رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

كنوز الوطن

 

بقدر ما تمنح الشاشة للفنان من نجومية بقدر ما تحرمه من أن يعرفه الناس كما يستحق، فما نراه من الفنان دائمًا الشخصية التى يجسدها والتى رسمها المؤلف حسب رغبته، وكثيرون يحصرون الفنان فيما يقدمه من شخصيات، ولا يدركون أن للفنان شخصية أخرى فى الواقع قد تكون على خلاف ما نراه على الشاشة تمامًا، واذا كانت الدراما قد حكمت على الفنان الراحل أحمد عبدالوارث أن تحصره فى أدوار بعينها فإن من تعامل معه وجد شخصية أخرى، فيها طيبة ووقار، ثقافة وموهبة، وطنية وعفة نفس، احترام وإخلاص، تواضع وحب للخير، لم يتسول يومًا العمل الفنى ولم يقدم ما يحبه بعض المنتجين من مجاملات ونفاق وربما تنازلات من أجل أن يحظى برضاهم، بل حرص أن يجعل نفسه عزيزة مهما كلفه ذلك من معاناة وبعد عن المهنة التى عشقها ولخص حياته فى خدمتها، رفض المتاجرة وتعفف عن أعمال الاسترزاق، مفضلًا البقاء بعيدًا عن الشاشة أفضل من أن يطل على الناس من خلال أعمال مبتذلة لا تقدم رسالة ولا تحمل قيمة، ولهذا فعندما توفى ترك لنا بجانب أعمالة الفنية سمعة طيبة، فلم يترك فضائح كما ترك آخرون ولم يخلف وراءه أزمات ومشاكل كما نسمع كل يوم، ربما لم استطع أن أكتب شيئًا من هذا وهو على قيد الحياة لكنى الآن أكتب مطمئنًا ألا يتهمنى البعض بالنفاق فالرجل غادرنا منذ عامين ولا يحتاج منا لشيء إلا لكلمة طيبة يستحقها.

لقد عرفته إنسانًا نبيلًا محبًا للجميع جمعتنى به صداقة من نوع خاص وكان نعم الأخ وكان دائم الاتصال بى وأتذكر أول لقاء جمعنا فى صالون ثقافى دعيت إليه فى محافظة الإسماعيلية وتعرفت عليه خلال الرحلة من القاهرة إلى الإسماعيلية برفقة مجموعة من الاصدقاء من بينهم الدكتور أحمد سليمان وآخرون، تحدثنا فى قضايا الفن والمجتمع والثقافة والفنون، فوجدته مثقفا صاحب رؤية تستحق أن تستمع اليها وفى الوقت نفسه صاحب شخصية بسيطة ساخرة، ضحكنا كثيرًا فى هذا اليوم وبعدها استمرت علاقتنا المتبادلة والاتصال والزيارات والندوات والأمسيات التى عرفتنى أكثر على الفنان الكبير أحمد عبدالوارث الذى كان يعشق مصر ويتصدى لكل ما يسيء إليها بثقافة وانتماء منقطع النظير، كان يصفها ببلد الفنون التى لن تغيب شمسها.

‏ýثقافته وموضوعيته فى تقييم الجهد جعلنى انتظر تعليقاته وملاحظاته على حلقات برنامجى لأستفيد منها وعندما كنت اغيب عنه لانشغالى كان يسارع بالاتصال والسؤال عنى فى كرم زائد ومحبة كبيرة تعودت منه عليها وما كان يسعدنى دومًا أنه كان يدعونى لجلساته الخاصة ويعتبرنى صانع الأمل.

‏ýاتفقنا على تسجيل حوار لكنوز الوطن فى منزله فى مصر الجديدة مع زوجته السيدة الفاضلة سوسن وابنائه، وقبل التسجيل بعدة ايام قال لى سأجرى عدة فحوصات طبية وبعدها سأكون جاهزا للتسجيل، ولكن القدر قال كلمته وحزنا حزنا شديدا لفراقه، لكنها الدنيا الفانية، غادرنا أحمد عبدالوارث بعد ان قدم أكثر من ١٥١ عملا دراميًا ومسرحيًا ليس فيها ما يسيء إليه أو يخجل منه، ومن هذه الأعمال أفلام أبرزها «وش إجرام، الصديقان، المشخصاتى 2، كيدهن عظيم أبوكرتونة، اسكندرية ليه؟، اشتباه، خمسة فى الجحيم»، ومسلسلات منها: «رحلة المليون، قصة الأمس»، محمد رسول الله، الشوارع الخلفية، صيام صيام.

بقى أن أحمد عبدالوارث دفعة نجوم عمالقة فى المعهد العالى للفنون المسرحية مثل الفنانين الراحلين نور الشريف وأحمد زكى وعفاف شعيب وآخرين من نجوم الفن المصرى وظلت علاقته بهم طيبة.

وإنسانيته وحبه للجميع جعلا زملاءه ينتخبونه لأكثر من دور فى نقابة الممثلين.. تزوج الفنانة الراحلة سعاد نصر وأنجب منها فيروز، وطارق، ثم انفصل عنها وتزوج سوسن وأنجب منها ابنتين هما: آلاء، وميران.

رحم الله احمد عبدالوارث صاحب الرسالة الهادئة.