عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عقب كل عملية يتصدى فيها الجيش وقوات الأمن بنجاح لإحباط مخطط إرهابى، أو اصطياد أوكار لإرهابيين وتكبيدهم خسائر فادحة، تبرز المناشدات والانتقادات والمطالبات من هنا وهناك، للدعوة لإتمام ما يصفونه بالمصالحة الوطنية حقنا للدماء، والتأكيد على أن الحلول الأمنية ليس بمقدورها القضاء على الإرهاب واجتثاثه، ولن تنجح فى تسهيل عودة البلاد إلى الاستقرار.

بعض من يقولون ذلك لا يعترفون أصلا أن مصر تخوض حربا شرسة ضد إرهاب أسود لا دين ولا ضمير ولا وطن له، ومدجج بدعم مادى ومعنوى إقليمى ودولى لا يستهدف أقل من تركيعها وتفتيتها، والأرتداد بها نحو الماضى المظلم كى تمسى إمارة فى دولة الخلافة المبتغاة، كما ينطلقون من مغالطة كبرى، أن جماعة الإخوان وهى المعنية بطبيعة الحال بدعوتهم لمصالحة وطنية معها، والتى تناسل من رحمها كل الجماعات التكفيرية من القاعدة إلى جبهة النصرة، ومن داعش إلى أنصار بيت المقدس وغيرها من التنظيمات التكفيرية، هى جماعة سياسية، العنف ليس مكونا عقيديا أصيلا فى حركتها وأفكارها. لاتنقصنا الأدلة على أن معظم هذه الدعوات تزور التاريخ وتتجنى على الحقيقة التى تقول إن جماعة الإخوان انشأت النظام الخاص السرى والعسكرى عام 1940 لتخوض بكوادر تحمل السلاح  معارك الصراع السياسى، وتصفية الخصوم، بل والتفاخر بذلك، كما فعل المرشد الأسبق للجماعة «مأمون الهضيبى» فى مناظرة فى معرض الكتاب فى العام 1992 حين قال «نحن نفخر ونتعبد إلى الله بأعمال الجهاز السرى»، وهو نفسه المنهج الذى استخدموه فى العام الذى قفزوا فيه إلى السلطة سعيا لما يقولون انه التمكين ولايزال ساريا حتى اليوم.

من يسوقون لتلك الدعوات  لا يبتغون وقف العنف والإرهاب – لا سمح الله - بل تقديم دعم سياسى ينقذ جماعة الإخوان من أزمة المسار الدموى الذى اختارت فيه المواجهة المسلحة لمؤسسات الدولة والمجتمع وللشعب المصرى، وقادها لهذا النفق المظلم الذى باتت تقبع فيه ،تنتظر قيادتها الجموحة المغامرة، أحكاما بالإعدام فى جرائم قتل وتجسس وخيانة واقتحام لمؤسسات الدولة ونهب لمحتوياتها المتاجرة بوثائقها!

لا أحد ممن يصيحون طوال الليل والنهار أن الحل الأمنى لا يجدى، يقول لنا ما الذى يجدى مع جيش شبه نظامى مجهز بالأسلحة  المدفعية المضادة للطائرات والدبابات والسيارات المفخخة والمدافع ال آر بى جى وسيارات الدفع الرباعى والذى فخخ الطرق المؤدية إلى كمائن الجيش والشرطة كما جرى يوم الأربعاء فى سيناء، كى يمنع الاقتراب منها، غير هذا الحل الأمنى والعسكرى، الذى برغم فقد 17 شهيدا من ضباط وجنود الجيش كبد جيش أنصار بيت المقدس، الذى لم نسمع عن طلقة واحدة  منه وجهها إلى إسرائيل ،خسائر فادحة فى الأرواح والمعدات تجاوزت مائة قتيل، فضلا عن مواصلة ملاحقة الخمسمائة إرهابى فشل مسعاهم فى احتلال مدينة الشيخ زويد. إذا لم يكن الحل الأمنى مجديا، هل كان المطلوب أن تخرج مظاهرة احتجاجية على هذا الغزو المدجج بأحدث الآليات والأسلحة الثقيلة؟، أو تتوقف المعركة الأمنية معه لكى نلقى محاضرة لوعظ هؤلاء الإرهابيين، أن ما يفعلونه خطأ شرعى؟ وما هى الوسيلة الناجحة لإيصال هذه المحاضرة الوعظية إليهم؟ وهل ندعوهم لمصالحة وفرض شروطهم لوقف إرهابهم ؟وإذا لم يكن الحل الأمنى مجديا، فلماذا ارتد الإرهاب إلى الخلف  فى المدن والقرى فى أعقاب فض اعتصامى رابعة والنهضة؟ ولماذا يبيت المواطنون آمنين غير قلقين على حياتهم وممتلكاتهم، بعد أن استرد الأمن عافيته فى أعقاب ثورة 30 يونية بعد مؤامرة هدمه فى 28 يناير 2011؟ وهل يسمح للحزب النازى فى ألمانيا، الذى تبررون بوجوده فى الساحة السياسية الألمانية، دعوتكم للمصالحة مع جماعة الإخوان، بحمل السلاح وممارسة العنف، أم ان الحل الأمنى هو ما تستخدمه السلطات الألمانية مع من يجرؤ على فعل ذلك وتقتاده للقضاء والمحاكم والسجون، هذا مع العلم ان الحزب ظل محظورا لعقود، فى أعقاب الحرب العالمية الثانية حتى استكملت ألمانيا بناء مؤسساتها التى هدمتها الحرب؟

نعم الحل الأمنى وحده لا يكفى فى حرب الإرهاب الشرسة، والذى لا يكف الرئيس «السيسى» عن وصفها بحق بأنها معركة حياة أو موت، فى مناخ  تشكله التأويلات الفاسدة للدين التى تروج لها الجماعات السلفية، الساعية لوراثة جماعة الإخوان والمتواجدة فى أحزاب النور والبناء والتنمية والأصالة والفضيلة والإصلاح وجبهة الإصلاح والجماعة الإسلامية وغيرها بالرغم من أن وجودها فى الساحة السياسية يشكل مخالفة صارخة للدستور الذى يحظر قيام أحزاب على أسس دينية ،فضلا عن أنها أحزاب لا تؤمن بشكل مبدئى بالديمقراطية، بل تعتبرها كما اعتبرها الإخوان، مرحلة انتقالية نحو التمكين و نحو تطبيق الشريعة. نعم الحل الأمنى وحده لا يكفى طالما بقيت قضية تجديد الخطاب الدينى فى يد من لا يؤمنون به، ومن يغلون يد الدولة عن أخذ خطوات جادة نحو تجديده، ومن يتعقبون كل من يسعى للاجتهاد فى هذا السبيل بتهم التكفير والملاحقة القضائية، ومن يحولون دون عمل جماعى للمؤسسات المعنية الدينية والتعليمية والثقافية لتطهير الحياة المصرية من الأفكار الظلامية المبؤة الى تمجد الموت وتحقر وتستهين بالحياة وتزدرى كل الديانات غير الإسلامية.

نعم الحل الأمنى وحده لا يكفى ليس بسبب من يبررون الإرهاب بغياب العدالة الاجتماعية وما يقولون أنه تقلص فى مساحة الحريات الديمقراطية، ومن يصفون موافقة مجلس الوزراء على قانون مكافحة الإرهاب، ومشروعات القرارات بقوانين لاختصار مراحل التقاضى فى قضايا الإرهاب وتحقيق العدالة الناجزة، بأنه عبور لقضاء استثنائى وإهدار لحقوق الإنسان، إذ لو كان الأمر كذلك فما هو تبرير الهجمات الإرهابية على مسجد للشيعة فى الكويت البلد الغنى بالنفط، وعلى منتجع للسياحة فى تونس وهى البلد التى أبهرت أمريكا والغرب بتجربتها فى احتواء الإسلامين فى نظامها الديمقراطى، وفى مصنع فى فرنسا بلد الحرية والمساواة والإخاء؟.

نعم الحل الأمنى وحده لا يكفى، لكنه ضرورى من واحد وحتى عشرة، بجانب الاصطفاف الوطنى خلف الجيش والشرطة الذى يعبر عنه المواطنون كل يوم بالتحلى بإحساس عال بالوعى والمسئولية، والاستعداد الدائم للتحمل والتضحية، كى تحيا مصر.