رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تعود قضية الفساد ومكافحته للظهور هذه الايام مع توالي التقارير الدولية  في الصدور  حول مؤشرات الفساد في العالم.. ومنذ ايام  قليلة  كتب احد خبراء البنك الدولي تقريرا  بأن الفساد في زمن كورونا توسع وأخد اشكالا وصورا جديدة ودعا الي توحيد الجهود لمكافحته بقوة،  وهو نفس المسار الذي اتبعه صندوق النقد الدولي في تقرير مماثل.

وتقول المؤسستان «إن الحكومات حول العالم تقوم بدور أكبر في الاقتصاد من أجل مكافحة الجائحة ومد شرايين الحياة الاقتصادية للأفراد والشركات. وهذا الدور الموسع ضروري، ولكنه يؤدي أيضا إلى زيادة فرص الفساد. ولضمان التأكد من أن الأموال والإجراءات الموجهة لهذا الغرض تساعد الفئات الأشد احتياجا إليها، تحتاج الحكومات إلى تقارير تتسم بالشفافية وحسن التوقيت، وإجراءات لاحقة للتدقيق والمساءلة، وتعاون وثيق مع المجتمع المدني والقطاع الخاص».

ورغم المبادرات العالمية والاقليمية لمكافحة الفساد الا انها لم تحقق اي تقدم ملموس في مكافحة الفساد علي المستوي العالمي ولم تضع حدا لظاهرة تهريب الاموال عبر شركات وهمية ولم تحاول إجبار الملاذات الآمنة للأموال الفاسدة على الانخراط في النظام المصرفي العالمي.

وعلي مدار سنوات طويلة وبكل امكانيات  مجموعة البنك الدولي بأركانها  الخمسة، لم تستطع الا إعادة مليار دولار فقط من الاموال المنهوبة من الدول الفقيرة، وعائدات التجارة غير المشروعة في المخدرات والدعارة  وهو رقم صغير بالنسبة لهذه الاموال  مقارنه بتقديرات المجموعة ذاتها والمؤسسات المالية الدولية او   وكالات الامم المتحده المعنية الاخري.

والفساد في زمن كورونا اصبح اكثر صلابة وقوة مع غياب آليات الرقابة والمحاسبة والشفافية  فيما تم انفاقه لمواجهة هذه الجائحة التي ضربت العالم، وعدم الاعلان عن هذه المعايير وآليات تطبيقها علي ارض الواقع زاد من  شكوك المؤسسات الدولية.

ولأن الحكومات قدمت مليارات الدولارت لتعويض المتضررين من هذا الوباء  كمعونات وإعانات  مالية او  عينية او عن طريق دعم سلعي، الا أن هذه الاموال الضخمة تحتاج الي مراجعة دائمة، لضمان اولا انها ذهبت لمستحقيها والثاني ان هذه الاموال صرفت فيما خصصت له من رفع آثار الجائحة عن الناس.

وما اطرحه هو محل جدل الآن في اوساط المؤسسات المالية الدولية، وعدد كبير من المقالات والدراسات  حول الانفاق العام  الذي قدمته الحكومات لمواجهة الجائحة. والسؤال اين صرفت هذه الاموال ومن الذي استفاد منها وكيفية تقييم عملية الصرف ودور  شركاء مكافحة الفساد في مراقبة هذا الانفاق؟

القضية ان جميع الاتفاقيات الدولية والاقليمية لمكافحة الفساد والرشوة والجريمة المنظمة،  قد  طلبت من الحكومات التعاون مع شركاء في عملها، وحددتهم علي سبيل الحصر في اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد وهم  القطاع الخاص والمجتمع المدني بمفهومه الواسع  والاعلام.. واعتماد قوانين  تتيح حرية تداول المعلومات،واعتماد نهج الشفافية في كل تصرف حكومي، حتي تزيد الثقة العامة في  الاجراءات  الوقائية  لمكافحة الفساد.

والآن  يوجد اكثر من 140 دولة لديها قوانين لحرية تداول المعلومات، ومثلها لحماية الشهود والمبلغين عن الفساد،  لكنها لم  تستطع  تحقيق انتصارات مبهرة علي الفاسدين الذين اصبحوا الآن في شبكات دولية قوية  عابرة للدول، وتتحدي كل القوانين والاجراءات، وكل ما حققته قوانين حرية تداول المعلومات جعلت ضمير المجتمع اكثر قدرة علي فضح وكشف الفساد من خلال الوثائق والادلة بدلا من الاقوال المرسلة.

فالفساد كما  اكد واجمع جميع الخبراء هو العدو الاول للتنمية، ومهما فعلت الحكومات من اعمال دون وجود شفافية وعلانية في  هذه الاعمال، ستكون محل شك من المجتمع ومحلا للشائعات، وستظل حالة عدم الرضا موجودة وفقدان الثقة مستمرة، وهي الحالة التي ينشط فيها الفاسدون، ويستغلونها من خلال اطلاق عشرات الشائعات لصرف النظر عن جرائمهم التي تهدر كل انجاز علي الارض.