رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بموضوعية

عندما سئل مهاتير محمد صانع معجزة ماليزيا الاقتصادية عن النظام الاقتصادى الذى طبقه للنهوض ببلاده أجاب قائلاً «لم نتوقف كثيراً عند مسمى ما نطبقة ليس مهماً لون القط لكن المهم أن يعرف كيف يصطاد الفئران».

هذه الإجابة فى اعتقادى لخصت ملامح الطريق الثالث الذى اتبعته العديد من الدول النامية لكسر حالة الفقر والتخلف التى تعانيها شعوبها فلم يكن مهماً الاختيار بين النظام الرأسمالى أو النظام الاشتراكى بل كان المهم هو النتيجة على الأرض لما يتم اتخاذه من إجراءات فلا الرأسمالية فى حد ذاتها تضمن الرفاه ولا الاشتراكية فى حد ذاتها تضمن العدالة الاجتماعية، فلكل بلد ظروفه ولكل تجربة مناخها العام. أقول ذلك بمناسبة المعركة الحامية الدائرة الآن التى فجرتها تصريحات رجل الأعمال المهندس نجيب ساويرس بشأن ما اعتبره تضييقاً على القطاع الخاص.

وأنا هنا لا أتبنى رؤية نجيب ساويرس ولا أدافع عن الحكومة التى قال رئيس وزرائها قبل أيام إن الدولة كانت مضطرة للتدخل فى السوق بعد إحجام القطاع الخاص عن ضخ استثمارات جديدة منذ أحداث ثورة يناير بسبب ظروف الفوضى والاضطراب التى عاشتها البلاد.. أنا فقط أناقش النتائج على الأرض التى تؤكد جميعها أن ثمة تحسناً طرأ على مؤشرات الاقتصاد الكلى فى السنوات الأخيرة رغم الغلاء والتضخم وتراجع الدخول.

هذا التحسن لم يكن سيحدث لولا التدخل الكبير من جانب الدولة فى العملية الاقتصادية خاصة إنشاء المشاريع الكبرى التى وفرت ملايين فرص العمل وأتاحت دخولاً لفئات كانت ستتعرض لمحنة لولا تنفيذ هذه المشاريع، كما أن حالة الاضطراب والفوضى التى أعقبت ثورة يناير كانت ستدفع دون شك إلى انكماش أعمال القطاع الخاص نتيجة ضبابية الرؤية وانخفاض منسوب الأمن فى تلك الفترة حيث كانت شاحنات البضائع والمواد الخام الذاهبة للمصانع أو الموانئ يتم السطو عليها فى وضح النهار وبالتالى كانت ستتراجع معدلات التوظيف وما يتبع ذلك من فقر واضطرابات اجتماعية لم تكن مصر مستعدة لتحملها وبالتالى كان تدخل الدولة أمراً لا مفر منه ولم يكن رفاهية ولم يكن تكويشاً أو رغبة فى طرد القطاع الخاص من الملعب.

بل بالعكس حصل القطاع الخاص على فرصته الكبرى عندما أسندت إليه الدولة تنفيذ العديد من المشاريع سواء فى العاصمة الإدارية وبقية المدن الجديدة أو فى مجالات النقل والكهرباء والاتصالات وغيرها فقد نجح القطاع الخاص المصرى فى الاختبار وأصبحت شركاته تمتلك حالياً خبرة ومعرفة وتكنولوجيا فى مجالات جديدة واستطاعت هذه الشركات شراء معدات لم تكن تحلم بامتلاكها من قبل وأصبحت مؤهلة للمنافسة على مشاريع إعادة الإعمار فى ليبيا والعراق وقريباً سوريا بفضل هذه الخبرة والمعدات الحديثة.

كما أن تدخل الدولة نجح فى إضافة قدرات وطاقات إنتاجية جديدة للاقتصاد الوطنى سواء فى المجال الزراعى بعد إنجاز مشروع الدلتا الجديدة أو فى المجال الصناعى، ومن ثم فإن هذه الطاقات الجديدة ستسهم دون شك فى تعزيز القدرة على النمو فى السنوات القادمة.

ونأتى للنقطة الأهم ونتخيل ماذا كان سيحدث لو لم تتدخل الدولة وحدثت جائحة كورونا ولم تكن الحكومة تمتلك هذه القدرات والآليات التى ساعدتها على صد أزمة كبرى عانى ولا يزال من جرائها الجميع.

المؤكد أن الاقتصاد المصرى صمد فى وجه الأزمة ومن توقفت أعمالهم مؤقتاً عوضتهم الدولة مالياً، وحافظ البنك المركزى على حيوية الأسواق عبر مبادرات عديدة وحققنا معدلات نمو إيجابية رغم الانكماش الذى طال اقتصاديات راسخة. تخيلوا السيناريو البديل لو لم تكن يد الدولة قادرة على الحركة والوصول إلى المناطق الضعيفة لمساندتها.

القضية ليست حكومة أو قطاعاً خاصاً فالطرفان ليسا فى مواجهة أو أن أحدهما بديل للآخر القضية هى كيف نحرز نمواً اقتصادياً يوفر حياة كريمة للملايين عبر فرصة عمل ذات دخل مناسب وخدمات جيدة بتكلفة معقولة.