رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

الكارثة أن يعبث بالدستور من يفترض حمايته للدستور

الاختلاف بموضوعية واحترام هو السند الحقيقي للدولة وللرئيس

في خطابه الأخير حدد الرئيس السيسي الركائز التي تضمن استمرار بقاء الدولة والتي يؤدي هدمها أو العبث بها إلي انهيار الدولة وذكر انها الدستور والسلطة التشريعية والسلطة القضائية والسلطة التنفيذية.

ونبه إلي ان المؤامرات لهدم الدولة المصرية لم تتوقف، وان قوي التآمر هدفها ان تسقط الدولة المصرية لتلحق بدول عربية تمكنت المؤامرات من هدمها.

وفي دعوته للتنبه للمؤامرات، والاصطفاف الوطني لدحر هذه المؤامرات أكد سيادته ان الشعب هو القادر علي ان يتصدي لمثل هذه المؤامرات ويجهضها وأنه وهو يقف صامدا في مواجهة هذه المؤامرات، وفي نفس الوقت يبذل قصاري جهده لإنقاذ الوطن ويسابق الزمن لنهضته لا يستطيع ان ينجح في هذه المهام الجسام وحده وان كل نجاح مرهون بمؤازرة حقيقية وقوية من الشعب.

الاختلاف المحترم يدعم الدولة

ولانني أؤمن بأن الرئيس حدد بدقة المخاطر التي تهدد الدولة والقوي القادرة علي إجهاض هذه المحاولات والبناء في نفس الوقت. ولانني أؤمن أيضا بالمثل العربي الشهير صديقك من صدقك (بفتح الصاد والدال) لا من صدّقك (بتشديد الدال وفتح القاف) فانني أطالب الرئيس بأن يتسع صدره ليستمع إلي أصوات كثيرة تنتقد ممارسات عديدة لأجهزة ومؤسسات الحكم، وتلتزم - أي هذه الأصوات - بالموضوعية والبعد عن الإسفاف وإطلاق الاتهامات المرسلة، فهذه الأصوات تمثل إضاءة حقيقية تكشف الألغام الكثيرة التي يمتلئ بها الطريق للحفاظ علي الدولة وللبناء.

وهذه الأصوات يا سيادة الرئيس هي السند الحقيقي لكل جهد يبذل للحفاظ علي الوطن. وأدعوه مخلصا إلي أن يرفض تماما الاستماع إلي أصوات وصيحات كتائب النفاق، وأدعوه إلي مراجعة التاريخ القريب والبعيد لأصحاب هذه الأصوات.

وسوف يكتشف ببساطة ان أصحاب هذه الأصوات كانوا في كل عهد سبق أعلي الأصوات التي تنافق كل حاكم وتتهجم بوقاحة علي كل من يجرؤ علي النطق بكلمة يرون انها قد تغضب سيدهم المتربع علي عرش الحكم. هؤلاء يا سيادة الرئيس هم فئران السفن التي تهرب من أي سفينة إذا شعروا أنها توشك أن تغرق.

في خطابك الأخير رأيتك غاضبا وسمعت عباراتك المعبرة عن هذا الغضب بعبارات لم أعهدها من قبل في خطاباتك السابقة.

غضب الرئيس لاستنهاض الهمم

من جانبي لم تفزعني هذه الغضبة - رغم أنها أصابت كثيرين بالفزع - ذلك أنني أدركت ان هذا الغضب حركته وراكمته مشاعر إنسانية طبيعية يشعر بها كل إنسان يبذل أقصي طاقة ممكنة وبإخلاص وطني لا تشوبه شائبة عندما يمتلئ القضاء بأصوات تنكر هذا الجهد وتهيل التراب علي إنجازات لا ينكرها منصف.

قدّرت أن غضبك صيحة استغاثة تستنهض بها همة الشعب الذي تريده بكل اتجاهاته ظهيرا لهذه الإنجازات، وتحرض الشعب علي ان يستمر في مؤازرة خطواتك سواء في مجال التصدي للمؤامرات الرامية لهدم الدولة أو للمشاركة الجادة في ورشة البناء الكبري التي تشهدها مناطق عديدة بالوطن.

بهذا الفهم - يا سيادة الرئيس - أري ان واجب كل وطني مخلص عليه أن يساهم بالجهد الذي يحسنه في الجهد المبذول للبناء وللتصدي للمؤامرات التي تحاك ضد الوطن.

واتصور ان كل صاحب قلم مطالب بان يصارح الرئيس برأيه في كل هذه الأمور، علي ان يلتزم بالموضوعية في عرضه للأمور وان يتعامل بكل الاحترام والتقدير مع الجميع حتي من يراهم يرتكبون الأخطاء. الالتزام بأدب الحوار ضرورة لان هذا الالتزام بالموضوعية وأدب الحوار واحترام الاختلاف هو الطريق الوحيد لكسب ثقة الجماهير واحترامها.

حالة صارخة للعبث بالدستور

من هذا المنطلق - يا سيادة الرئيس - توقفت طويلا أمام تأكيدات علي ان «العبث بالدستور» من المعارك التي تساهم في هدم الدولة.

وإذا كان عبث المواطن العادي بالدستور أمراً مرفوضا وخطأ لابد من محاسبة من يرتكبه، فإن العبث بالدستور ممن أقسم علي الالتزام به نصا وروحا يصبح خطيئة كبري وتهديداً لاستقرار وثبات الدولة يصل إلي حد المساهمة الفعلية في عملية هدم الدولة.

وحتي لا تنصرف الأذهان إلي أبعد مما قصدت، أؤكد انني أعني حالات معينة شارك فيها أعضاء بمجلس النواب وشاركتهم الحكومة في تحدٍ صارخ ومستفز لمواد في الدستور واضحة وضوح الشمس ولا تقبل أي تفسير يحاول الالتفاف عليها.

أقصد يا سيادة الرئيس - حالتين بالتحديد. أولاهما تحدي المادة 103 من الدستور ونصها الذي يقطع بحسم بعدم السماح بالجمع بين عضوية المجلس وشغل موقع وظيفي ونص المادة القاطع المانع يقول: «يتفرغ عضو مجلس النواب لمهام العضوية، ويحتفظ له بوظيفته أو عمله وفقا للقانون» هذا هو نص المادة - يا سيادة الرئيس - والتي يفترض ان يحترمها الأعضاء جميعا وان تلتزم الحكومة بتنفيذها علي موظفيها أو العاملين بمؤسسات وشركات القطاع العام وما في حكمها.

وحتي الآن - يا سيادة الرئيس - ورغم مرور الشهور علي بدء أعضاء مجلس النواب ممارسة مهامهم، لم يزل هناك عدد من أعضاء المجلس يتحدون هذه المادة الصريحة في الدستور ويجمعون بين عضوية المجلس ووظائفهم؟!! فلا المجلس تحرك لتطبيق الدستور علي هؤلاء، ولا الحكومة تحركت تجاه الموظفين والعاملين بها أو بشركات القطاع العام وما في حكمها لتنهي ممارستهم للعمل بهذه الشركات والمؤسسات.

ويضاعف من شذوذ هذه الأوضاع أن بعض هؤلاء يسربون أخبارا تؤكد انهم «مستثنون» من هذه المادة الدستورية، لأنهم يستندون إلي مؤازرة أغلبية نيابية تدعمهم! وأن هذه الأغلبية تستمد قوتها من كونها منحازة للرئيس؟!

يا سيادة الرئيس أي حديث عن كتلة معينة أو ائتلاف يدعي انه يدعمك أو يدعم الوطن يعني بمفهوم المخالفة ان باقي الأعضاء لا يدعمونك ولا يدعمون الوطن؟!

هذا الوضع - يا سيادة الرئيس - يعطي قوي التآمر علي الوطن سلاحا قويا يستخدمونه في الترويج لدعاوي خطيرة تقول ان مؤسسات الدولة لا تحترم الدستور وتخالفه بطريقة مستفزة، وتتحدي مشاعر المواطنين الذين يؤمنون بنفس المنطق الذي تحدثت به في خطابك الأخير وأنت تعلن ان من أخطر معاول هدم الدولة «العبث بالدستور».

يا سيادة الرئيس.. لقد كتب كثيرون عن هذا العبث الخطير والمستفز بالدستور، وصمتت كل الجهات والمؤسسات المعنية فلا هي قدمت تفسيرا لهذا العبث ولا هي انهت هذه الحالة العبثية.

فهل تنكر علي الجماهير يا سيادة الرئيس أن تصدق الهمسات المسمومة التي يروجها المتآمرون والتي تتحدث عن عبث سلطات الحكم بالدستور؟! ويقدمون للجماهير مثل هذه التصرفات كدليل مادي ملموس يعزز هذه الشائعات؟!!

يا سيادة الرئيس حضّ الدولة بانهاء أي مظهر من مظاهر العبث بالدستور حتي لا يجد المتآمرون علي الدولة دليلا ماديا يعزز دعاواهم.

وأؤكد لك يا سيادة الرئيس أن ثقة الجماهير تتعزز بالمواقف الحازمة التي ترفض أمثال هذه التصرفات التي تعبث بالدستور. وان الجماهير لا يساورها أدني شك في وطنيتك وإخلاصك وأنها - أي الجماهير - تقدر كل التقدير الجهد الذي تبذله وتعلم علم اليقين نزاهتك الشخصية التي لا تشوبها شائبة.

تبقي ان تعني عناية فائقة بمثل هذه التصرفات التي إذا تركت فان كل يوم يمر دون التصدي لها ووقف عبثها بالدستور تنشئ حالة من الإحباط القوي لدي الجماهير.