رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

منذ سنوات صدر كتاب للرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، وما بين الحين والاخر أعود اليه لأفهم بعض قراراته المفاجأة. وفى الواقع هو الكتاب الأساسى والموثوق به لأى شخص يرغب فى فهم ماكرون ومستقبل فرنسا فى العالم.

 ولقد بدأ مقدمة كتابه Revolution «ثورة « بمقوله تكشف تفكيره فى اتخاذ الكثير من القرارات التى قد يراها البعض غريبة عن تصرف الرؤساء الفرنسيين وخاصة ساركوزى وهولاند، فيقول: «إن مواجهة العالم تجعلنا نستعيد الأمل».

 لنعيش معه قصة صعوده الرائع والوقت الذى قضاه فى المنصب حتى الآن، راصدا مشاكل ماكرون وانتصاراته من شعبيته المتضائلة، احتجاجات «السترات الصفراء» والاضطرابات المدنية الناتجة عنها، جهوده لتحويل فرنسا وقيادة الكفاح العالمى ضد تغير المناخ، قضية بينالا، علاقاته المتقلبة مع أنجيلا ميركل ودونالد ترامب وفلاديمير بوتين وتيريزا ماى ومستقبل المشروع الأوروبى.

ففى عشية الانتخابات الأوروبية المهمة، ومع صعود القوى القومية والشعبوية فى جميع أنحاء القارة، درس ماكرون ما إذا كان بإمكانه الحفاظ على مركز الصدارة والدفاع عن النظام الليبرالى المتعدد الأطراف ضد محور شخصيات مثل ماتيو سالفينى الإيطالى وفيكتور أوربان المجرى.

فى ثورة، يكشف إيمانويل ماكرون، أصغر رئيس فى تاريخ فرنسا، قصته الشخصية وإلهاماته ويناقش رؤيته لفرنسا ومستقبلها فى عالم جديد يمر بـ «تحول كبير» لم يشهده منذ اختراع المطبعة وعصر النهضة.

ويستترد فى المقدمة: يعتقد بعض الناس أن بلادنا تمر فى مرحلة انحطاط، إن حضارتنا تُمحى. ويتخيل البعض أن بوسع فرنسا الاستمرار فى التقهقر الهادئ. وأن لعبة التناوب على السلطة بين اليمين واليسار تكفى لكى يلتقط الفرنسيون أنفسهم. وتتكرر الوجوه والأشخاص أنفسهم، منذ سنوات طويلة.

لقد دخلنا عصراً جديداً فى العولمة الرقمية، اللامساواة المتزايدة، الخطر المناخى، النزعات العرقية الجغرافية. وهذا تحول كبير لا يمكن مواجهته بالأشخاص والأفكار ذاتها، أو بتصور العودة للوراء، او من خلال التفكير البسيط فى إصلاح أو ضبط مؤسساتنا.

علينا أن نواجه الحقيقة معاً، وأن نناقش التحولات الكبرى الجارية. الفرنسيون أكثر إدراكاً من قادتهم لمتطلبات العصر الجديد. فهم أقل امتثالاً وتعلقاً بهذه الأفكار الجاهزة التى تكفل الترف الفكرى للحياة السياسية. علينا التخلى عن عاداتنا من أننا دولة ومسؤولون.

إن أردنا التقدم نحو القرن الحادى والعشرين، علينا أن نسير ببلادنا إلى النجاح بما يتماشى مع خطنا التاريخى الصحيح.

يشدد الرئيس ماكرون على أن الحل موجود فينا، وهو لا يتعلق بلائحة من المقترحات التى لن تتحقق، كما أنه لن يخرج من رحم تسويات عرجاء، بل سينجز بفضل حلول مختلفة تفترض ثورة ديمقراطية عميقة، ويعتمد الحل على وحدتنا، وشجاعتنا، وإرادتنا المشتركة.

يؤكد الرئيس ماكرون فى كتابه «ثورة «، أن ما يقوله ليس برنامجاً، أو أياً من تلك المقترحات التى تجعل حياتنا السياسية أشبه بكتالوج من الآمال الخائبة. بل رؤيةً وسرداً وإرادةً، لأن للفرنسيين أنفسهم، إرادة غالباً ما أهملتها حكوماتهم.

ويرى الرئيس الفرنسى أن الطريق الوحيد لتطبيق «ثورة ديمقراطية»، هو أنه رشح نفسه فى انتخابات رئاسة الجمهورية الفرنسية. لأنه خيار أنسجم مع ما يريد الفرنسيون فعله. وإنه خيار فرنسا المقدامة والطموحة، التى يجب إعادة بنائها.

كتاب ماكرون شهادة مقنعة وبيان قيم من قبل زعيم سياسى مهم، أصبح حامل الراية لنوع جديد من السياسة. وترى من خلاله كيف أن قدومه إلى الإليزيه سبقه خطوات مدروسة، مدعمة بتعلم الكثير والتعرف على ثقافات شتى. وهو كتاب يستحق أن أتناول بعض تفاصيله فى مقالات أخرى.