رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

حكاية وطن

 

 

 

على طريقة: «أعضائى وأنا حرّة فيها»، قرر عدد من الفنانات التبرع بأعضائهن بعد الموت. كشفت إلهام شاهين فى فيديو نشرته على صفحتها عبر «فيس بوك» عن التبرع بكامل أعضائها، وحست الناس على القيام بخطوة مماثلة للتبرع بالأعضاء، ودعت إلى تفعيل القانون الذى تم إقراره فى هذا الشأن من أجل الخير والمحبة والإنسانية، وحذت الفنانة رانيا يوسف حذو إلهام شاهين، وقالت إنها كتبت وصيتها وذكرت فيها أنها تتبرع بأعضائها بعد الوفاة، وردت على الذين أشاروا عليها بتعارض التبرع مع بعض الآراء الدينية، قالت كل واحد ينام على الجنب اللى يريحه، اللى شايفها حُرمة ميت ميعملهاش واللى مش شايفها حُرمة يعملها، ربنا خلقنا أحراراً، وترى الفنانة رانيا يوسف أن التبرع بالأعضاء زكاة، ومنفعة لغيرها، مشيرة إلى أنه ممكن لأى حد يستفيد بقرنية، أو قلب أو رجل، أو صباع!! وأعلنت فريدة الشوباشى، عضو مجلس النواب، عن تبرعها بجميع أعضاء جسدها بعد الموت، وقالت أؤكد ذلك بملء إرادتى وبأعلى صوتى ليستفيد منها أى مريض.

واختلفت معهن الفنانة عبير صبرى التى أسست حركة لرفض التبرع بالأعضاء، وقالت مفيش حد يتبرع بحاجة ما يملكهاش، دى هيصة، كله كلام والكلام مش ببلاش.

الكلام مهم وفى قصة نقل وزراعة الأعضاء البشرية يساوى وزنه ذهباً، لأنه أيضاً صدر من قوة مصر الناعمة، ولأن مشروع نقل وزراعة الأعضاء البشرية كان سيتسبب فى صراع سياسى بين مجلسى الشعب والشورى، عام 2001، فى هذا العام تقدم بعض أعضاء مجلس الشعب يساندهم الدكتور حمدى السيد، رئيس لجنة الصحة بالمجلس والدكتور إسماعيل سلام، وزير الصحة، باقتراح مشروع قانون لنقل وزراعة الأعضاء البشرية لمواجهة مافيا سرقة الأعضاء التى ظهرت فى هذه الفترة، وتدخلت الدراما لكشف أسرارها عن طريق فيلم «الحقونى» بطولة الفنان الراحل نور الشريف الذى اكتشف سرقة كليته أثناء علاجه بأحد المستشفيات!!

وكان ضرورياً أن يحال الاقتراح إلى مجلس الشورى، لأنه من القوانين المكملة للدستور ورأى الشورى فيه وجوبى، وكان الدكتور ماهر مهران رئيساً للجنة الصحة بالشورى. تشككت لجنة الشورى فى المشروع أثناء تأهبها لمناقشته، واعتبرته عملية تقنين لسرقة الأعضاء البشرية عندما قصرت عملية النقل من مرضى المستشفيات الحكومية التى يعالَج فيها الفقراء، وحاولت لجنة صحة مجلس الشعب إدخال المستشفيات الخاصة فى المشروع، وأصرت لجنة الشورى على رفضه لأسباب أخرى أكدت مخاوفها من تحويل الفقراء إلى قطع غيار للأغنياء، وانفعل أعضاء لجنة صحة مجلس الشعب وقالوا نحن المجلس التشريعى ونستطيع أن نصدر القانون رغم رفض لجنة الشورى، وتمسك مجلس الشورى بموقفه، وحلف ماهر مهران بسماها وترابها بأن هذا المشروع لن يمر إلا على جثته وقرر مجلس الشعب تجميده.

بعد مرور هدنة قصيرة بين مؤيدى مشروع نقل وزراعة الأعضاء وبين رافضيه، رفع الدكتور حمدى السيد شعار «لا تراجع ولا استسلام» وأعيد مشروع القانون بعد تطويره فى شكل تبرع بالأعضاء، وتم اعتبار نقل القرنية من المتوفى للحى مدخلاً له، وقال «السيد» إن قوائم انتظار زرع القرنية تعدت رقماً خطيراً يهدد ملايين المواطنين بالعمى، وقام الدكتور عبدالحميد أباظة، مساعد وزير الصحة، رئيس الأمانة الفنية لزراعة ونقل الأعضاء بالوزارة بدور كبير فى توضيح الجوانب الإيجابية من مشروع القانون، وكشف أن الهدف هو إنقاذ المرضى الذين يحتاجون إلى نقل أعضاء من الأحياء أو الأموات، وأن المشروع يهدف إلى التبرع وليس البيع.

أثناء مناقشة مشروع القانون فى لجنة الصحة بمجلس الشعب الذى كان يحضر المناقشات فى القضايا الجدلية، أثيرت مشكلة نائب عن إحدى دوائر الوجه البحرى كان قد طلب من الدكتور سرور تحمل المجلس تكلفة نقل عضو يساعده على الإنجاب وكان هذا الموضوع، هو موضوع الساعة، كما كان السبب فى إضافة فقرة فى اللائحة التنفيذية للمشروع، وهى حظر زرع الأعضاء أو أجزائها أو الأنسجة أو الخلايا التناسلية بما يؤدى إلى اختلاط الأنساب، كما حظر المشروع نقل أى عضو أو جزء من عضو أو نسيج من جسم إنسان حى لزرعه فى جسم آخر إلا إذا كان ذلك على سبيل التبرع بين الأقارب من المصريين، ويجوز التبرع لغير الأقارب إذا كان المريض فى حاجة ماسة وعاجلة لعملية الزرع بشرط موافقة اللجنة الخاصة التى تشكلت لهذا الغرض بقرار من وزارة الصحة.

كما اشترط القانون أن يكون التبرع بالأعضاء صادراً عن إرادة حرة خالية من عيوب المرض، ويجوز للمتبرع أو من استلزم القانون موافقته على التبرع العدول عن التبرع حتى ما قبل البدء فى إجراء عملية النقل، ويحظر التعامل فى أى عضو من أعضاء جسم الإنسان أو جزء منه أو أحد أنسجته على سبيل البيع أو الشراء.

كما أجاز مشروع القانون لضرورة تقتضيها المحافظة على حياة إنسان حى أو علاجه من مرض جسيم، أو استكمال نقص حيوى فى جسده أن يزرع فيه عضواً أو جزءاً من عضو أو نسيج من جسد إنسان ميت وذلك فيما بين المصريين إذا كان الميت قد أوصى بذلك قبل وفاته بوصية موثقة أو مثبتة فى أى أوراق رسمية، ومثل تسجيل التبرع فى الشهر العقارى، وتسجيل اسم المتبرع فى الأمانة العامة لزراعة ونقل الأعضاء، واستخراج كارنيه للشخص يمكنه من خلاله التبرع بعد الوفاة، وأجزاء الجسم التى يمكن زرعها للمريض بعد نقلها من المتوفى حديثاً فى حالة الموت الدماغى الذى يتحقق شرعياً بالمفارقة التامة للحياة هى القلب، الرئتان، الكليتان، البنكرياس، الكبد.

بعد إقرار القانون فى مجلس الشعب، أعلن الدكتور محمد سيد طنطاوى، شيخ الأزهر، تبرعه بقرنية عينه بعد وفاته، وقال إنه يجوز نقل الأعضاء الآدمية من إنسان توفى حديثاً إلى آخر حى ما دام ذلك يتم بطريقة سليمة، وقال إن هذا التبرع يعتبر نوعاً من الإيثار المحمود والصدقة الجارية، ولكن الدكتور طنطاوى مات فى السعودية، ولم يتم نقل أعضائه.

رغم صدور القانون بإجازة التبرع بالأعضاء من الحى إلى الحى ومن الميت إلى الحى، فإن الجدل لم يتوقف حول مشروعية التبرع، استند البعض إلى رأى للشيخ الشعراوى بأن الأعضاء البشرية فى الإنسان ملك لله ولا يجوز التصرف فيها، فى حين قالت دار الإفتاء إن التبرع بالأعضاء جائز من باب المحافظة على النفس، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً، وأنها ليست للبيع كقطع غيار بشرية، وأجاز نصر فريد واصل مفتى الجمهورية فى ذلك الوقت جواز التبرع للأقارب حتى الدرجة الرابعة حتى لا تتحول إلى تجارة.

وطلبت دار الإفتاء ألا تتضمن وصية المتبرع نقل كثير من أعضاء جسده حتى لا يؤدى النقل إلى امتهان كرامة الآدمى، والإضرار بالجسد عندما يكون خاوياً لتعارض ذلك مع تكريم الإنسان.

إذن، الأعضاء البشرية ليست كما قالت «رانيا»، أعضاء وأنا حرة فيها أغسلها وأكويها وأتبرع بيها، وليست كما اعتبرتها «هند» عهدة تسلمها كاملة. هناك مرضى يحتاجون لبعضها بشرط ألا يكون الأمر تجارة من وراء القانون والشرعية.