رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حتى نلتقى

 

 

أتخيل أنه فى المستقبل القريب سيتدخل العلم بقوة فى إتمام إجراءات الزواج، إذ سيرفض السيد المأذون القيام بتسجيل عقد القران إلا إذا أتى الزوجان بشهادة صحية معتمدة تثبت أنهما صالحان (جينيًا) للزواج! وأظن أيضًا أن (العلم) سيقف بالمرصاد دون أن يقترن فلان بفلانة، أو تقترن فلانة بعلان، لأن تحليل الجينات لكل منهما يؤكد أن التوافق بينهما منعدم، وبالتالى لا يجوز السماح لهما بتأسيس عش الزوجية، لأنه سيغدو مكانا أقرب إلى الجحيم، وسأشرح ذلك توًا.

الكل يعرف أنه لا يوجد بيت خال من الخلافات الزوجية، فإذا امتلك الزوجان الحكمة والبعد عن الأنانية مراعاة لمستقبل الأبناء أمكن لهما عبور الخلافات بنجاح، لكن بعض هذه الخلافات تصل إلى مستويات بائسة تنتهى غالبًا بالطلاق، الأمر الذى ينعكس بالسلب على الأبناء ومستقبلهم النفسى والاجتماعى. معظم هذه الأزمات الزوجية الطاحنة يعود إلى خلاف الطباع بين الرجل والمرأة، فقد نرى زوجة نشطة حيوية تبحر فى نهر من الإيقاع السريع، بينما زوجها غارق فى الكسل والبلادة وردود الأفعال البطيئة، فمن المحتم أن الصدام واقع بينهما.

هذا النشاط، وذاك الكسل هما تعبير عن طبيعة الجينات لكل منهما، وبالتالى مهما حاول الأهل والأصدقاء ترميم هذه العلاقة الزوجية المضطربة، فلن يفلحوا، لأنه من المحال تغيير الجينات الوراثية.

فى حوار مع الدكتور طلعت مطر رئيس قسم الطب النفسى بمستشفى رأس الخيمة بالإمارات قال لى إن الجينات تتحكم فى سلوك المرأة تجاه فكرة الزواج والاستقرار الأسرى واحترام الزوج ومراعاة مصالح الأبناء، إذ لا عجب ولا غرابة إذا رأينا زوجة وأما لعدة أبناء تصر على الطلاق حين نعلم أن والدتها مطلقة وكذلك أختها وربما خالتها، إذ إن جينات نساء هذه الأسرة مصممة على كراهية الرجل والنفور من الالتزام الأسري، وإذا قيل لهن: ومستقبل الأبناء، تعاملن مع هذه المسألة باستخفاف شديد، وربما قالت إحداهن: إنه لا مشكلة على الإطلاق فى أن ينمو الأبناء فى بيت أم مطلقة، وبالطبع لدى كل واحدة منهن أسباب يسقنها تبريرًا على إصرارهن على الطلاق حتى لو تدمر الجهاز النفسى للأبناء، لكن السبب الرئيس كما يقول الدكتور طلعت يكمن فى الجينات الكارهة لفكرة البقاء مع رجل!

من أبرز الخلافات الجينية الحادة أيضًا هو كيفية التعامل مع الحياة، فقد نلتقى زوجة اجتماعية مرحة مقبلة على الناس بمودة عاشقة للفن والجمال، بينما زوجها يتمرغ فى تراب الكآبة والنكد والنفور من الناس، كذلك قد نواجه رجلا كريمًا سخيًا، بينما زوجته بخيلة تكنز المال وتعنف زوجها بشدة إذا أنفق أو أهدى، وكما لاحظ فرويد بحق، فالإنسان البخيل فى مسائل المال، بخيل أيضا فى المشاعر، فلا يعرف الحب ولا يسعد بفضيلة التسامح، فيظل كارهًا للبشر والناس حتى لو كان الزوج والأبناء.

لعلك تعلم أن الشاعر الفلسطينى محمود درويش تزوج مرتين، ولم تستمر كل زيجة أكثر من عام، ثم خاصم تمامًا فكرة الزواج وعاش أعزب لمدة تزيد على ثلاثين سنة حتى رحيله، وقد قدم هو تفسيرًا لذلك، فقال (إن صباح المرأة بطيء، وأنا رجل نشيط جدًا). أى أن المرأة، كما يظن درويش، تحتاج إلى وقت طويل منذ استيقاظها حتى تسترد حيويتها ونشاطها، وهو رجل ينهض مبكرًا مشمولا بالعنفوان والحركة، فكان الصدام أمرًا حتميًا بينه وبين زوجته الأولى ثم الثانية!

مازال العلم يواصل فتوحاته العظيمة مكتشفا الدور الجبار للجينات الوراثية فى تحديد سلوك البشر، صحيح أن للظروف الاجتماعية والبيئية دورًا مؤثرًا فى تحديد بعض هذه السلوكيات، لكن يبدو أن البشر أسرى للجينات بشكل مدهش، فانتبهوا جيدًا أيها السادة: عزابًا أو متزوجين!