عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

خارج السطر

 

 

 

أنا مع أى مشروع يُنير العقول ويقاوم العنف ويسعى للنهضة العلمية والمعرفية والأخلاقية.. إذًا أنا مع مشروع إبراهيم عيسى الحضارى لمقاومة التطرف وتحرير العقل وصناعة الجمال.

أعرف أن الرجل محط استهداف دائم من المتسلفنين والمتعصبين وأعضاء جمعية «لا تناقش ولا تجادل» والذين يطاردونه فى كل مكان بالشائعات والاتهامات والعبارات المقتطعة من سياقاتها لإبعاده عن الناس، أو ابعاد الناس عنه خوفا من تأثيره على التدين الكاذب للمجتمع.

وأدرك أنه يدرك أنهم (وربما معهم بعض الحاسدين له لمعانه وتحققه فى أكثر من مجال) يتربصون به وينصبون له الأفخاخ، ويحرضون ضده تارة السلطة باعتباره معارضا لها، وتارة خصوم السلطة باعتباره بوقا من أبواق السلطة.

 لكنى على أى حال، وبقدر متابعتى الطويلة لمشروعه الحضارى، فأنا منبهر بإصراره على السير فى طريقه رافضا الإنجرار لمعارك هامشية، حاشدا كل طاقاته وقدراته لمشروع كسر التطرف ومقاومة الإرهاب فكرا وعملا.

ولاشك أن الرواية الأحدث للمبدع متعدد المواهب والطلات، والتى تحمل عنوان «رصاصة فى الرأس» تنكش بعمق وجرأة فى لحظات فاصلة فى تاريخ العنف المرتبط بالإسلام السياسى فى بلادنا، وهى مرحلة تحضير العفريت ودعمه ومساندته وحمايته حتى صار غير قابلٍ للصرف.

تفتح الرواية الباب لكواليس وإرهاصات نشأة جماعة «المسلمون» أو « التكفير والهجرة» على يد شكرى مصطفى، وكيف سُمح لهذا المتطرف الموهوب بلباقته وكاريزمته أن يجمع الشباب تحت راية كفر المجتمع والناس، وبالتالى الدولة ومؤسساتها وأنظمتها والعاملين فيها، والمبدعين، وعلماء الدين، والشغيلة، وكل فرد لا يسير خلفه.

يستنطق إبراهيم عيسى الورق الرسمى والشهود ويعيد رسم الإطار الدرامى لوجع لا يُمكن نسيانه عندما وصل الحال بجماعة شكرى مصطفى أن تختطف الشيخ الذهبى وزير الأوقاف، وتطلب فدية ونشر كتاب أمير الجماعة فى الصحف خلال أربع وعشرين ساعة، ثم تقتله بالفعل فى إحدى الشقق النائية فى منطقة الهرم.

يُسأل شكرى مصطفى فى المحكمة إن كان يرى الذهبى كافرا فيجزم بذلك، ويضيف أنه يرى الدولة كلها كافرة. الذهبى كافر والحكومة كافرة وحتى أولئك الذين يصلون فى مبان وضعت عليها لافتة «مسجد»، على حد قوله.

 ولم يكن غريبا أن يلتف حوله المئات وربما الآلاف من الناس، لأن نصوص فكره التكفيرى استمدت بالفعل من كتابات وأفكار شائعة ومتداولة باسم الإسلام فى مؤسسات رسمية وعلى نطاق واسع. وهذا هو أخطر ما يقدمه الروائى فى عمله المصنوع من وقائع حقيقية أشبه بتحقيق صحفى بديع. إنه نتاج طبيعى لضحالة الثقافة، واستسهال النقل من السابقين، وعدم الاجتهاد أو تحرير العقول.

يقف إبراهيم عيسى مشمرا فى معركة الإرهاب، صلبا، متفائلا كعادته، لا يلف ولا يدور، لا يمالئ ولا يساير القطيع، لا ينشغل بسب ولعن القبح، وإنما يُحلل ويُفكك الحكاية من البدايات، ويستدعى من أراد على الورق ساعيا إلى إضاءة عتمات مواجعنا.

يقول عيسى فى إحدى أمنياته الإنسانية «كل ما أحلم به أن يُحيى الناس بعضهم فى الصباح بحرارة وبحب. وكل ما اريده أن يحمل الرفاق والأصدقاء نعوش الأحبة دامعين، ثم يتذكرونهم بعد الجنازة ويتذكرون محاسنهم.. كل ما أهفو إليه أن أمسك بيد ابنى وأوصله حتى باب المدرسة ويعود ليحكى لى ماذا قالت له المعلمة.. كل ما أسعى إليه أن يضحك الناس من قلوبهم ثم يقول أحدهم: اللهم اجعله خيرا فيكون خيرا. وكل ما أطلبه أن نصبح شعبا يليق بوطن كان عظيما. وكل ما يلح على أننى سأموت. يا ليتنى أموت مرتاح الضمير لدى ما يجزينى ربى به ولا أشعر بالخزى يوم العرض عليه».

وأنا أشاركه الأمنية.

والله أعلم.

 

[email protected]