عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

كان الدكتور حسين كامل بهاء الدين من أفضل وزراء التعليم فى مصر، استمر فى منصبه حوالى 13 عاماً من 1991 إلى عام  2004، واصطدم فى آخر عام فى الوزارة بقضية الدروس الخصوصية، وأطلق على مدرسى الدروس الخصوصية «المافيا»، وقال «أنا يا هما وذهب بهاء الدين وبقيت الدروس الخصوصية، التى انتقلت من التعاطى سراً إلى سناتر تعمل إعلانات عن وحش الكيمياء وغول الفيزياء، وجبرتى التاريخ إلى آخر الأوصاف.

والدكتور طارق شوقى، وزير التربية والتعليم الحالى، سار تقريباً على نفس نهج حسين كامل، دخل كل المعارك  مع الدروس الخصوصية وخسرها جميعاً، لدرجة أنه عدل نظام امتحان الثانوية العامة من أجل محاصرة الدروس الخصوصية ولكنها فى تزايد مستمر بدليل أنها بدأت قبل العام الدراسى الحالى بعدة شهور، وتأقلم أولياء الأمور معها، رغم حجم الأعباء المادية التى يتحملونها مقابل تعليم أبنائهم على طريقة إيه اللى رماك على المر، فليس خافياً حال  التعليم الحكومى والخاص الذى أصبح يحتاج الى معجزة لانتشاله من أزمته.

عندما  أصدر «شوقى» تعليماته الى المدارس بعدم تسليم الكتب للطلاب قبل سدادهم  المصروفات الدراسية كانت وجهة نظره أن أولياء  الأمور يدفعون أضعاف الرسوم فى الدروس الخصوصية فلماذا يتبرمون من سداد المصروفات!!، وهو يعلم أن التشبيه فى غير  محله لأن أولياء الأمور يدفعون حتى آخر مليم فى جيوبهم رغماً عنهم للدروس الخصوصية لأنها أصبحت البديل عن العملية التعليمية فى المدارس، وأنهم غير ضامنين انتظام العام الدراسى بسبب جائحة كورونا، وأن الطالب الذى لا يحجز مكانه فى مجموعة الدرس لن يحصل على المجموع الذى يحلم به، خاصة طلاب الثانوية العامة الذين اعترف معظمهم  بأن الدروس الخصوصية كانت أحد عوامل تفوقهم، رغم طريقة امتحان العام الحالى التى كانت تحدياً  للدروس الخصوصية، وسمحت بنظام الأوبن بوك الذى لم يجد فيه الطلاب ما يسعفهم على الإجابة.

قرار ربط الكتب بسداد المصروفات لم يكن موفقاً لأنه يحدث لأول مرة هذا العام، رغم السلبيات التى ظهرت فى بداية العام الدراسى من مدارس غير جاهزة للعملية التعليمية، وزيادة الكثافة فى الفصول، وبقاء طلاب واقفين بدون ديسكات، إلا أن هذا القرار يبدو عقاباً لأولياء  الأمور الذين كشفوا  عن هذه السلبيات بالإضافة الى سوء  سلوك بعضهم فى الصراع على  حجز التختة الأولى لأبنائهم، ودخولهم فى خناقات مع المدرسين.

الرسوم المدرسية قديمة، ولم تكن وليدة هذا العام، وهى مهمة للإنفاق على الأنشطة التعليمية، وهناك فئات كثيرة معفاة منها كأبناء الشهداء، وأيتام دور الرعاية الاجتماعية وأبناء المرأة المعيلة،  وأبناء المساجين، ومصابى الثورة، ومدارس حلايب وشلاتين وشمال سيناء، وطلاب الفصل الواحد، وتتراوح ما بين  305 جنيهات إلى 550 جنيهاً من الابتدائى إلى الثانوى العام ، إلا أن اصرار الوزير على سدادها قبل تسليم الكتب، اعتبره أولياء الأمور نوعاً من التعجيز والعقاب لهم، لأن بعض الأسر رغم الفئات المعفاة من الرسوم  لا يملكون هذه المبالغ فى الوقت الحالى الذى أنفقوا فيه  كل ما يملكون فى شراء مستلزمات العام الدراسى من ملابس ومواجهة غلاء الأسعار، وأن بعض الأسر تنفق على عدد كبير من أبنائها.

فى جميع مراحل التعليم، وكانت فى السابق تسمح الوزارة لأولياء الأمور بدفع الرسوم فى أى وقت من العام الدراسى، بخلاف أن أولياء الأمور اعتقدوا أن وزير التعليم يعجل بسداد الرسوم الدراسية ليعلن بعدها وقف الدراسة فى جميع المدارس  لمواجهة  كورونا بعد أن يكون قد جمع ثمن الكتب.

الأزمة بين شوقى وأولياء الأمور لم تكن فى حاجة إلى  صب زيت جديد على النار، وكان يكفى عدم رضاء أولياء الأمور عن العملية التعليمية وخاصة نظام الثانوية العامة الذى ضاعف من عملية الترقيع فى الدراسة والامتحانات حتى فى دخول الجامعات، وجاءت أزمة الرسوم المدرسية لتزيد الطينة بلة، وكان الأمر يحتاج إلى مسئول يأخذ قراراً سياسياً أو  إنسانياً أو قراراً جريئاً يطفئ النار، وجاء  الحل على يد المحافظ الإنسان اللواء  خالد فودة، محافظ جنوب سيناء، الذى رفض ربط استلام الطلاب للكتب الدراسية بسداد المصروفات.

 لم يتدخل المحافظ لإنقاذ الموقف من خلف مكتب مكيف فى شرم الشيخ ولكنه بحث الأمر على أرض الواقع عندما كان يتفقد العملية التعليمية فى إحدى المدارس، ولم يعجبه رفض مديرى المدارس عدم صرف الكتب للطلاب بناء على تعليمات من وزير التربية والتعليم إلا للطلاب الذين يدفعون المصروفات. وقال المحافظ الإنسان: أنا وزير التعليم هنا، مفيش حاجة اسمها طالب ما يستلمش الكتب لأنه لم يسدد المصروفات الدراسية، سلموا الكتب لجميع الطلاب، وأنا متكفل بكافة المصروفات الدراسية للطلاب غير القادرين على مستوى المحافظة، ولن أتهاون فى محاسبة أى مسئول بالمحافظة فى حالة عدم تسليم الكتب، لأن التعليم حق للجميع.

تدخل اللواء فودة أثلج صدور أولياء الأمور، ليس فى جنوب سيناء ولكن فى كافة المحافظات التى تبحث عن محافظيها لتقول لهم صحوا النوم وتعاطوا حبوب الشجاعة، قوموا بواجبكم وخذوا قرارات تقع فى اختصاصكم لأن المحافظ هو رئيس جمهورية فى محافظته.

المحافظ فودة نزع فتيل أزمة جديدة بين وزير التربية والتعليم وبين أولياء الأمور فى أول أيام العام الدراسى ليتعاون الجميع من أجل إنقاذ العملية العملية التعليمية فى ظل جائحة كورونا.

وزير التربية والتعليم طارق شوقى استجاب وقام بتعديل قراره المتعلق بالرسوم وقال إنه من حق ولى الأمر دفع نصف مبلغ الرسوم فى التيرم الأول والنصف الآخر فى التيرم الثانى، وقال انه كان فى حاجة الى جمع الرسوم ولم يجد وسيلة إلا إجبار الطلاب على سدادها قبل استلام الكتب، وأنه رغم قراره بالدفع مقدماً، فإن المتحصل من الرسوم لا يتعدى 12٪.

أولياء أمور 30 مليون طالب فى التعليم الأساسى يقولون شكراً للمحافظ  خالد فودة الذى تصرف فى حدود سلطاته، ونرجو أن يحذو باقى المحافظين حذوه فى الوقت المناسب، وأن يكمل وزير التربية والتعليم جميله ويجعل دفع الرسوم فى أى وقت من العام وعدم ربطها بالكتب، التعليم كالماء والهواء مش محتاجين نعبّيه فى زجاجات ليتم تعاطيه بالسرنجة!!