رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

شوفها صح

والده كان من شهداء حرب أكتوبر عام 1973 تقريباً.. لم يره.. لكن صورته المعلقة على الحائط ثابتة..اعتاد محمد أن يطيل النظر إليها ثم ينظر إلى المرآة.. ويجرى يسأل أمه أنا شبهه صحيح يا ماما؟ فترد الأم: فولة وانقسمت نصين، فيفرح.. كأن أباه يحيا مرة أخرى فى ملامحه.. فى كل مرة يكرمون فيها شهداء أكتوبر يذهب مع أمه ويتسلم شهادة التكريم بكل فخر.. يضعها تحت ابطه فى الجبهة اليمنى بالقرب من قلبه، الذى يخفق بسرعة فرحاً كان يتمنى أن يحتضنها بكلتا ذراعيه، لكن عيباً خلقياً ولد به أفقده نصف ذراعه الأيسر.

ولم يكن هذا السبب الأوحد فى عدم التحاق محمد بالخدمة العسكرية، لكنه الابن الوحيد لزوجة الشهيد إلا أنه دائماً ما يبدى علامات حزن وغضب «كان نفسى أكون زى أبويا» انتابته هذه الأيام حالة من الغضب كل يوم شهيد.. كل يوم دماء تسيل.. من أجل ماذا؟! ماذا يريدون من كل هذه الدماء؟! ولماذا أصبح العيش بسلام خارج إطار اهتمام البشر؟

اغتيال النائب العام بهذه الطريقة أدمت قلوبنا، استشهاد الضابط والجنود فى سيناء.. أمر محزن.. ولو أنه واجب وطنى.. لكن قلوب الأمهات لا تعرف المنطق.. هى تذبح عندما تفقد «الغالى» الأبناء الذين يذوقون مرارة «اليتم» لا يعوضهم عن أبيهم كنوز الدنيا وما فيها.

كان محمد قد أعد ما يشبه بياناً يتضمن حقوق ذوى الاحتياجات الخاصة التى كفلتها القوانين وابتعد عنها الواقع.. كان متولى عرضها فى ندوة ستعقد فى أحد الفنادق الكبرى بعد إفطار يحضره بعض الوزراء وكبار المسئولين والمهتمين بشئون ذوى الاحتياجات الخاصة، لكن طوى بيانه وأخذ يقلب فى صفحات جرائد متراكمة فوق سريره يطالع صور الشهداء ويقرأ ما نقل عن صرخات الأمهات ودموع الآباء وفزع الأبناء، اختلطت الحروف أمام عينيه، فقد تركيزه، لكنه أسرع إلى صورة أبيه خلعها بصعوبة من فوق الحائط المعلقة به من سنوات طويلة، وضعها بجوار صور شهداء الإرهاب.. ثم ردد عبارة تقولها أمه دائماً عندما تنظر لصورة أبيه «الدم غالى.. والتراب غالى».