عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بهدوء

 

 

 

عن واقع الأستاذ الجامعى يكون الحديث ذو شجون، لأنه حديث عن نفسى وعن زملائى، فالواقع أن حال الأستاذ الجامعى لا يسر على الإطلاق، حيث يعيش معظم أساتذة الجامعة فى وضع مادى متدنى، باستثناء من سافر إعارة إلى الخارج أو من له مكاتب استشارية أو عيادات خاصة ومستشفيات، وهذا عدد قليل يخص عددًا محددًا من الكليات العملية، أما الكثرة أو الغالبية العظمى تستنزف رواتبهم فى الدروس الخصوصية لأبنائهم، ويعانون مثله مثل بقية أفراد الشعب متاعب جمة فى توفير احتياجات الحياة اليومية، وفى الصرف على أسرهم، وتتحول هذه المعاناة لدى البعض إلى مشكلة كبيرة فلم يعد بعض أعضاء هيئة التدريس يؤمنون بدورهم فى البحث العلمى، فضلا عن عجز بعضهم فى الاستمرار بسبب الانقطاع الكامل عن القراءة والاطلاع والبحث، وارتضى البعض الآخر دور الدكتور الموظف الذى يذهب للجامعة لإعطاء المحاضرات من معلومات عفا عليها الزمن، لأنه كف عن القراءة والاطلاع والمتابعة منذ أمد بعيد، وهناك من عاش فى حالة إحباط مستمرة فلم يقم بإجراء أى أبحاث ولا دراسات، وخرج على المعاش مدرسًا أو أستاذًا مساعدًا متفرغًا.

ومن جانب آخر يشكل أساتذة كلية الطب ما يصل إلى نصف عدد أساتذة الجامعة، وما لا يقل عن نصفهم منشغلون بعملهم الخاص ومستشفياتهم، وهناك منهم لا يدخل الجامعة إلا لمامًا، ويشكلون عبئا كبيرًا على ميزانية الجامعة، لأنهم لا يؤدون عملًا حقيقيًا بالجامعة، ويتقاضون رواتبهم التى تبدو هزيلة بالنسبة لدخولهم فى العمل الخاص، ولكنهم لا يترفعون عنها، وتمثل كليات العلوم بالجامعات الكلية الأعلى والأرفع من حيث الانتاج العلمى والبحث، وهى كلية تمثل عصب الجامعات المصرية فى رفع تصنيف الجامعة، وللأسف أن هذه الكلية لا تلقى تقديرها المستحق فى المجتمع المصرى، أما عن المناصب الإدارية بالجامعة فيتقاتل عليها الأساتذة قتالا مريرا، فيقومون بشكوى بعضهم البعض، وتشويه بعضهم البعض، وذلك من أجل الحصول على المنصب، وإذا ادعى بعضهم أن يسعى إلى خدمة البلد، فهذا أمر مشكوك فيه لأن معظمهم يبحثون عن المجد والمال والشهرة، فلم نجد واحدا منهم تولى منصبه واستغنى عن مكتسبات المنصب المالية أو تبرع به لصندوق تحيا مصر.

 وحين يتولون المناصب يتكالبون على المال، ويعتقدون أن الإعلام وسيلتهم هم لكى يخرجوا علينا كل يوم يطنطنوا بإنجازاتهم البهية، ويستنكروا أى نقد لهم، ويهتزون من أى نشر إعلامى عليهم،أو على المؤسسات التى يديرونها، وكأنهم خارج دائرة المساءلة، ويبطشون بمن يخالفهم الرأى، وكأن الجامعة أصبحت عزبة خاصة لهم ولمحاسبيهم، ويتحدثون عن جامعاتهم أنها أصبحت عالمية، وتصنيف مصر العلمى كاشف لكل الأكاذيب، وأصبحنا فى الجامعة نسأل من وراء هذا المسئول أو ذاك فى تولى المنصب، ومن يسانده، ولا نسأل عن قيمة المسئول العلمية والإدارية، ففلسفة تولى المناصب هى لأهل الثقة والولاء وليس أهل الكفاءة، وانتهى الأمر إلى تراجع دور أستاذ الجامعة صاحب الدور والأثر فى المجتمع.

  وبالمقابل فإن أستاذ الجامعة المثال، هو أستاذ الجامعة صاحب الدور والرسالة، الأستاذ صانع الوعى ومشكل العقول، وصانع العلماء، رسالة هذا الأستاذ هى البحث العلمى المستمر، والاطلاع على كل جديد فى تخصصه، وفى التخصصات البينية التى تخدم تخصصه، هو مهموم بقضايا وطنه ومشكلاته يبحث لها عن حلول جذرية لها، سواء كانت مشكلات علمية أو بيئية أو مجتمعية، لأنه يعى دور البحث العلمى ورسالته فى خدمة مجتمعه، وخدمة الإنسانية، يسعى من خلال الدراسات العليا فى تكوين مدرسة علمية رصينة تكون امتدادًا لفكره وتوجهاته العلمية، وكان لمصر مدارسها العلمية فى كافة المجالات التى كانت تفخر بها وبعلمائها، والآن غابت هذه المدارس، وأصبحت العقول المتفردة تغرد بمجهودها الذاتى، وهى تحت الحصار فى الجامعات، ومنهم من يهاجر من وطنه، وبعضهم علمتهم مصر فى أعرق جامعات العالم.

  ومن جانب آخر فإن دور الأستاذ التعليمى شديد الأهمية، لأنه الدور الذى يصنع فيه عقول المستقبل يعلمهم ويشكل وعيهم ويربيهم، فهم أجيال المستقبل التى يقع عليها أن تحمل رسالة الوطن وتبنى وتعمر وتداوى، هنا ينبغى أن يكون الأستاذ هو صاحب الدور والرسالة المهمة، هو القدوة التى يقتدى بها الشباب، وهو لن يستطيع أن يعلمهم جيدا إلا بعكوفه على تعليم نفسه وتطويرها، فأين نحن من كل هذا؟.