رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رؤى

قلنا أكثر من مرة إن أغلب تعريفات الأمن القومى القديمة ارتبطت بشكل أو بآخر بقدرة الدولة على حماية حدودها، وتأمين حاكمها ونظامه، فقد كان وما زال البعض ينظر للأمن القومى بأنه حماية جغرافية الوطن داخلياً وخارجياً، والحاكم الذى ينجح فى حماية أمن بلاده هو الذى يحافظ على حدودها من العدو الخارجى وعلى كرسيه من المعارضين له، وقد أدى هذا المفهوم أو التعريف إلى قيام الحكام بفرض قيود على شعوبها باسم الأمن القومى، فقاموا بالحد من حرياتهم فى التعبير وفى المشاركة السياسية وفى تشكيل الثروة، وعاشت الشعوب خاصة فى العالم الثالث مكبلة بقيود لا حد لها تحت مسمى الأمن القومى.

وبعد انتشار وسائل الاتصال، شعر المواطن بأن الأمن لم يعد فى ردع الغازى الخارجى والمعارض الداخلى، بل إن الأمن الحقيقى هو أن تعيش آمناً اليوم وغداً، لا تشعر بالحرمان أو العجز أو الخوف فى بيتك وفى المدينة أو القرية التى تعيش فيها وفى وطنك، والأمان المقصود هنا هو توفير المسكن والعمل والطعام والتعلم والانتقال، والعلاج، والحماية، والعدالة الناجزة، وحرية التعبير، وحرية الاعتقاد، وحرية ممارسة شعائره الدينية، والمساواة.. إلخ، وهذا بالطبع لا يتوافر سوى مع اقتصاد قوى ومع جيش وشرطة أقوى وفى ظل حكم ديمقراطى ودولة مدنية.

وأكبر دليل على ذلك أن حجم الدولة ومكانتها على خريطة العالم أصبح يقاس بمدى قدرتها على توفير احتياجات المواطنين من التعليم والمسكن والمأكل والعلاج والحريات.، وليس بقوة جيشها وشرطتها وأجهزتها الاستخباراتية فقط، فماذا يعنى أن تمتلك جيشاً وجهازاً أمنياً وشرطة أقوياء وشعبك لا يجد قوت يومه؟، هذا يعنى فقط أن الحاكم حول البعض من شعبه لحماية كرسيه ودولته التى يحكمها، فقد تحول الشعب إلى مجموعة من العبيد، بعضها يحمى الحاكم من عدوه الداخلى والخارجى، والبعض الآخر يدعو لله خوفاً ورعباً أن يبقى على الحاكم ويحفظه.

والقدرات البشرية والجغرافية والاقتصادية والتعليمية لأى بلد أصبحت هى الركائز الأساسية التى يجب أن ننطلق منها لتحديد حجم الدولة، سواء فى الوقت الراهن أو المستقبل، خاصة أن هناك فارقًا كبيرًا بين الدولة التى تستورد التكنولوجيا وتعمل على توطينها، وبين الدولة التى تنتج التكنولوجيا وتصدرها، والفارق واضح أيضاً بين الدولة التى تنتج ثقافتها والدولة التى تعيش على ما يجود به الغير، الأولى وضعت نفسها فى خريطة العالم، والثانية غارقة فى الظل والمعونة، الأولى تملى شروطها وتفرض سياساتها، والثانية ركنت فى بيت الطاعة لكى تضمن قوت يومها.

[email protected]