عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

طلة

لو كان الأمر بأيدى لوقفت أمام بوابة معرض القاهرة الدولى للكتاب، لكى أصافح كل إنسان جاء بمحض ارادته ليزور معرض الكتاب، متحديا ذلك البرد الشديد ورافعا راية العصيان لهذه الشعبية الجارفة ولتلك الحرارة الملتهبة المنبعثة من مباريات كرة القدم التى ينافس فريقنا القومى فيها على لقب بطل القارة الأفريقية والتى كان من الصعب انتظار معرفة نتيجة المباراة النهائية أمام السنغال، حيث لا بد من كتابة المقال والدفع به للمطبعة قبل انتهاء احداث المباراة والتى نتمنى أن تنتهى لصالحنا، حتى تفرح تلك الجماهير الغفيرة التى لم يعد شيء يفرحها قدر فوزنا فى كرة القدم.

كنت قد راهنت عددا من الأصدقاء أن معرض القاهرة الدولى للكتاب هذا العام لن يلقى الإقبال المتوقع لعدة أسباب. أولها أنه لا يوجد مصرى تقريبا على أرض مصر ولا خارجها طبعا غير مهتم بكرة القدم، ولعل التحدى أمام المصريين فى المهجر أكبر حيث غالبا ما تكون مواعيد إقامة المباريات فى نفس توقيت العمل بالنسبة لهم، ولك أن تتخيل شعبا على اختلاف مستويات الثقافة فيه عاشقا كله لكرة القدم ووجد نفسه مضطرا للاختيار بين البقاء فى البيت تحت البطاطين، حيث الدفء والمشاريب الساخنة لمتابعة بطولة الأمم الأفريقية وبين أن يختار طواعية أن يهجر كل تلك المتع ليصارع البرد الشديد والأمطار من أجل متعة الثقافة والقراءة. فإذا بعشاق القراءة ورائحة الحبر والكتب يختارون متعتهم ويقبلون على معرض الكتاب ليؤكدوا أن مصر لا تزال بخير.

السبب الثانى الذى جعلنى كنت واثقا من كسب الرهان هو أننى من المؤمنين بأننا شعب لا يقرأ وخاصة الشباب الذين تلتهمهم السوشيال ميديا، لدرجة أنى اعتقدت- والحمدلله أننى أخطأت الاعتقاد- أنها لم تترك فى شبابنا أى بقية أمل للقراءة التقليدية، فإذا بغالبية زوار أجنحة معرض الكتاب من الشباب، وهو أمر يستحق دراسات من مراكز البحوث الاجتماعية عن كيفية مقاومة هؤلاء الشباب لكرة القدم لدرجة أنهم يفضلون عليها التجول بين أرفف الكتب لمعرفة كل ما هو جديد فى عالم المعرفة الحقيقية. ليس مهما عندى إذا كان هؤلاء الشباب قد اشتروا بالفعل الإنتاج الجديد من عصير الفكر والثقافة والأدب، فمجرد اختيارهم التواجد بين اروقة الكتب فى هذا التوقيت رسالة بالغة الدلالة أننا كثيرا ما نظلم ذلك الشباب باتهامه بعدم الاكتراث من قريب أو من بعيد بالثقافة والقراءة والكتب.. لذا لزم التنويه والاعتذار.

السبب الثالث الذى جعلنى أخوض الرهان الذى أحمد الله على خسارته هو الارتفاع الكبير فى أسعار الكتب والذى لا تخفف من حدته سوى أسعار أجنحة كتب الأزبكية، وفيها كثير من روائع الفكر بأسعار معقولة إلى حد كبير، وإن كان بعض تجار تلك النوعية من الكتب قد فطنوا لما تمثله من كنوز فرفعوا أسعارها بنسب كبيرة، لكنها تبقى مع ذلك فى حدود المعقول ولا تشطح بعيدا كالكتب الجديدة، ويبقى سور الأزبكية صاحب فضل كبير على غالبية عشاق القراءة الذين لا يجدون أية متعة بعيدا عنها.

وأخيرا فإن الشعب الذى يتحدى فصيل مهم منه البرد وإغواء الساحرة المستديرة والأسعار، جدير بأن يضرب له مليون تعظيم سلام.

[email protected]