عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

نور

> أولًا.. هذا مقال جاد جدًا.. ليس هدفه السير وراء هيستريا السخرية من اللص الذى قام بسرقة الهاتف المحمول الخاص بصحفى «اليوم السابع» أثناء قيامه بعمله، حيث كان يقوم بنقل بث مباشر لتغطية الحالة التى عليها القاهرة عقب وقوع الزلزال، صباح أمس الثلاثاء، والذى لم يسفر عن أية خسائر بحمد الله، ولكن المقال محاولة لمناقشة تطور أدوات الإعلام فى العالم، ووصول هذا التطور إلى مصر، لدرجة جعلت مصر كلها تشاهد «لص» يتمكن من سرقة أداة عمل صحفى على الهواء مباشرة.. وهو قطعًا حرامى سيئ الحظ جدًا، لدرجة جعلت ما يقرب من 20 مليون متابع لصحافة «اليوم السابع» يشاهدون عملية السرقة على الهواء، وما بعد الهواء، وأتصور أن هذا اللص التعيس سوف يتم القبض عليه قبل أن أتمكن من نشر هذا المقال.

> جيلى الذى عمل فى الصحافة الورقية التقليدية، بطريقة عملها الكلاسيكية، يدرك مدى التغير الذى حدث فى المهنة، من حيث الأدوات، ومن حيث التناول، والاتجاه، والاهتمامات، ولذلك نستطيع القول إن مهنة الصحافة فى العالم تم اقتسام توجهاتها بين المؤسسات الصحفية وبين القارئ، فلم تعد الصحافة هى التى توجه الرأى العام، فى معظم مساحات الرأى، ولكن اصبح الرأى العام هو الذى يقوم بتغيير توجهات الصحافة نفسها فى كثير من الاتجاهات، وأصبحت المسألة تخضع لما يسميه الجيل الجديد «الموود» الخاص بالقارئ، فالقارئ الذى يرغب فى البحث عن حدث يجبر جميع الصحف والصحفيين، على السير فى اتجاه هذا الحدث، ومثال ذلك أننى شخصيًا تعمدت أن أكتب عنوان مقالى هذا متوافقًا مع «الترند» فقد اصبحت جملة «حرامى الموبايل» مجالًا للبحث خلال الأربع وعشرين ساعة الماضية، حتى إنها طغت على كلمة «الزلزال» التى كان من الطبيعى أن تتصدر محركات البحث، ولكن جاء هذا اللص، كى يتصدر محركات البحث، ويركب الترند، بعد أن ركبه النحس، ليجعلنا نعود إلى طرح السؤال: هل ستشهد مهنة الصحافة تغيرات أخرى؟!

> أعتقد أن التغيرات لم تنتهِ بعد، وسوف تشهد المهنة تغيرات أخرى سريعة، خلال وقت قصير، لأن دخول التكنولوجيا، وطغيانها على مهنة الصحافة يُنذر بتطورات قد لا تستطيع إلا مؤسسات قليلة فى مصر مواكبتها، ما يهدد باقى المؤسسات بالإغلاق، والاندثار، وهذا بدوره قد يترتب عليه مخاطر مهنية كبيرة، ومخاطر إنسانية جسيمة، لأن عددا كبيرا من الصحفيين لن يجد له مكانا للعمل ما لم يقم بتطوير نفسه وأدواته، وما لم تقم مؤسسته الصحفية بهذا التطوير.

> أتذكر أن الأستاذ جمال بدوى رئيس تحرير الوفد الأسبق رحمة الله عليه، قد تمكن فى مطلع التسعينيات من إدخال نظام تجميع الصحيفة وتجهيزها عبر أجهزة الكمبيوتر، والناشر الصحفى، والاستغناء عن نظام «البرمويد» اليدوى، وأصبحت الصحيفة يتم تجهيزها فى وقت اقل وبكفاءة أكثر، وكانت طفرة ظللنا نتحدث عنها كثيرًا، وكان مجال التفاخر بين الصحفيين، والتنافس بينهم هو جملة «بتوزع كام» وتغيرت هذه الجملة الآن إلى عملت كام «ترند»!! المفاهيم تغيرت وأدوات العمل شهدت ثورة تكنولوجية مخيفة، ولن يبقى إلا من يقرأ المستقبل.

> منذ مايقرب من 20 عامًا كنت فى زيارة عمل قصيرة للولايات المتحدة، وهناك طلبت من مرافقى فى الرحلة، زيارة صحيفة كبيرة، وبالفعل تمت دعوتى لزيارة صحيفة «ميامى هيرالد» اليومية فى ولاية فلوريدا، وقابلت مدير تحرير الصحيفة، بعد جولة قضيتها فى المطابع والأقسام التحريرية، وبادرت بسؤال مدير التحرير: ما أرقام توزيع صحيفتكم لأننى لاحظت أن لديكم مطبعة ضخمة، وعدد المطبوع من الصحيفة كبير جدًا.. فقال لى بكل ثقة: نحن نوزع 800 ألف نسخة يوميًا!! فقلت له هذا رقم ليس كبيرًا للتوزيع فى كل الولايات المتحدة - التى يتجاوز عدد سكانها حينها 280 مليون نسمة- فابتسم مدير تحرير «ميامى هيرالد» وقال لى: نصف الكمية نوزعها داخل مدينة ميامى فقط والنصف الآخر نوزعه فى باقى مدن ولاية فلوريدا.. فبادرته بسؤال مباغت: ما سعر الصحيفة؟ فكان الرد غريبًا وجديدًا على أذنى، فقد قال: ببلاش!!! نحن نوزع الصحيفة مجانًا.. قلت له: كيف؟ ومن أين تنفقون عليها؟ قال: من الإعلانات، لأن المستقبل للصحافة المجانية، وأنتم فى مصر سوف تشهدون عزوفًا عن شراء الصحف خلال عشر سنوات، وستضطرون لتوزيعها مجانًا!!  ولكن يبدو أن «نصف» توقع الرجل لمهنة الصحافة فى مصر قد تحقق، ولم يوفق فى النصف الثانى من توقعاته، لأن الناس عزفت بالفعل عن شراء الصحف الورقية المطبوعة، ولكننا لم نستطع جميعًا - فى كل الصحف - من تطبيق نظام التوزيع المجانى، حتى التجربة الوحيدة التى تم تنفيذها فى نطاق التوزيع المجانى، للصحيفة اليومية، لم يحالفها التوفيق، وهى التجربة التى قام بتنفيذها الأستاذ سمير رجب منذ 12 عاما تقريبًا، عبر صحيفة يومية مجانية قام بتأسيسها وكانت تحمل اسم «24 ساعة» ورغم أن سمير رجب صحفى كبير وموهوب، لم تنجح التجربة، لأن طريقة التوزيع كانت خاطئة، وهى طريقة جعلت قارئ الصحيفة عشوائيا ومؤقتا، ولذلك عزف المعلنون عنها فتوقفت بعد أن تكبدت خسائر فادحة!

> الآن.. أصبحنا فى زمن الموبايل، الذى أصبح أهم أدوات الصحافة والإعلام.. وقد يصبح الموبايل بعد فترة من الزمن أداة قديمة، وهو ما يتطلب التدريب والتأهيل للصحفيين على الأدوات الجديدة، دون توقف...أيضًا، نحن أصبحنا فى زمن التكنولوجيا، التى تتطلب وجود مهندس برمجيات، وخبراء فى مواقع التواصل الاجتماعى، بجانب الصحفيين، وإلا سيضيع الخبر فى الزحام، حتى لو كان انفرادًا تاريخيًا!!

[email protected]