رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فكرة

نحو عقد كامل أوشك على الانقضاء، يحق لنا أن نسميه عقد الدعوة لتجديد الفكر الدينى، التى تبناها الرئيس عبدالفتاح السيسى بشجاعة غير مسبوقة، منذ اليوم الأول لظهوره فى الفضاء العام، وإليه يعود الفضل فى أنها باتت بنداً ثابتاً منذئذٍ على جدول النقاش العام.

وقبل أيام جدد الرئيس السيىسى دعوته فى الاحتفال بالمولد النيوى الشريف، حين ربط بين قضية الوعى الرشيد والفهم الصحيح للدين، مؤكداً أن الربط بينهما بات أولوية باقية للمرحلة الراهنة لدعم الاستقرار، ومواجهة من يحروفون الكلام عن مواضعه، ويخرجونه من سياقه لنشر الأفكار الجامحة والهدامة. وكان من اللافت للنظر أن الرئيس اعتبر مهمة نشر الوعى بصحيح الدين، وتصحيح المفاهيم الخاطئة وتصويبها مسئولية تاريخية، يقوم بها الجميع، بجانب المؤسسة الدينية وعلمائها.

دعوة جديرة بالاهتمام والسير قدماً نحو وضعها موضع التنفيذ، فى سياق الجهود الجبارة التى يتم بذلها لإعادة بناء «الجمهورية الجديدة». لكن ذلك لا ينفى أن الواقع يحفل بعقبات لا تزال تعترض السير نحو هذا الطريق الشاق بطبيعته.

لا يستطيع أحد أن ينكر أن الدعوة لتجديد الفكر الدينى، قد أحاط بها ولا يزال مناخ من الإرهاب الفكرى يقوم به مدعوو فضيلة، وراغبو شهرة، ومحترفو التربح ومراكمة الثروات ممن يسمون بالدعاة الجدد، الذين يخلطون عن عمد بين الاجتهاد فى الفكر الدينى، الذى هو عمل من صنع البشر، والنص الدينى المقدس، ويمارسون ضغوطاً عاتية على المجتمع لإشاعة مناخ من التشدد الدينى، ونشر التعصب والجهل والخرافة والدجل. هذا فضلاً عن تشجيع احتقار المخالفين فى الملة والرأى، ووصم كل من يعمل عقله ويجتهد فى شئون دينه بالكفر والزندقة، وإصدار الفتاوى بقتله، أو استدعاء محامى «التوك شوز» لجرجرته لساحات المحاكم بتهمة سائلة غير محددة الدلالة فى قانون العقوبات، تسمى ازدراء الأديان، كان آخر ضحاياها الباحث فى الفكر الإسلامى المحامى «أحمد عبده ماهر» الذى أتمنى ألا تكون جريمته هى نقد المناهج الأزهرية، التى تنطوى كما كشف كثيرون غيره على ما يشجع على كل ما سبق. وغير خاف على كثيرين الحساسية المفرطة التى تتناول بها المؤسسة الدينية ذات النفوذ المعنوى، أى حديث عن تجديد الفكر الدينى، والاسترابة التى تجيش بها مشاعر العامة البسطاء، الذين يعرفون بالكاد من الدين طقوسه، ضد الفكرة من أساسها، والعودة بكل حوار فى هذا الشأن إلى نقطة الصفر!

علينا الاعتراف كذلك بأن بين صفوف القضاء المصرى العريق والشامخ عناصر من هؤلاء المتشددين الدينيين الذين يعززون ذلك المناخ المعادى لحرية الفكر والاعتقاد والاجتهاد بإعمال العقل، الذى تحميه نصوص دستورية صريحة بالتمسك بتفسير خاص للمادة الثانية من الدستور، التى تنص على أن مبادئ الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع، والتغاضى عن مبدأ أن مواد الدستور يكمل بعضها البعض، بالإضافة للتجاهل التام لحكم المحكمة الدستورية العليا، التى فسرت تلك المبادئ بالأحكام الشرعية قطعية الدلالة وقطعية الثبوت التى لا تحتمل الاجتهاد والتأويل. أما ما يحتمل الاجتهاد والتأويل طبقاً لما يفرضه تغير الأزمنة والظروف المجتمعية، فهى الأحكام الظنية التى تفتقد للقطع فى الدلالة، والقطع فى الثبوت، بما لا يجعل المادة الثانية، سلاحاً لعرقلة الاجتهاد فى الفكر الدينى.

أما المؤكد فإن تحقيق إنجاز على صعيد تجديد الفكر الدينى يرفع وعى المجتمع ويحرره من أوصياء الفكر الظلامى المعادى للعقل وللحياة والتطور الإنسانى، سيظل مرهوناً بفتح النوافذ التى توفر مناخ الحرية بما يكفل تلاقح الأفكار وتعدد الرؤى الفكرية والسياسية، ويعزز التنوع الحقيقى لا المصنوع فى الحياة الحزبية والثقافية والإعلامية، ويهيئ فرصاً متكافئة للجميع أمام الخلق والإبداع والإخلاص للمصالح العامة، لاسيما أن الطريق نحو ذلك غدا ممهداً بنجاح مؤسسات الدولة فى بسط الاستقرار. فدع مائة زهرة تتفتح حتى لو أدمتك بعض أشواكها.