عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بموضوعية

التحقيق الصحفى الممتاز الذى نشرته الزميلة سارة جمال على صفحات الوفد مؤخرا حول الأسر الشابة التى تضطر لبيع اثاثها المنزلى اما بسبب الطلاق المبكر أو تحت وطأة الضغوط الاقتصادية أو لتغيير المسكن المؤجر اضطراريا مع استمرار ارتفاع قيمة الإيجارات الجديدة هو بمثابة طلقة رصاص فى وجه المجتمع. بداية أسجل اعجابى المهنى بالزميلة لقدرتها على التقاط أحداث قد تبدو فردية لكن فى جوهرها هى عرض لمرض خطير يسرى فى جسد المجتمع وإن كان تحت سطح جلده.

وإذا كانت هذه الحوادث الفردية لم تشكل ظاهرة عامة أو كبيرة الحجم حتى الآن لكنها قد تكون كذلك فى المستقبل القريب مع استمرار تنامى ضغوط الحياة على هذه العائلات الشابة التى يبدو أنها أصبحت قليلة الحيلة أو نفذت حيلها أمام هذه الضغوط المتزايدة. ضع نفسك مكان هذا الشاب وتلك الفتاة اللذين فعلا ما بوسعهما عبر سنوات ومعهما عائلتيان كى يتزوجا ويغلق عليهما باب واحد ثم يضطرون إلى التفريط فى قطع أثاث تمثل كل منها جزءا من حلم عمرهما وكم شقيا من أجل شرائها ثم فجأة يأتى تاجر ليأخذها لتدخل ربما فى دورة زواج أسر جديدة شابة قد تتعرض هى الأخرى لنفس الظروف فتتكرر المأساة .

ضع نفسك مكان هذه النفوس التى لاتزال تتفتح للحياة وهى ترى أحلامها تزوى وتذبل ثم تموت أمام عينيها ولا تستطيع أن تنقذ هذة الأحلام. ضع نفسك مكانهما وهم يجمعون القرش فوق القرش كى يشتروا ثلاجة أو بوتاجاز أو غرفة نوم وكم استغرق ذلك من عمرهما وكدهما

ضع نفسك مكان الأب أو الأم وهم يرون أن البيت الذى ساعدوا الابن أو الابنة على تأثيثه وهو يتحطم لأسباب بعضها اجتماعى ومعظمها اقتصادى. هذه الظاهرة تذكرنا بما رصده عالم الاجتماع السياسى الراحل الدكتور سيد عويس فى دراستة المعمقة والتى صدرت بعنوان « هتاف الصامتين «والتى رصد فيها صرخات وشكاوى ومظالم المصريين التى يبعثون بها للامام الشافعى آملين أن يجدوا مخرجا

لذلك علينا التوقف كثيرا عند هذه الظاهرة ولماذا يسارع أبناؤنا ببيع ما صنعوه بالعرق والدموع من أجل الخلاص من ضغوط هى عليهم أشد واقسى. علينا التوقف ودراسة ما يجرى تحت سطح جلد المجتمع وما حادث انتحار الموظف الشاب منذ أيام إلا تعبير مأساوي عما يجرى تحت سطح جلد المجتمع لأن مثل هذه الظواهر تؤسس لأوضاع سلبية قادمة أبسطها انصراف الشباب عن الزواج وتكوين أسر جديدة هروبا من مسئوليات الحياة. الأكثر أهمية من ذلك هو ضرورة البحث عن آليات اجتماعية واقتصادية لمساعدة هذة الأسر الشابة على تجنب مثل هذا المصير البائس.

لابد من وجود مؤسسات مالية تتعامل مع هذه الحالات بمنطق الاقتصاد الاجتماعى كى تتدخل لمد يد العون لهؤلاء وتقديم قروض بفوائد ميسرة تساعدهم على تجاوز عثرات البداية.

لابد من التركيز على تدريب الشباب على اكتساب مهارات جديدة تساعدهم على زيادة دخولهم لمواجهة متطلبات الحياة التى لا ترحم. لابد من تغيير ثقافة المجتمع فى شراء أشياء لسنا فى حاجة إليها وأن تبدأ الحياة الزوجية بسيطة وغير محملة بأعباء مالية مستقبلية تدمر حياة الشاب والفتاة وتجعل من الزواج كابوسا وليس بداية حياة طبيعية كريمة.

قد تبدو الصورة قاتمة لكنى أرى أملا يلوح فى الأفق وضوءا فى نهاية النفق، ويتمثل فى التصريح الذى صدر عن الرئيس السيسى خلال جولته فى الصعيد والذى أعرب فيه عن استعداد الدولة لتقديم شقق مؤثثة بالايجار للشباب الراغب فى الزواج فهذا الحل قد يكون جيدا بالفعل لكن هل الدولة تستطيع تقديم مليون أو نصف مليون شقة مؤثثة بالايجار سنويا لنحو مليونى شاب وفتاة فى سن الزواج؟

إذا طالبنا بذلك فنحن نطلب المستحيل لذلك من المهم التفكير فى حلول أخرى بجانب هذا الحل الحكومى حلول يتبناها المجتمع، ويؤمن بها لأن ما كان يصلح للامس لم يعد صالحا اليوم. مرة أخرى احيى الزميلة سارة جمال على اجتهادها وعينها اللاقطة وأتمنى لها مستقبلا مهنيا متميزا.