رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الجمهورية الجديدة

«رصاصات عشوائية تثير الذعر فى كل مكان ضحاياها بالجملة.. قذائف لا تفرق بين مدنى وعسكرى، أو صغير وكبير، أو رجل وامرأة.. قُطاع طُرق وجماعات مسلحة يستحلون الأموال، ويستبيحون الأعراض.. مسلحون يستوقفون سيارة ويختطفون امرأة من بين زوجها وأبنائها ويتناوبون الاعتداء عليها أمام أعينهم تحت تهديد السلاح فى وضح النهار.. خارج على القانون يشعل النار فى عقار رفض أصحابه دفع الإتاوة الشهرية له.. بلطجى يختطف طفلًا من حضن والدته ويساوم أهله على فدية.. إرهابى يرتدى حزامًا ناسفًا يفجر نفسه بأحد المراكز التجارية والضحايا بالآلاف.. أطفال مشردون فى مخيمات اللاجئين بلا هوية ولا تعليم».. قصص مؤلمة ومُرعبة جالت بخاطرى، وشرد فيها ذهنى لثوان معدودة، تخيلت أننى أعيش هذه الأجواء الصعبة حالكة السواد، بينما كنت أتنقل بين القنوات الإخبارية، حيث باتت تقاريرها لا تخلو من هذه المشاهد، التى أصبحت واقعًا تعيشه الآن العديد من دول المنطقة، بعدما حيكت ضدها المؤامرات، وسقطت فى براثن المخططات، فأصبحت كغثاء السيل، مُنتهكة ومستباحة ومخترقة، منزوعة السيادة.

استفقت من شرودى، وقفت أدير وجهى فى المكان حولى، محدقًا فى كل ما يحيطنى، واضعًا كلتا يدى على رأسى، وقلبى قد ازدادت نبضاته، وأنفاسى أصبحت مُتسارعة، بعد أن تملكنى الخوف والذعر والهلع، ووجدتنى أردد «الحمد لله على نعمة الدولة».

هل سألت نفسك للحظة واحدة ذات يوم: ماذا كان مصيرك إذا كنت تعيش «بلا دولة؟.. بلا مؤسسات؟.. بلا جيش؟.. بلا شرطة؟.. بلا قضاء؟...»، أعتقد أن الإجابة على مثل هذا السؤال «سوداء» ومعروفة وصادمة ومزعجة، ولا تحتاج إلى مزيد من التوضيح.

أعلم أن الظروف المعيشية صعبة، لكن إذا نظرنا إلى أهوال ما يحدث فى العديد من الدول المحيطة من خراب ودمار وتقسيمات، وتدخلات عسكرية خارجية، أيهما نختار ما يعيشونه أم ما نعيشه؟، ما يواجهونه أم ما نواجهه؟.. رغم حجم ما نتكبده من مشقة، وأعباء مالية، إلا أننا سنجد أن ما نحن فيه هو رفاهية تحسدنا عليها شعوب هذه الدول، ولو لم يتبق لنا من النعم سوى نعمة الأمن والأمان والاستقرار فهى تكفينا.

أنظر إلى أول مطلب طلبه سيدنا إبراهيم من الله عز وجل «وَإِذْ قَالَ إبراهيم رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا».. إذا فقدنا الأمن والأمان فقدنا كل شيء، وسيطر علينا الخوف والذُعر، لن نهنأ بطعام ولا شراب ولا نوم ولا...، وبالتالى كان الهدف الأهم قبل الانطلاق نحو بناء الجمهورية الجديدة، بعد الفترة العصيبة التى مرت بها مصر عقب ثورتين، هو إعادة الاستقرار وحفظ الأمن، وهو ما دفع الدولة لاتخاذ العديد من التدابير لتحقيق هذه الغاية المنشودة، وفى مقدمة هذه الإجراءات فرض حالة الطوارئ، التى قررت القيادة السياسية إلغاء مدها بعدما زال سبب تواجدها، فى رسالة للعالم باستقرار مصر ويقظة جيشها وشرطتها.

لقد عبرت مصر مرحلة صعبة بفضل تكاتف الجميع، وأصبحت واحة للأمن والاستقرار فى المنطقة، وانتصرت مؤسساتنا الوطنية على الإرهاب الأسود الغاشم، وانطلقنا بقوة نحو مسيرة التنمية بشهادة جميع المؤسسات العالمية، لكن يبقى «إرهاب الفكر» المعركة الأخطر، والحرب القذرة التى لا تنتهى، والسلاح الأهم فى جعبة التنظيمات الإرهابية والمتطرفة، الأمر الذى يتطلب نشر الوعى، وبث روح الانتماء الوطنى، ومواجهة الشائعات والتصدى لها بقوة، كبعد اجتماعى للأمن القومي.. وهو ما سوف نتحدث عنه باستفاضة فى المقالات القادمة.

[email protected]