رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

فى تصورى – ولعلى لست مبالغًا أو متحيزًا – أن آبى أحمد رئيس الوزراء الاثيوبى باع الوهم لأبناء وطنه، وانه قد يكون القاطرة التى تقود الوطن هناك إلى التفتت.. ورغم أن مظهر الرجل قد يكون خادعا لدرجة أننا قد نتصور أنه بحق يستحق جائزة نوبل للسلام لو أن الأمور تؤخذ على هذا النحو، إلا أن ممارسته للسلطة كشفت غير ذلك، فأبى أحمد يعطيك انطباعا بأنه من أنصار الحوار والانخراط السلمى فى العلاقات سواء الداخلية أم الخارجية، فى حين أنه على أرض الواقع يميل إلى النبرات الزاعقة فى السياسة والتى تصل إلى قرع طبول الحرب على «الفاضية والمليانة»! ولعل ذلك يفسر لنا ما تعيشه وتحياه أثيوبيا حاليا من حرب قد تقضى على الأخضر واليابس فى البلاد وقد تمتد تأثيراتها لتشعل وتهدد استقرار القرن الأفريقى بأكمله. 

عندما أتأمل سياسات ومواقف آبى أحمد تستدعى ذاكرتى على الفور شخصية سعيد الصحاف وزير الإعلام العراقى فى نظام صدام والذى علا كعبه خلال الغزو الأمريكى للعراق حيث كان يطل علينا بشكل شبه يومى ليقدم لنا الوهم بشأن قدرة نظام بلاده على دحر «العلوج» الأمريكان بكل يسر وسهولة إلى أن كانت الكارثة التى ما زلنا نحيا كوابيسها ممثلة فى الحالة المزرية التى وصل اليها العراق الآن. 

بعيدا عن تشابكات وتعقيدات الأزمة العراقية، فهذا ليس موضوعنا، فإن عنتريات آبى أحمد ربما لا تختلف كثيرا عن عنتريات الصحاف، فصاحب نوبل، والتى يبدو أن ادارة الجائزة انتابها قدر من العمى أو ضعف الرؤية عندما منحته إياها، راح مثلا على صعيد إدارته لأزمة سد النهضة مع مصر يفاجئنا بقدرة بلاده على خوض معركة لا هوادة فيها مع مصر، مؤكدا أنه «اذا كانت هناك حاجة إلى خوض حرب حول سد النهضة فإن بلاده مستعدة لحشد مليون شخص» بل وراح يتيه بقدرة بلاده مؤكدا أنه « اذا تسنى للبعض اطلاق صاروخ فيمكن لآخرين استخدام قنابل». ومن الغريب أن تصريحات مثل تلك جاءت مباشرة قبل لقاء كان من المفترض أن يجمعه مع الرئيس السيسى فى قمة أفريقية روسية فى مدينة شوتشى الروسية. 

النتيجة التى قد يؤدى اليها مثل هذا التصريح انه ربما يتسبب فى خوف الخصم وإشعار الآخرين بقدرات اثيوبيا الخارقة والتى يمكن لها أن توقف مصر – حال حدوث حرب لم تلوح بها القاهرة من قريب أو من بعيد على طول فترة الأزمة – عند حدها. 

اللهم لا شماتة ولكن محاولة لرصد الأوضاع والمواقف بأثر رجعي، ربما تنبئنا بأن قوة أثيوبيا التى لوح بها آبى أحمد ليست سوى قوة نمر من ورق! ليس هذا رأيا وإنما هو رصد لواقع تكشفه تطورات الأوضاع فى الحرب المشتعلة داخل أثيوبيا بين جبهة تحرير تيجراى وحلفائها ضد النظام الأثيوبى والتى تهدف إلى الإطاحة بأحمد! فرئيس الوزراء الأثيوبى او «صحاف» أثيوبيا بمعنى أصح، وفى مواجهة الزحف المتواصل من خصومه والذى يكاد أن يصل إلى العاصمة أديس أبابا، راح يدعو المواطنين إلى حمل السلاح للتصدى لزحف مقاتلى التيجراي، ليس ذلك فقط بل إن «آبى الصحاف» حث المواطنين على تنظيم أنفسهم بأى طريقة قانونية وحمل أى سلاح – لا حظ أى سلاح حتى ولو مطاوى قرن غزال! –من أجل التصدى والقضاء على جبهة تحرى تيجراى.

لعلك تتساءل أين الجيش العرمرم الذى كان آبى أحمد يلوح سواء فى مواجهة الخارج أو خصومه فى الداخل. بغض النظر عما إذا كان ذلك تصوره الحقيقى لقدراته أم أنها كانت مناورة فالنتيجة واحدة.. ليست تلك محاولة للنظر للأزمة الأثيوبية من زاويتها الأساسية ولكنها محاولة لرصد رعونة قائد أو مسئول للبلاد فى لحظة حرجة من تاريخها أودت بها إلى تلك الحالة المزرية والتى لا شك أنها قد تتفاقم فى المقبل من الآيام!

[email protected]