد فيها ان تلك الحروب ستستمرّ لأكثر من مائة عام لإنهَاك الأجيال في الصراع السنّي الشيعي، مستغلين أنّ المنطقة لديها أسباب تاريخية للاحتقان السياسي، لغياب ثقافة التعددية والتعايش داخل الدولة الواحدة مع مكوّنات الطيف الحضاري والثقافي، وللأسف أن منطقة كالهلال الخصيب كان لديها خلال الألف عام الماضية إرث حضارى وانسانى مكنها من التعايش فى نسيج مترابط ومتوازن بين عدة أطياف، ولكنه للأسف الآن أصبح متعذّراً بسبب العصبية، التى خلقت مشروعٌ التطاحن بين المكونات الثقافية والسياسية المختلفة.

وهكذا اشتعلت المنطقة بحروب الوكالة، لتمزيق الرقعة الجغرافية والاثنية والعرقية والدينية، مستغلين التربة الهشّة في الواقع الجغرافي العربي والإسلامي. وأسّست لذلك اتفاقية سايكس بيكو التي قسّمت بلادنا إلى دويلاتٍ مختلفةٍ فيما بينها، وفق الأنظمة السياسية ووفق حتى البناء الجيوسياسية في الداخل، وحتى على المستوى الديمجرافي.

وما يجري اليوم هو محاولة للضرب على قوة الأمة بتعدديتها، وعلى مساحة الإنسان، من خلال التجزئة والضرب على الوتر المذهبي من ناحية وعلى الوتر العرقي والقومي من ناحية أخرى. وتضافرت تلك العوامل مع الأنظمة التي تريد أن تبقى قابعة على كراسيها،الى جانب استيراد ثقافة الاختلاف السلبي، وحرب الوكالة هي استراتيجية جديدة لتحقيق ذلك، وربما هي تجديد لأمور تمّت في الأمّة، بإخراجات مختلفة، من خلال توظيف البعد الطائفي، والخوارج أصحاب الأفكار المنحرفة، وهذه الحرب بالوكالة تكلّمت عنها نظريات كثيرة في كتب الصهيونية الأولى، منها بروتوكولات حكماء صهيون وفي كتاب «كيف ننزع الإسلام من نفوس المسلمين».

وساعد على انتشار تلك الحرب المال الملوّث الذى غزانا من كلّ جانب، وساعد على تعميق فكرة أن الخلافات المذهبية لا تُحَلّ إلا بالقتل أو بالتفجير وبالتفخيخ أن تلك الحروب ظهرت فى ظل وجود الفراغ الثقافي وبالتالي الطريق إلى القضاء على حروب الوكالة يبدأ ببناءٍ ثقافي معقّد، ويحتاج إلى صبر يعمق فكرة أنّ العنف ليس طريقاً لبناء المجتمعات.

والغريب أن جاسوس الثورات برنارد لويس في سنة 2006 في مجلة كوفنيم التابعة للبنتاجون قال: إنّ العرب والمسلمين أغبياء، مشتّتون، شحّاذون، منهارون، منكسرون، ودائماً كانوا يحتاجون إلى قائد، ولا بدّ من إشعال الحروب الاثنية والدينية فيما بينهم، لذلك لم يكن غريباً أن يكون مؤتمر هرتسيليا سنة 2011 عنوانه العام الصراع السنّي الشيعي، فهو وسيلة لإشعال الحروب المذهبية في العالم العربي والإسلامي.

 لقد استغلّ هذه الظاهرة تجّار الدين من قبل في القرون الوسطى فكانت حرب الفرنجة الصليبيين ليهيمنوا على الثروات. واليوم يستغلّون الصراعات السنيّة والشيعية أو المذهبيّة أو القومية. وفى الواقع أن المسئول عن صنع الحروب البديلة،هى إدارة الشرّ الأمريكي، مع الكيان الصهيوني الغاصب، وأدواته في المنطقة من الأنظمة والحكومات.

الكاتب الصيني سون تزو، ألّف كتاب قبل ألفي سنة، عن كيفية إلحاق الهزيمة بالآخر من دون عضلات و من دون قوة..وتيم واينر وهو ضابط استخبارات أمريكي في وحدة التحليل والأبحاث في كتابه «إرث من الرماد تاريخ المخابرات الأمريكية»، تكلم عن كيفية تدبير حروب الوكالة في القارات الخمس، الحروب التي دبّرتها أمريكا بفضل المرتزقة، العملاء في منظومة الحكم، والسياسة، وفي المجتمع المدني، وفي منظّمات حقوق الإنسان أيضاً كما يُشير الكاتب وأندريه تولي في كتابه «الجاسوسة الأمريكية» يقول بالحرف، إذا دخلت إلى مقرنا في لانجلي، في نيوجيرسي، وهو مقرّ المخابرات الأمريكية، فلا تتعجّب إذا وجدت من يتقن 20 لغة، بل إنّ فينا فقهاء في القانون الإسلاميّ والفقه الإسلاميّ. ويقول تولي: وكثيراً ما يتصوّر البعض أننا ننتج السياسة والمطابخ السياسية فقط، لا، نحن ننتج أفكاراً نبعثها إلى العالم الإسلامي، وعندما يستفيق المسلمون أنّ هذه الفكرة دخيلة، تكون الفكرة التالية قد خرجت من مطابخنا إلى العالم العربي والإسلامي. وللاسف أن الغرب يعرف عنّا تفاصيل التفاصيل، ومرجعيته الفكرية عنا كانت في المرحلة الاستعمارية عندما سرق من بلادنا 10 ملايين مخطوط وكتاب، ولا يوجد أيّ حاكم عربي أو وزارة ثقافة عربية تطالب بهذا الإرث الثقافي ولا الجامعة العربية، رغم أنّه يوجد بند المطالبة بالموروث الثقافي الإسلامي المسروق.

وأضف إلى هذا النتاج، ما كان يكتبه الجواسيس الاستعماريون عن بلادنا قبل تحرك المنجنيق والبندقية باتجاهنا. بالمقابل نحن لا نعرف شيئاً عن هذا الغرب.وهنتنجتون عندما كتب «صراع الحضارات»، كان يقصد الصراع بين الحضارة الإسلامية والغربية بشكل واضح، لكن يبدو أنه كان مخطئاً، فلو كان حيا لرأى أنه يجب أن يعيد كتابة ما قدمه، ليكتب عن صراع الإسلاميين فيما بينهم ، وهو ما تولاه تلاميذه في الكتابة عنه من بعده ، فما زال الشرق محور اهتمام الغرب لنهبه والاستيلاء عليه ، وللأسف أنه يفعل ذلك بأيدينا من خلال حروب الوكالة.