عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

قلم صدق

 

 

 

أسرتني صورة علي موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» لامرأة تحمل فوق رأسها قفصًا تبيع فيه خضارًا، تجاوز عمرها أضعاف سن شباب في عمر الزهور، تتنطع علي المقاهي، مدعية أو زاعمة ندرة العمل، وهو ما ينافي عقيدتي منذ صغري، بأن العمل موجود طالما وجد الإنسان، وهو ما أخذته عن رجل مسن عملت معه فى سن صغيرة من عمري، وأظنه اليوم في دار الحق، حيث نصحني قائلا لي: «يا أيمن يا ابني متقلقش الشغل عمره ماهيخلص طول ما إحنا موجودين»، ثم ترسخت المقولة حتي أصبحت عقيدة لدى باحتكاك الحياة وبقوله تعالي «وما من دابة إلا علي الله رزقها».

 لذلك أمقت الشاب الذي أراه فارغًا، ليس لديه شيء من عمل الدنيا ولا من عمل الآخرة، كما كان يقول عبدالله بن مسعود، متحججًا بأن هذا العمل لا يناسبه، ولا يناسب مكانته الاجتماعية.. ولا ذاك لتعبه وبهدلته، فأقول له لقد خلق الله لكل فئة عمل يناسبها، وإذا كان الشغل مجهدة فإن الفراغ مفسدة، وغبار العمل ولا برفان البطالة.  ويكفِى لك أيها الشاب أن تدق الباب أو تطل بوجهك من النافذة أخذًا بالأسباب، ولا حاجة بك إلى كثرة الحجج والمكر حتي يأتيك عملك، فسهولة الحصول علي عمل لك، لا تجاوز يقينا عمل السيدة مريم فى مخاضها وهو "وهزى إليك بجزع النخلة تساقط عليك رطبًا جنيًا".

وليس حقًا أن نرى المقاهي حبلي بالشباب، متكئين علي قولة "البلد مافيهاش شغل".. فلماذا إذًا نتهم المقاهي- وهى بريئة كما فى المثل من دم ابن يعقوب- بأنها انعكاس علي ندرة العمل، ورمز البطالة فى البلد.. حيث حولها الشباب لملتقي الكسالى، فتجاوزت دورها كتجمع لتناول نشاط سياسي أو ثقافي أو فنى أو أدبى موازٍ لدورها الأساسي وهو الاجتماعى. فقد شهد مقهى مثل «متاتيا»الذي يعود تاريخ إنشائه إلى عام 1797، الخطاب الأول للمصلح جمال  الدين الأفغاني، وفيه جرى تأسيس أول حزب مصري، «الحزب الوطني الحر»، وارتاده الشيخ محمد عبده وسعد زغلول وعبد الله النديم وأحمد شوقي وعباس العقاد والمازني، ومقهي «الفيشاوي»، الواقع في الحسين، الذى ذاع صيته بأنه ملتقى رواد الفن والثقافة والأدب، مثل جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده، وعميد الأدب العربي نجيب محفوظ.. ومقهى «الزهراء» الذي أطلق عليه مجازاً «قهوة المشايخ» نسبة إلى مرتاديه من القراء والمنشدين المبتهلين أمثال النقشبندي ونصر الدين طوبار، والعالم الكيميائي أحمد زويل، ولا يخفى عنا مقهى ريش الواقع في شارع طلعت حرب في وسط البلد، ويعود تاريخ إنشائه إلى عام 1908، وكان شاهداً على دور المقاهي المهم، الذي وصل إلى تفجير ثورة 1919 حين كان ملتقى زعمائها.

* ****

فدعوتى للشباب هى ابدء، ثم غير للأحسن، ثم ارتقى، ثم اكبر، فإن العمل موجود طالما وجد الإنسان، فالفم يحتاج اللقمة، والجسم تنقصه السترة، والمريض تشفيه الحقنة، والبرد يلزمه كوفرته، والبعد تقربه مواصلة، والإنسان للإنسان دائما فى حوجة، لذلك لا ينقطع العمل.