رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

عرف كل من أنتونى سميث وجون هاتشينسون الانتماء العرقى بأولئك الذين يتشاركون فى الخصائص البيولوجية أو الثقافية المشتركة ويعيشون معًا بانسجام على نحو ما، ولديهم نفس التجارب التاريخية ولا يشترط تشاركهم فى رابطة الدم، فمصطلح العرقية مشتق أصلًا من الكلمة الإغريقية «ethnos» بمعنى الأمة أو العرق، والأقليات المهمشة عادةً تعدديات متنازعة فى «جيتو ضيق» غير مؤتلفة أو مندمجة مع الجسم المجتمعى الأكبر أو حتى مع نفسها، مع العلم أن التعدد الاثنى والثقافى لا يعد مشكلة فى حد ذاتها، بل قد يتيح فرصاً هائلة لإثراء المجتمع إذا وُجِدت الرؤية المستنيرة والإدارة الواعية التى لا تجد أى غضاضة فى تفهم وتقبل واحترام تعدد دوائر الانتماءات المختلفة، وتسعى بكل جد وحكمة لصهرها فى بوتقة واحدة تزيد من تماسك فسيفساء المجتمع وتحول دون شرذمته وتدرك أهمية إعطاء حيز أكبر للحقوق الإنسانية المشروعة للآخر بدمج تنوعه الثقافى والطائفى بأسلوب طوعى وسلس داخل الدائرة القومية، وذلك بترسيخ وإحلال قيم تقبل الاختلاف على قاعدة الاحترام المتبادل محل نوازع التعصب والإقصاء.

لا شك أن الدولة نتاج مجتمع، فالمجتمع هو الذى ينتج الدولة، وهو ما يقتضى ضرورة خلق وضع طبيعى مبنى على مبادئ المواطنة التى تحوى جملة من قيم المساواة والتكافؤ والعدالة والحرية، وذلك لا يتأتى إلا من خلال ملامح واضحة لشكل النظام السياسى للدولة والذى يجب أن يؤمن بكيفية تحقيق العدل والمساواة بين العرقيات والطوائف المختلفة وكيفية إيجاد هدف موحد وهو بناء دولة قوية دون تمييز فى اختيار الكفاءات التى تدير دفة البلاد.

للأسف فإن المعضلة الاثنية طبعت الحياة الاجتماعية العربية عبر التاريخ سواء دينية طائفية أو عرقية عنصرية. تختفى نزاعاتها عندما تكون تحت سلطة مركزية قوية، أو نظام ديمقراطى حقيقى، فالسلطة المركزية رادعة تفرض التعايش بالقوة، والديمقراطية الحقيقية لم تبدأ بعد، وفى ظل غياب هذين العاملين يستمر نزاع الأقليات وهذا هو حال الأمة فى عدد من أقطارها. هناك دول تقل فيها نسبة الجماعات الاثنية عن 15 بالمائة وهى مصر والسعودية وتونس، وهناك أقطار عربية يصل فيها حجم التنوع إلى مستويات كبيرة، بفعل كبر حجم الجماعات الاثنية التى تكونها يصل إلى أكثر من 35 بالمئة من السكان وهي: العراق، سوريا البحرين، لبنان، موريتانيا، اليمن، السودان. وبناءً على ذلك يمكننا القول إن الطائفية بذرة زرعت فى النفوس وتجذّرت مع مرور الأيام، لتصبح جزءًا من اللاوعى الإنسانى الذى يصعب التحكم به.

إذًا هل بإمكاننا نزع قشرتها عن نفوسنا وأبداننا؟ فعلى سبيل المثال يولد الشعب اللبنانى وهو يرضع من نبيذ الطائفية، فيتحوّل بذلك إلى أداة أو حتى دمية تحرّكها يد الزعيم التابع له؛ فيفرح طائفياً، ويبكى طائفيًا، لتستمر به القافلة إلى أن يموت طائفيًا وأدى ذلك لنشوب حرب أهلية دامت 15 عاماً، دمرت أكثر الدول العربية ليبرالية «فالرواية القائلة بأن لبنان سينهار بدون تقاسم للسلطة على أساس مذهبى هى شماعة النخبة فقد تحول أمراء الحرب السابقين إلى الحكام الحاليين. وأصبح نظام الأوليجارشية بديلاً للدولة، فحين تمكنت مصر بمخزونها الحضارى الفريد من استيعاب كافة النحل والأعراق وجعلتهم مصريين قلبًا وقالبًا لذا كان المقدم القبطى باقى زكى يوسف محطم بارليف بخراطيم المياه والصول النوبى أحمد إدريس صاحب النداء النوبى العظيم «ساع آوى أوشريا» والتى تعنى الساعة الثانية اضرب، هما أحد أهم أسباب انتصار أكتوبر المجيد.

فطوبى للتسامح الإنساني.