رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بموضوعية

المأساة التى تكشفت أبعادها منذ أيام على شبكات التواصل الاجتماعي، حول انتقال لعبة توظيف الأموال إلى العالم الافتراضي عبر تطبيقات إلكترونية، ومنها تطبيق الرمال البيضاء تستلزم التوقف والانتباه من الحكومة والمجتمع والجهات الرقابية.

وتطبيق الرمال البيضاء وحسب ما هو متداول من معلومات، هو تطبيق الكترونى ظهر منذ أقل من ثلاثة أشهر على الشبكة العنكبوتية، ويشبه لعبة التسويق الشبكى التى وقع ضحية لها الآلاف من قبل.

المهم هذا التطبيق الذى لا يعرف أحد من يقف وراءه اوهم الضحايا بتحقيق أرباح خرافية فى حالة الاشتراك، ثم دعوة أصدقائهم للاشتراك بمتوسط شخصين لكل مشترك على الأقل،

وبدأت اللعبة بمبلغ ثلاثمائة جنيه وتدرجت لتصل إلى ثلاثين ألف جنيه لكل مشترك فيما بعد، ودخل المصيدة عدة ملايين من المواطنين يقدرهم البعض بنحو ستة ملايين مصرى دفعوا نحو ٥مليارات جنيه تحت اغراءات الكسب السريع، ثم فى ليلة حالكة السواد على هؤلاء المواطنين أغلق التطبيق وتبخر من على الشبكة ليواجه كل من طمع في تحقيق أموال دون جهد حقيقة عملية النصب والاحتيال التى تعرض لها.

وعملية الرمال البيضاء لن تكون الأولى ولا الأخيرة فى مسلسل النصب الذى يتعرض له المصريون منذ سنوات طويلة، ورغم انتهاء كل عملية بمأساة إنسانية واجتماعية، فلا يريد أحد أن يتعلم وكأن هؤلاء يعيشون بذاكرة الفئران التى تدخل نفس المصيدة منذ آلاف السنين.

لذلك تضعنا هذه العملية الأخيرة أمام مجموعة من العوامل التى ترتبط بثقافة سلبية سادت وانتشرت في السنوات الأخيرة، تتعلق جميعها بفكرة الكسب السهل السريع والكبير الذى لا يقابله أى جهد أو إنتاج حقيقى، وحتى لو كان هذا المكسب على حساب المجتمع والناس والاقتصاد الوطنى.

كما تضعنا أمام حقيقة أخرى وهى أن ثمة أموالا لا تزال في أيدى المواطنين العاديين تبحث عن فرصة للاستثمار ولا تجد، وتلك ليست مشكلة الناس بصراحة بقدر ما هى مشكلة آليات العمل الاقتصادى التى تنحاز للاستهلاك على حساب الإنتاج، بعد خروج البورصة تقريبا عن دورها الطبيعى فى تعبئة مدخرات المواطنين وإعادة ضخها في مشروعات إنتاجية واضحة، تخضع قوائمها المالية للشفافية والمحاسبية من جانب جموع المساهمين.

لذلك فإن على الدولة دورا كبيرا في المرحلة القادمة، ليس لمنع تكرار عمليات النصب التى يتعرض لها المصريون بين فترة وأخرى، فهذه العمليات سوف تستمر دون شك فالنصاب في حالة نشاط طالما الطماع في حالة انتظار لمن يبيع له وهما جديدا،

لكن ما اقصده من دور الدولة فى المرحلة القادمة هو ضرورة طرح مشروعات إنتاجية كبرى على المواطنين للاكتتاب فيها، خاصة في مجالى الزراعة والصناعة، لأن اكتناز المدخرات فى البنوك ليس حلا جيدا طوال الوقت.

لدينا مساحات شاسعة من الأراضي الصحراوية التى تستلزم فتح المجال فيها أمام المواطنين للتملك والاستصلاح، وبالشروط التى تراها الدولة مناسبة لمنع عمليات تسقيع الأراضى ومنها على سبيل المثال تحديد مدة زمنية لاستصلاح وزراعة الأرض ومن لا يلتزم تسحب منه الأرض ولا يسترد ما دفعه.

إن أكثر ما يحتاج إليه الشعب الآن هو التشغيل وتوليد فرص العمل والحصول علي دخول مناسبة، في ظل موجة الغلاء والتضخم التى تجتاح العالم، ولم نر منها حتى الآن سوى قمة جبل الجليد العايم، وتحذر المؤسسات الدولية من آثار سلبية قادمة لهذه الموجة سوف تؤدى دون شك إلى المزيد من ارتفاع أسعار السلع الرئيسية، ومن ثم ليس أمامنا سوى التركيز على الإنتاج في المرحلة المقبلة، وتوفير بدائل محلية لجانب كبير مما يتم استيراده من الخارج.

نعلم ان الرقابة على هذا العالم الافتراضي باتت صعبة، ومن ثم لا نملك سوى توعية الشعب بمخاطر التورط في هذه الأعمال المشبوهة، لاسيما وأنها لا تضر المواطن الضحية فقط، بل تضر الاقتصاد المصرى بحرمانه من هذه المدخرات وتستنزف موارده الشحيحة من النقد الأجنبي، كى تذهب إلى جيوب المحتالين فى كل مكان.