عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

يفهم البعض، أن مصر مجرد امرأة، لها سمعة ويجب الخوف عليها، والتعرض لأى شخص يحاول التحرش بها، لتبقى نظيفة شريفة عفيفة.. وهؤلاء يخلطون بين مصر وبين أمهاتهم، وشقيقاتهم، وزوجاتهم، وبناتهم.. وهو فهم ساذج ومخل للوطنية، يستخدمه، عادة، المستفيدون من التجارة بالوطن بهذه الصورة، لضرب الوطنيين غير المستفيدين!

هذا الإحساس النسوى أو الأنثوى، بالوطن، هو إحساس ذكورى، أكثر منه وطنى، يستغله بعض المسئولين والمواطنين لتجريد الوطنية من الذين يختلفون معهم فى الرأى حول قضية ما أو مشكلة معينة.. أو فيلم بعينه!

ورغم حرية الجميع فى رؤية مصر بالشكل الذى يحلو له، وهو أمر ليس سيئًا، ويجعلنا نراها فى مناظر مختلفة، ولكن أن ُيساء استخدام هذا الحق فى كثير من الأوقات لأهداف شخصية، ولأشياء لها علاقة بأكل العيش، هنا تكون المشكلة، ومع ذلك لا مانع أن الناس تقلب رزقها.. المهم أن لا يتجرأوا على من يشاهدون مصر بطريقة مختلفة، ويتهمونهم ببجاحة بعدم الوطنية!

والحقيقة الشعراء هم السبب فى هذه الرؤية الحريمى لمصر.. وخصوصًا كتاب الأغانى، ومن أشهرها قصيدة شاعر النيل حافظ إبراهيم فى رائعته «مصر تتحدث عن نفسها» الذى كتبها عام 1926، وغنتها أم كلثوم عام 1951، وأغنية عبدالرحمن الأبنودى، «عدى النهار» لعبدالحليم حافظ، وشاف فيها مصر امرأة بتغسل شعرها على الترعة، وأحمد فؤاد نجم قالها صريحة فى أغنيته الرائعة «مصر يا مه يابهية» للشيخ إمام، واستكمل الشاعر سيد حجاب حالة الأمومة الكاملة بأغنية «مصر هى أمي» التى غناها الفنان فؤاد المهندس أولًا فى فيلم «فيفا زلاطا» ثم بتوزيع جديد من غناء الفنانة عفاف راضى!

طبعًا هناك الكثير من الأمثلة فى الأغانى والقصائد.. المهم إنها حالة فريدة بمصر ورؤيتها مجرد امرأة.. بينما يرمزون لأمريكا برجل وهو العم سام، وبريطانيا بالأسد البريطانى.. وهكذا. ولا أعتقد أن هناك دولة أوروبية أو أفريقية أو أسيوية يرونها فى شكل امرأة مثلنا، وأظن أن أصل التسمية الحريمى لمصر يرجع إلى المؤرخ الشهير هيرودوت الذى يعتبر أول من أطلق على مصر اسم «هبة» عندما قال جملته الشهيرة « مصر هبة النيل»!

وبمناسبة فيلم «ريش» وأبطاله من المصريين الحقيقيين، واتهام صناع الفيلم بأنهم يسيئون لسمعة مصر، سببه أن البعض، كما قلنا، يرون أن مصر امرأة تسكن فى المهندسين أو مدينة نصر، أو فى التجمع وزايد.. فهذه أحياء منسوخة وغير حقيقية.. ولكن مصر الواقعية هى السيدة، ومصر القديمة، وأسوان.. هى الشرقية والمنيا، والفيوم، وهى مطروح وسيوة.. وحكايات المصريين فيها، هى نفس حكاية كل مصرى حقيقى يعيش حياة واقعية لا افتراضية مثل الحياة فى هذه المدن الممسوخة التى يبيعونها للبلهاء بالملايين.. ورزق الهِبل على المجانين.. وهم أحرار مع بعض، لكن يبعدوا عن مصرنا الحقيقية!

[email protected]