رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

ضوء فى آخر النفق

 

 

 

-  أحد كبار الصحفيين ورئيس سابق للتحرير بعث إلىَّ بتعقيب على مقالى السابق «نصف قرن على المعركة» استغرب فيه أننى كتبت عامودا كاملا لم أذكر فيه اسم الرئيس السادات،  باعتباره الرئيس الذى اتخذ قرار الحرب..أو الملقب ببطل الحرب والسلام! والحقيقة أنه لا محل هنا للاستغراب، فمن هنا تحديدًا نبتت فكرة مقالي! وقت أن هدرت المدافع كنت فى الثالثة عشرة من عمرى، ولم يكن يتسنى لزميلى الصحفى ولا لى، إدراك ومعرفة ما جرى  فى الكواليس، وما سبق من إعداد من خطط عسكرية،  وما طرأ على إستراتيجيات المعركة من تغيير. لكننا مع تتابع الأحداث  وانكشاف الأسرار، خصوصًا مع بدء عصر «الانفتاح السداح مداح» ، ثم «اندلاع»  كتابات الاستاذ هيكل كالحمم، وتصريحات الفريق فوزى الشهيرة عن خطط المعارك الحربية (جرانيت 1 وجرانيت 2) وحديث القادة الآخرين عن استبدال «الخطة بدر» بسابقاتها.. ودوى تصريحات الفريق الشاذلي -المبعد من رئاسة الأركان-  عن خلافات داخل القيادة العليا بينه وبين المشير أحمد إسماعيل،  والخلاف على الالتزام بخطة  تطوير الهجوم شرقا يوم 13 أكتوبر، وكانت مقررة سلفًا، بل وأحاديث السادات نفسه مع «ابنته همت» ودغدغة مشاعر الناس بكلامه عن «أخلاق  القرية» و«كبير العيلة».. وقوله لكيسنجر فى أول لقاء له به بعد اندلاع الحرب بأيام «انت استراتيجى وانا استراتيجى ودعنا من الآخرين! واكثر من هذا..تلك القناة السرية (حافظ إسماعيل مدير مكتبه الذى أصبح مستشاره للأمن القومى) مع الأمريكيين التى أنشأها مع بداية المعركة، والتى أوضح فيها لهم أهدافه من وراء حربه المحدودة !

 كل هذا وغيره وأكثر منه هو ما يجعل الكاتب متحيرًا فى الكتابة عن الرئيس الملقب بألقاب كثيرة: الرئيس المؤمن.. بطل الحرب والسلام.. كبير العيلة.. صاحب قرار العبور الخ. أزلت عن صفحة عقلى الأحكام المسبقة عن أى شيء يتعلق بالمعركة..ثمة فكرة واحدة فقط تسيطر على قناعاتى وهى أنه لا يمكن المزايدة على الدم.. دماء المقاتلين الذين خاضوا غمار القتال، الذين حاربوا وأصيبوا واستشهدوا أو أسروا.. الذين واجهوا العدو بصدورهم العارية.. ولم يهابوا الطيران الذى لا يقهر، ولا اهتزوا مثل بعض المهتزين  بسبب «الثغرة».. لا أحد يمكنه المزايدة على المقاتلين مطلقًا.

ومن هنا فإننا ونحن نستعد بعد عامين لتدارس تجربة معركتنا بعد نصف قرن، مدعوون إلى البحث والدراسة والكتابة وفقا لأسس علمية ومنهجية حديثة. تقديرى ان وزارة الثقافة بكل ما لديها من إمكانيات، بشرية ومالية وفنية،  تستطيع أن تكلف  كوكبة من الكتاب والمفكرين والادباء والشعراء والفنانين، لتوثيق مجريات الحرب التى غيرت وجه مصر، فيقدموا لنا مؤلفًا متكاملا يروى لنا ماذا جرى ولماذا وكيف ومن ومتى. ما هى الخطة التى جرت الحرب على أساسها، وما دور كل الأبطال المشاركين  فيها.. لا فرق بين مسلم ومسيحى.. تجيب عن أسئلة صعبة: هل كان الجمسى محقًا عندما ذرف الدموع فى مفاوضات الكيلو ١٠١؟ هل كان الشاذلى محقًا فى غضبه من عدم تطوير الهجوم شقا، وضرب الثغرة ب «الأنتينوف»؟ هل صدق هيكل وهو يتحدث عن حرب تحريك؟ نريد وثيقة تاريخية وأدبية وفنية تخلد الذكرى الأكتوبرية. لجنة يرأسها مؤرخ من وزن الدكتور أحمد زكريا.. وللحديث بقية.