رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بلطجية الميكروباص يحكمون الشوارع


نجحت ثورة 25 يناير في إسقاط النظام، ولكنها لم تنجح بعد في إسقاط البلطجية و«الكارتجية» ومافيا الميكروباص الذين استثمروا نجاحات الثورة وغياب التواجد الأمني في بعض المناطق وفرضوا سيطرتهم علي المواقف والشوارع، مستخدمين في ذلك شتي أنواع الأسلحة، من سنج ومطاوي وقنابل مولوتوف أحياناً لإرهاب المواطنين وتخويفهم ونشر الذعر بينهم حتي تخلو الساحة لهم ويحكموا قبضتهم علي شتي أنحاء البلاد بعد تقسيمها الي مناطق نفوذ كل ما فيها يسبح ويمجد البلطجي، وصاحب السوابق والهارب من السجون.. «الوفد الأسبوعي» اقتحمت عالم البلطجية في مناطق مختلفة ومن هناك جاءت بأكثر من قصة وحكاية.

لو كنت من مستخدمي الميكروباص حتماً‮ ‬ستتوقف كثيراً‮ ‬أمام هؤلاء الذين‮ ‬ينتشرون في‮ ‬المواقف أو علي‮ ‬الطرق وتبدو علي‮ ‬وجوههم علامات الإجرام‮ «ضربة مطواة أو سنجة‮» ‬ويقومون بتحصيل الكارتة من السائقين،‮ ‬ويظل السؤال‮: ‬أين تذهب كل هذه الأموال التي‮ ‬يجمعها هؤلاء‮.. ‬وما معايير اختيارهم‮.. ‬وهل الأموال التي‮ ‬يحصلونها تذهب لخزينة الدولة أم لجيوب البلطجية؟‮!‬

تبدأ القصة بقانون السيرفيس الذي بمقتضاه تقوم المحافظة بتحصيل أموال من مالكي سيارات الأجرة نظير السماح للسيارة بالعمل في خط معين داخل المحافظة ونظير أيضاً‮ ‬أن‮ ‬يقف في‮ ‬المواقف التي‮ ‬أنشأتها،‮ ‬وبالطبع لم‮ ‬يكن لمجلس الحي‮ ‬أن‮ ‬يقف مكتوف الأيدي أمام هذه الأموال،‮ ‬حيث‮ ‬يقوم الحي‮ ‬هو الآخر بتأجير بلطجية‮ ‬يسند إليهم مهمة الإشراف علي‮ ‬المواقف وجمع الإتاوات من السائقين أثناء مرورهم أو وقوفهم في‮ ‬الموقف دون منحهم أي‮ ‬إيصال بما‮ ‬يدفعونه للمحافظة،‮ ‬وبهذا‮ ‬يكون علي‮ ‬البلطجي ومن معه سداد جزء من هذه العوائد للحي‮ ‬والباقي له‮.‬

أكد أحمد عبده سائق سيارة أجرة بحي‮ ‬شرق شبرا الخيمة أن السيارة التي‮ ‬يعمل عليها ليست لها سيرفيس في‮ ‬الخط الذي تعمل فيه،‮ ‬ولهذا‮ ‬يقوم بدفع أرضية للموقف حوالي‮ ‬سبعة جنيهات في‮ ‬الوردية الواحدة،‮ ‬بالإضافة إلي‮ ‬جنيهين في‮ ‬الدور الواحد مقابل أن‮ ‬يدخل الموقف ويقوم بتحميل السيارة منه،‮ ‬مضيفاً‮: ‬المعلم اللي ماسك الموقف محدش‮ ‬يقدر‮ ‬يقوله أي‮ ‬حاجة‮.. ‬واللي بيقوله بيمشي علي‮ ‬أي‮ ‬حد ونحن جميعاً‮ ‬لا نعرف أين تذهب المبالغ‮ ‬التي‮ ‬يتم تحصيلها‮ ‬يومياً،‮ ‬ولكننا لا نستطيع أن نمتنع عن الدفع لأن من‮ ‬يفعل ذلك‮ ‬يتعرض للضرب وتكسير سيارته ثم‮ ‬يتم منعه من دخول الموقف فالمعلم بلطجي‮ ‬ومسجل خطر ويعمل معه الكثير من البلطجية لتأديب أي‮ ‬سائق‮ ‬يمتنع عن الدفع‮!.‬

محمد راشد‮ «‬سائق آخر»‬،‮ ‬لفت إلي‮ ‬خطورة تواجد هؤلاء البلطجية في‮ ‬المواقف خاصة أنهم جميعاً‮ ‬يحملون الأسلحة ويتعاطون المخدرات في‮ ‬المواقف جهاراً‮ ‬دون الخوف من أي‮ ‬عقاب برغم وجود الشرطة علي‮ ‬بعد خطوات منهم‮.‬

وأشار لتعاون موظفي الحي معهم والتجاوز عن مخالفاتهم مقابل العوائد التي‮ ‬يتم تحصيل جزء منها لصالحهم،‮ ‬مؤكداً‮ ‬أن الثورة لم تقض علي‮ ‬هؤلاء البلطجية بل جاءت لتؤكد علي‮ ‬وجودهم وقوتهم،‮ ‬وقال‮: ‬إننا كنا نعاني‮ ‬من البلطجة في‮ ‬المواقف الأساسية فقط،‮ ‬ولكننا الآن نجد البلطجي‮ ‬في‮ ‬كل محطة نقف فيها لاجبارنا علي‮ ‬دفع جزء من أجرة السيارة مقابل المرور حتي‮ ‬أصبح عائد السيارة لا‮ ‬يكفي‮ ‬السولار وأجرة السائق وإتاوات البلطجية‮.‬

تنقلنا بين عدد كبير من المحطات بصحبة سائق آخر لنري‮ ‬عدد المحطات التي‮ ‬يقف فيها البلطجية الذين‮ ‬يفرضون الإتاوة علي‮ ‬الطريق وجدناها وصلت إلي‮ ‬ست محطات بدءاً‮ ‬من الموقف الرئيسي في‮ ‬مسطرد وانتهاء بموقف رئيسي آخر،‮ ‬ورأينا أن كل محطة‮ ‬يقف فيها البلطجية‮ ‬يحصلون علي‮ ‬جنيهين من كل سيارة تزيد بالطبع حسب عدد الركاب في السيارة،‮ ‬وإذا كانت السيارة رحلات‮ ‬26‮ ‬راكباً‮ ‬يقومون بتحصيل‮ ‬3‮ ‬جنيهات منها في‮ ‬كل محطة فضلاً‮ ‬عن المواقف الرئيسية،‮ ‬وبحساب ما‮ ‬يتم إهداره بسبب هذا النوع من البلطجة نجد أن كل موقف كبير‮ ‬يوجد به أكثر من‮ ‬600‮ ‬سيارة أجرة ما بين رحلات وميكروباص صغير،‮ ‬حصيلة ما‮ ‬يتم تحصيله منهم‮ ‬يومياً‮ ‬حوالي‮ ‬6000‮ ‬جنيه في‮ ‬المتوسط لا تستفيد منها الدولة في‮ ‬شيء فضلاً‮ ‬عن عوائد،‮ ‬بالإضافة إلي‮ ‬ما‮ ‬يسببونه من‮ ‬أذي وترويع للمواطنين‮.‬

الأسطي‮ ‬محمد قال‮: ‬إن الحكومة علي علم بكل ما‮ ‬يحدث بالكارتة،‮ ‬وتعرف كل البلطجية سواء معينين أم لا وأنه مجبر علي‮ ‬دفع الكارتة ليس خوفاً‮ ‬من الغرامة التي‮ ‬ستقع عليه من جانب الحكومة ولكن خوفاً‮ ‬من الضرب وتكسير الميكروباص وبسؤاله عن الكارتة التي‮ ‬يدفعها في‮ ‬اليوم الواحد قال‮: ‬إنها تتعدي‮ ‬23‮ ‬جنيهاً‮ ‬علي‮ ‬جانبي الطريق،‮ ‬وأن الخط عليه أكثر من‮ ‬10‮ ‬آلاف سيارة‮.‬

أما جمال السماك،‮ ‬موظف الكارتة بموقف مسطرد،‮ ‬فأكد أنه‮ ‬يقوم‮ ‬يومياً‮ ‬بسداد ثلاثة آلاف جنيه للحي‮ ‬نافياً‮ ‬جميع الاتهامات التي‮ ‬وجهها له السائقون بشأن ممارسة البلطجة عليهم بتحصيل تلك المبالغ‮ ‬مؤكداً‮ ‬أنه موظف بمجلس المدينة ويقوم بتوريد كل المبالغ‮ ‬إليه‮ ‬يومياً‮.‬

واتجهنا لموظف آخر في‮ ‬موظفي‮ ‬الكارتة‮ ‬يدعي‮ «‬صبحي‮ ‬إسماعيل» ‬حاصل علي‮ ‬الإعدادية وعمره‮ ‬32‮ ‬سنة فقال‮: ‬إنه تقدم للوظيفة من خلال مسابقة بالحي،‮ ‬ويعمل هو ومعاونوه‮ ‬24‮ ‬ساعة،‮ ‬ويحصلون حوالي‮ ‬5‮ ‬آلاف جنيه في‮ ‬الوردية الواحدة‮.‬

توجهنا لكبير موظفي‮ ‬الكارتة ويسمونه‮ «‬الملاحظ» ‬وهو الممثل لهم أمام الحي،‮ ‬فقال‮: ‬إن وظيفة الكارتة لها تنظيم خاص‮ ‬يحكمها فالوردية الصباحية تبدأ في‮ ‬6‮ ‬صباحاً‮ ‬إلي‮ ‬1‮ ‬ظهراً‮ ‬والوردية المسائية من‮ ‬3‮ ‬عصراً‮ ‬إلي‮ ‬الواحدة صباحاً،‮ ‬يوزع خلالها‮ 02‮ ‬دفتر كارتة بإجمالي‮ ‬4‮ ‬آلاف جنيه،‮ ‬مؤكداً‮ ‬أنه‮ ‬يحصل علي‮ ‬راتب من الحي‮ ‬854‮ ‬جنيهاً‮ ‬والمتغير والحوافز 003‮ ‬جنيه مقابل ملاحظة عمل موظفي‮ ‬الكارتة،‮ ‬مؤكداً‮ ‬علي‮ ‬أن هناك من‮ ‬يقفون بالكارتة من‮ ‬غير المعينين مقابل الحصول علي‮ ‬03‮ ‬جنيهاً‮ ‬يومياً‮.‬

من جانبه،‮ ‬قال مختار حسين رئيس حي‮ ‬شرق شبرا الخيمة: إن موظفي‮ ‬الكارتة مجرد أداة لتحصيل الرسوم من الميكروباصات وهو‮ ‬يتبع إدارة المواقف بالمحافظة مباشرة،‮ ‬وأي‮ ‬خلل أو فساد أو بلطجة في‮ ‬الموقف المسئول عنها بشكل مباشر المحافظة وليس الحي،‮ ‬لأن الحي‮ ‬معني‮ ‬فقط باختيار موظفي‮ ‬الكارتة وتعيينهم وفق شروط معينة،‮ ‬فالتعاقد معهم له إطار خاص مختلف عما كان قبل الثورة،‮ ‬فبعد الثورة أصبح التعامل بالإيصالات والتعاقد الشهري معهم،‮ ‬ما قبل الثورة كانت تؤخذ منهم مبالغ‮ ‬ثابتة كل شهر أو ثلاثة شهور دون التدخل في‮ ‬أعمالهم،‮ ‬أما الآن فقمنا بتفعيل التفتيش علي‮ ‬موظفي‮ ‬الكارتة بشكل إيجابي‮ ‬وكبير،‮ ‬وأي‮ ‬متضرر من أي‮ ‬سلوك لموظفي‮ ‬الكارتة‮ ‬يمكنه التقدم ببلاغ‮ ‬ضدهم لإدارة المواقف بالمحافظة‮.‬

انتقلنا إلي‮ ‬موقف عبود الذي‮ ‬يقع بين حدود القاهرة والقليوبية لتسجيل حجم العذاب الذي‮ ‬يعانيه آلاف الركاب من مختلف محافظات مصر‮.‬

الموقف‮ ‬يخدم‮ ‬20‮ ‬محافظة ويتردد عليه‮ ‬20‮ ‬ألف راكب‮ ‬يومياً‮. ‬عند اقترابنا من محطة المظلات شاهدنا المئات‮ ‬ينتظرون السيارات القادمة من المحافظات إلي‮ ‬القاهرة والتي‮ ‬قد‮ ‬ينزل منها ركاب أمام محطة المترو ليتدافعوا علي أبواب السيارات للفوز بكرسي‮ ‬إلي‮ «‬عبود‮».‬

في‮ ‬بداية الموقف وجدت‮ ‬4‮ ‬حارات خاصة بسيارات محافظة كفر الشيخ‮.. ‬وإذا بسيارتين تركنان ولا‮ ‬يتدافع إليهما الركاب وهم في حالة من الإرهاق الشديد،‮ ‬سألناهم‮: ‬ما سبب وقوفكم في‮ ‬ظل وجود سيارتين للتحميل؟ أجاب أحمد عبدالواحد أحد المسافرين‮: ‬إن سائقي السيارات‮ ‬يغلقون نوافذها لمدة ساعة أو أكثر ويبدأون في التفاوض علي‮ ‬زيادة الأجرة التي‮ ‬كانت قيمتها قبل الثورة‮ ‬7‮ ‬جنيهات ونصف الجنيه،‮ ‬ولم‮ ‬يمر سوي‮ ‬يوم بعد الثورة حتي‮ ‬ارتفعت إلي‮ ‬9‮ ‬جنيهات وعندما اعترضنا قالوا‮: ‬هذه هي التعريفة‮ «واللي‮ ‬مش عاجبه ما‮ ‬يركبشي‮»‬،‮ ‬والآن‮ ‬يطلب السائق‮ ‬13‮ ‬جنيهاً‮ ‬ويزيد في‮ ‬حمولة السيارة بحجة‮ «‬عمل الخير».‬

ويلتقط طرف الحديث كرم علي‮ ‬أحد المسافرين إلي‮ ‬دسوق قائلاً‮: ‬الزحام في‮ ‬موقف عبود‮ ‬يحدث ثلاثة أيام أسبوعياً‮ ‬والسائقون‮ ‬يتعاملون بطريقة سيئة مع الركاب فالسائق‮ ‬يركن سيارته في الموقف ويغلق نوافذها وعندما نشتكي‮ ‬لإدارة الموقف ونسأل عن سبب وجود السيارة مع عدم حمولتها‮ ‬يقولون لنا‮: «‬السائق مش عايز‮ ‬يحمل هنعمل له إيه‮»‬،‮ ‬فالإدارة تساعد السائق علي‮ ‬البلطجة وأكشاك الكارتة بالموقف تقبض من السائقين مقابل الصمت‮.‬

توجهنا إلي‮ ‬موقف الغربية ولم‮ ‬يختلف الأمر كثيراً‮ ‬فأعداد الركاب كثيرة ولا توجد سيارات‮.‬

محمد شعبان أحد المسافرين إلي‮ ‬مدينة بسيون قال‮: ‬إن موقف عبود لا‮ ‬يوجد به خط لسيارات بسيون مما‮ ‬يتسبب في‮ ‬تحكم السائقين في‮ ‬الركاب،‮ ‬فالأجرة محددة بعشرة جنيهات إلا إنهم‮ ‬يطلبون‮ ‬15‮ ‬جنيهاً‮.‬

وأمام كشك أتوبيس طنطا الذي‮ ‬يضم مراكز المحلة وطنطا وزفتي والسنطة وجدنا طوابير هائلة من الركاب علي‮ ‬شباك الحجز حتي‮ ‬الساعة السابعة مساء‮.‬

مجدي‮ ‬عبدالملاك رئيس حركة بمحطة أتوبيس‮ ‬غرب ووسط الدلتا‮ ‬يؤكد أن المحصلين‮ ‬يخافون علي‮ ‬الإيرادات التي بحوزتهم وينهون عملهم عند السابعة مساء خوفاً‮ ‬من البلطجية وسائقو الميكروباص أنفسهم‮ ‬يمارسون البلطجة ويوقفون الأتوبيسات وينزلون الركاب بالقوة لنقلهم بسياراتهم‮.‬

وأضاف‮: ‬قبل الثورة كنا نعمل حتي‮ ‬الساعة‮ ‬11‮ ‬مساءً،‮ ‬الآن الوضع اختلف فلا‮ ‬يوجد أمن حتي‮ ‬إننا لجأنا لشرطة الموقف،‮ ‬قالوا‮: «‬منقدرش

نعملكوا حاجة» ‬وكل ما نطلبه هو حماية أكشاك التحصيل‮.‬

عربيات الأطعمة والباعة الجائلون تنتشر في‮ ‬المكان بطريقة عشوائية والمشاجرات بين الباعة لا تكاد تتوقف‮.‬

سألنا أحد السائقين‮ - ‬رفض ذكر اسمه‮ - ‬عن أعمال البلطجة وزيادة الأجرة،‮ ‬فقال‮: ‬عندما قامت الثورة بدأ السائقون في‮ ‬المطالبة بحقوقهم أسوة بجميع الفئات،‮ ‬وتم تحديد تعريفة الأجور بـ7‮ ‬ قروش للكيلو وهذا سبب الزيادة ولكن الإدارة وافقت عليها ولم تعلنها‮.‬

والتقط أطراف الحديث سائق آخر‮ - ‬رفض ذكر اسمه‮ - ‬وقال‮: ‬إن السولار عندما كانت قيمته‮ ‬15‮ ‬جنيهاً‮ ‬للصفيحة كان محدداً‮ ‬تعريفة الكيلو‮ ‬5‮ ‬قروش وعندما ارتفع سعر السولار إلي‮ ‬22‮ ‬جنيهاً‮ ‬للصفيحة زادت معه التعريفة لتصبح‮ ‬7‮ ‬قروش للكيلو وهو ما لم‮ ‬يتم تطبيقه رسمياً‮.‬

سألناه‮: ‬وإذا كان هذا القرار لم‮ ‬يطبق قبل الثورة فلماذا تطبقونه بالقوة الآن؟ أجاب‮: ‬كنا نعمل إجبارياً‮ ‬قبل الثورة فأمن الدولة ومباحث المرور كانوا‮ ‬يلفقون لنا القضايا‮.‬

محمد هاني‮ ‬أحد قاطني العمارات المواجهة لموقف عبود،‮ ‬يقترح تجزئة الموقف وأن‮ ‬يكون تحت إشراف وزارة الحكم المحلي‮ ‬وليس محافظة القاهرة،‮ ‬مع نقل جزء من سيارات عبود إلي‮ ‬موقف الزهور لتخفيف الزحام‮.‬

تحدثنا مع اللواء محمد سليمان مدير عام مواقف سيارات أجرة الأقاليم بموقف عبود،‮ ‬فقال‮: ‬إن سعة موقف عبود‮ ‬4‮ ‬آلاف سيارة ويتردد عليه‮ ‬20‮ ‬ألف راكب‮ ‬يومياً‮.‬

وعن تحديد التعريفة أوضح سليمان أن كل محافظة هي‮ ‬التي‮ ‬تحدد أجرة ركابها وترسلها لإدارة الموقف ونلتزم بتطبيقها‮.‬

وعن الأوقات التي‮ ‬يزدحم فيها الموقف قال‮: ‬إن الموقف‮ ‬يزدحم‮ ‬يومياً‮ ‬بعد الساعة الواحدة والنصف ويومي الأربعاء والخميس وأيام العطلات الرسمية‮.‬

وعن قيام السائقين بزيادة الأجرة بعد الثورة وابتزاز الركاب،‮ ‬قال‮: ‬إن التعريفة لم تزد ومازالت كما هي‮ ‬قبل الثورة وعلي‮ ‬الراكب عدم دفع زيادة وإذا حدث تجاوز من السائق فعلي‮ ‬الركاب تحرير محضر ضد السائق فالموقف به قسم شرطة‮ ‬يعمل طوال‮ ‬24‮ ‬ساعة‮.‬

فيما أكد العميد شمس الدين محمود مدير حركة بموقف عبود أن أكشاك الأطعمة زادت بعد الثورة وهذه إشغالات لا نستطيع منعها لأن أغلب العاملين عليها أرباب سوابق وبلطجية وكل منهم‮ ‬يحمل‮ »‬سنجة ومطواة‮« ‬وعلي‮ ‬شرطة المرافق طردهم من الموقف،‮ ‬قائلاً‮: ‬لم نصرح إلا لكافتيريا واحدة بناء علي‮ ‬مزاد علني‮ ‬ولها أفرع في‮ ‬الموقف‮.‬

وفي شارع أحمد حلمي‮ ‬الذي يعد من الشرايين الرئيسية التي‮ ‬تحدد حالة المرور في‮ ‬القاهرة الكبري‮ ‬سيولة واختناقاً،‮ تبين لنا أن الشارع بعد الثورة‮ ‬ينبئ بكارثة مرورية محققة،‮ ‬إذ تحول جانباه إلي‮ ‬مقالب للقمامة والمخلفات تعوق حركة الناس والسيارات‮،‬ فيما كان الحضور طاغياً للعربجية والبلطجية.

المواطنون من جانبهم ملوا من الشكوي للمسئولين والصدام مع البلطجية فاضطروا للبقاء في‮ ‬منازلهم‮ ‬يتابعون بحسرة الشارع الذي بات لا‮ ‬يرضي عدواً‮ ‬ولا حبيباً‮.‬

إن ما رآه أحمد عادل الديب‮ «‬محام‮» ‬علي‮ ‬جانبي‮ ‬الطريق خصوصاً‮ ‬في منطقة‮ «‬أبووافية» ‬و«سلم المنشية‮» ‬قد أحزنه بشدة،‮ ‬مضيفاً‮ ‬أن بلطجية الكارو الذين‮ ‬يفرغون عربات القمامة في‮ ‬الشارع مستغلين الفراغ‮ ‬الأمني‮ ‬وغياب الرقابة،‮ ‬مما‮ ‬يؤدي‮ ‬لتعطيل المرور خصوصاً‮ ‬في‮ ‬هذا الشارع الحيوي‮ ‬والمؤثر الذي‮ ‬يصل حتي‮ ‬محطة القطار التي‮ ‬يقصدها الآلاف‮ ‬يومياً‮.‬

ويضيف‮: ‬لابد من عودة الشرطة فوراً‮ ‬للقضاء علي‮ ‬هذه الفوضي،‮ ‬وحتي‮ ‬يعود البلطجية إلي‮ ‬جحورهم ويعود الهدوء إلي‮ ‬الشارع‮.‬

أمام أحد أكوام الزبالة‮ ‬يقف عم‮ «‬خلف أحمد» ‬بائع البطاطا،‮ ‬رآني‮ ‬أصور القمامة فأشار لي‮ ‬بالانتظار قائلاً‮: «‬استني‮ ‬شوية وهتشوف بعينيك واحد من بتوع الكارو جاي‮ ‬يرمي‮ ‬الزبالة‮»‬،‮ ‬لم‮ ‬يتم الرجل كلمته حتي‮ ‬جاء أحد‮ «‬العربجية‮» ‬بعربته الكارو المحملة بالعشرات من أكياس القمامة ثم وقف ليري‮ ‬من‮ ‬يساعده في تفريغ‮ ‬الحمولة‮ «‬الزبالية‮» ‬لم‮ ‬يجد إلا كاتب هذه السطور‮.‬

أشار الرجل منادياً،‮ ‬ذهبت إليه لأسأله‮: ‬ماذا تريد؟ فقال لي بشكل مستفز‮: ‬ماتيجي‮ ‬يا عم تساعدني ندلق العربية‮. ‬قلت له‮: ‬أساعدك في‮ ‬إيه،‮ ‬بقي‮ ‬أنا جاي‮ ‬أصورك تقوللي أساعدك؟ سمعها عم خلف من خلفنا فضحك،‮ ‬إلا أن الرجل لم‮ ‬يفهمها ثم قال‮: «‬يا قوي‮!» ‬ونزل أسفل الكارو وبكتفه ودفعها لتسقط القمامة علي الأرض‮.‬

رجع الرجل بعربته فخوراً‮ ‬بإنجازه وقال لي في‮ ‬صوت عال لفت انتباه كل المارة‮: «ولا الحوجة لواحد زيك‮.. ‬ده إحنا رجولة برضه».‬

سألت عم‮ «‬خلف» ‬بعدما مر العربجي من أمامنا‮: ‬مفيش حد خالص من أهل المنطقة بيتدخل لما‮ ‬يشوفوا واحد زي‮ ‬ده بيعمل كده؟‮!‬،‮ ‬رد الرجل بلهجته الصعيدية‮: ‬والله‮ ‬يا ولدي اتعاركوا معاهم كتير،‮ ‬بس كلهم بلطجية وحرامية،‮ ‬وبجت الناس تخاف‮.‬

تركت عم‮ «‬خلف» - ‬والذي كان‮ ‬يقف أمام معهد العطار الإعدادي‮ ‬الثانوي‮ ‬الأزهري،‮ ‬حيث مكان أكوام القمامة،‮ ‬وعدت للخلف عدة كيلو مترات أمام مبني‮ ‬المحافظة الذي دمر خلال أحداث‮ ‬يناير،‮ ‬هناك التقيت عدداً‮ ‬من جامعي‮ «‬البلاستيك» ‬والذين‮ ‬يستخلصون ما‮ ‬يلزمهم من تلال الزبالة ويتركون ما ليس له فائدة‮. ‬سألت أحدهم‮: ‬من‮ ‬يرمي‮ ‬هذه القمامة؟ نظر إليّ‮ ‬الولد في‮ ‬شك من أمري‮ ‬قائلاً‮: ‬ادخل جوه وأسأل‮. ‬نظرت بداخل المبني‮ ‬فإذا بمجموعة أخري‮ ‬من الشباب‮ ‬يرتبون أكواماً‮ ‬أخري‮ ‬من القمامة‮.‬

هناك قابلني‮ ‬علي‮ ‬بعد أمتار من مبني‮ ‬المحافظة عامل‮ ‬يدعي‮ «‬علي‮ ‬كامل مصطفي»‮ ‬قال في‮ ‬أسي‮: ‬أنا صانع رخام وباشتغل في‮ ‬شركة والشهر ده والله اتأخرت‮ ‬ييجي تلات أربع أيام عشان الحركة البطيئة بتاعت العربيات اللي انت شايفها دي،‮ ‬وده كله بسبب الزبالة والهدد اللي بيعطل المرور،‮ ‬سألته عن مصدر مخلفات الهدم التي‮ ‬تتراكم إلي‮ ‬جوار أكوام القمامة،‮ ‬فقال الرجل‮: ‬فيه ناس في‮ ‬المنشية وأبووافية وغيرها بيبنوا دلوقتي بلوكات،‮ ‬ويجيبوا الهدد بتاع بيوتهم القديمة ويحطوه علي‮ ‬كارو،‮ ‬وييجوا البلطجية بتوع الكارو ويرموها هنا‮.‬

في‮ ‬المركز التكنولوجي لخدمة المواطنين لأحياء‮ «روض الفرج والساحل وشبرا والشرابية‮» ‬حاولت مقابلة رئيس حي الساحل التابعة له منطقة أبووافية علي‮ ‬طريق أحمد حلمي‮ - ‬رمسيس،‮ ‬إلا أنهم أبلغوني أنه ليس في‮ ‬مكتبه كما رفضوا منحي‮ ‬رقم هاتفه المحمول‮.‬