عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ضوء فى آخر النفق

 

 

ثمة إعجاب وتقدير تلمحه فى عيون الناس، عندما يأتون على ذكر الجيش المصرى وقادته العظام. يقشعر بدنك وأنت ترى تقديرًا من الناس للبطل الشهيد عبدالمنعم رياض. وأنت تقرأ عن مصرع القائد العسكرى أحمد بدوى فى حادث هليكوبتر. عندما يرد اسم الجمسى.. الشاذلى.. ورأفت الهجان (رفعت الجمال) وحتى الجندى سليمان خاطر. الذكريات المحفورة فى وجدان الناس عن بطولات العسكريين العظام تجعلك تهتز حنينًا، وتتمايل وجدًا، كأنك تتماهى مع صوت ثومة وهى تغنى أنشودة «حق بلادك» للمبدع عبدالوهاب محمد، أو رائعة حافظ إبراهيم «وقف الخلق». شعور يستعصى على الوصف، مثلما هو حالك أثناء زيارة «معرض الغنائم»، وكان على جدول الرحلات المدرسية ونحن تلاميذ.. أو وأنت تمر على بعض المدن الباسلة الواقعة على خط النار، وتلمح منازلها المهدمة وآثار العدوان مرسومة على جدرانها.. وأنت تتذكر بعض الغارات المؤلمة التى أدْمَتْ مدنًا كأبى زعبل التى ضربها العدو بالنابالم.. وبحر البقر التى ذبح أطفال مدرستها ذبحًا.. بوابل من القصف استهدف كسر قلوبنا وإرادتنا. كيف لا يدوَّن هذا كله مع بعضه فى سِفر الحرب؟ كيف لا تحتفظ ذاكرتنا بقادتنا الذين خططوا للعمليات؟ حتى ما تردد عن دور لرفعت على سليمان الجمال (رأفت الهجان) فى جلب تصميماته من فم الثعبان الإسرائيلى.. وأشرف مروان الذى كان ولا يزال دوره من دون حسم أو توصيف.. فمبارك يردله اعتباره ويصفه بالبطل، وهيكل لا يستطيع ان يقطع بشأنه برأى! وبينما يضع التليفزيون المصرى على تترات مسلسل «رأفت الهجان» تنويهًا يؤكد بأن مادته مستقاة من ملفات المخابرات العامة المصرية، فإن الأستاذ هيكل نفسه- الذى لم يحسم موقفه من مروان- حسم موقفه من الجمال (الهجان) وقال جازمًا فى حلقة من برنامجه مع هيكل على الجزيرة 28 مايو 2009 إنه «لم يكن لنا عملاء لهم قيمة داخل إسرائيل إلا فى المسرحيات والمسلسلات، وكان هذا تلميحًا إلى عملية زرع رأفت الهجان من جانب المخابرات العامة داخل إسرائيل»! هل صحيح أنه كانت لدينا خطة لـ«الخداع الاستراتيجي» وأن «مروان» كان جزءًا منها؟

هذه السطور لا تدعو فقط إلى كتابة التاريخ الصحيح لمجريات حرب ٧٣، وإنما رد كل حق لصاحبه وكل جندى فى مكانه وكل بطوله فى موضعها الصحيح.

 حتى بيان الأدباء الذى قاد توفيق الحكيم معركة إصداره فى مواجهة ميوعة السادات عام ١٩٧٢ كان فيه نوعًا من البطولة الجماعية.. فمنذ رحيل ناصر سبتمبر ١٩٧٠ والسادات على مدى ٣ سنوات يتحدث بغموض عن الاستعدادات، ويقطع بأن ١٩٧٢ هو عام الحسم، فيمضى بغير حسم! ويهاجم السوفيت ثم يطالبهم بتسليحه! ثم يطردهم! فيغمزه خصومه- ويغمزون العدو معه- من هذه القناة، لكونه إجراء كفيلًا بتيقظ العدو فلا يفاجأ بعبورنا يوم الغفران! هل تفاجأوا فعلًا؟ أم صدق حديث حرب التحريك؟ نريد رد الاعتبار لكل الأبطال، فعند تقييم المعارك كل المقاتلين سواء..

لا نريد اجتهادات العوّامْ.. نعم المعركة بطولة جماعية.. لكن التفاصيل تفرض نفسها على ذكرياتنا ونقاشاتنا. الوحيدون القادرون على كتابة سِفْر الحرب هم الأكاديميون فى كليات الحرب ومعاهدها بوثائقهم ومعلوماتهم، فيما والمبدعون بأدواتهم وإمكانيات وزارة الثقافة يستطيعون كتابة وتوثيق هذا السِفْر الحربى!