عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

وأنا أقلب فى صفحات التاريخ، اكتشفت وجه الشبه بين انتخابات مجلس النواب عام 1925، التى زوّرتها حكومة زيور باشا، وانتهت بقرار الملك فؤاد بحل المجلس بعد 8 ساعات من انعقاده، وبين انتخابات مجلس الشعب عام 2010، التى زوّرتها حكومة الدكتور أحمد نظيف، وانتهت بحل المجلس بعد ثورة 25 يناير.

وهذه قصة أقصر برلمان فى تاريخ مصر استغرق انعقاده 8 ساعات فقط اقتصرت على جلسة الإجراءات التى فاز فيها الزعيم سعد زغلول برئاسة مجلس النواب فى مفاجأة لم يتوقعها زيور باشا ووزير داخليته إسماعيل صدقى الذى لقب بـ«عدو الشعب»، كان الملك فؤاد قد قرر حل البرلمان فى 24 ديسمبر عام 1924، وماطلت وزارة زيور باشا فى الدعوة لإجراء الانتخابات الجديدة، فى تحدٍّ لنصوص الدستور، وأجبرت على تحديد الموعد تحت ضغط القوى السياسية والاحتجاجات الشعبية، دخلت حكومة «زيور» الانتخابات، وفى نيتها التلاعب فى النتائج لصالحها، ودخل حزب الوفد الانتخابات مدافعاً عن الدستور، كما أعلن زعيمه سعد زغلول، وفى 9 ديسمبر 1924 تم تعيين إسماعيل صدقى باشا وزيراً للداخلية وبدأ رحلته فى تحدى الدستور، وتزييف الإرادة الشعبية، وتم تلقيبه بـ«عدو الشعب». . فى 15 يناير 1925 تم تأسيس حزب الاتحاد بإيعاز من القصر، وتم تقديم الحزب الجديد كحزب للعرش، ليكون ذراعاً مباشرة للملك فى الانتخابات، اكتمل الحلف المعادى لحزب الوفد وللديمقراطية، وبدأت الاستعدادات للانتخابات من الحزبين القديمين الحزب الوطنى وحزب الأحرار الدستوريين والحزب الجديد حزب الاتحاد يدعمها القصر والإنجليز.

كما بدأت وزارة زيور، وفى مقدمتها وزير الداخلية إسماعيل صدقى التلاعب فى الاتخابات، فألغت قانون الانتخابات الجديد الذى عدله البرلمان المحلول فى 24 يوليو عام 1924، والذى جعل الانتخابات مباشرة لجميع أفراد الشعب بدلاً من درجتين لمجلس النواب، وثلاث درجات لمجلس الشيوخ كما كان ينص القانون القديم، وأعادت الوزارة القانون القديم متحدية الدستور والشرعية، لعلمها أن الانتخابات المباشرة ستصب فى مصلحة حزب الوفد صاحب الشعبية الكبيرة.

ولم تلتزم الوزارة بنصوص القانون القديم أيضاً فيما يخص تبديل أحد المندوبين، وامتد تلاعب وزارة زيور إلى الدوائر الانتخابية لتغيير حدودها لتشكل حسب رغبة مرشحى الحكومة لمنحهم أفضلية على مرشحى الوفد، كما تم فتح باب الترشح للانتخابات بعد انتهاء ميعاده القانونى لحساب مرشحى الحكومة، وأصدر إسماعيل صدقى وزير الداخلية أوامره للمحافظين ورؤساء المديريات بدعم مرشحى الائتلاف الحكومى ضد مرشحى حزب الوفد بأى ثمن، وحذرهم بأن المحافظ الذى ينجح مرشح وفدى فى دائرته سيتحمل المسئولية أمامه!! وأطلق «صدقى» العنان لقوات الشرطة فى قمع ومطاردة معارضى وخصوم الحكومة وأنصار الوفد.

وأخذت الحكومة تماطل فى تحديد يوم الانتخابات لتعطى لإسماعيل صدقى أطول وقت ممكن ليمارس العنف والضغط على المندوبين لضمان توجيه أصواتهم لمرشحى الائتلاف. وتحدد موعد إجراء الانتخابات يوم 25 مارس، ومع اقتراب الانتخابات زادت حدة الإجراءات الحكومية، وأصدر وزير الداخلية قراراً باستخدام الناخبين قلم الرصاص الأسود فى التأشير على خانة الاختيار، ما اعتبره الوفديون دليلاً على نية التزوير، وطالبوا باستخدام القلم الكوبيا أو الحبر منعاً للتلاعب. ومنذ عصر 25 فبراير حاصر البوليس بيت الزعيم سعد زغلول، ووقفوا على الشوارع المؤدية إليه ليمنعوا أنصاره من الاتصال به خلال المعركة الانتخابية، وأصدرت وزارة الداخلية تعليمات لمندوبى مرشحى الائتلاف بمنع مندوبى الوفد من دخول اللجان الانتخابية، كما قرر وزير الداخلية منع احتشاد الناس قرب مقار اللجان، ومنع المظاهرات والاجتماعات يوم الانتخابات، وأمر باتخاذ إجراءات ضد الطلاب الذين يشاركون فى الحملات الانتخابية ما داموا غير مقيدين فى كشوف الناخبين. وأجريت الانتخابات يوم 12 مارس، وأعلن زيور فى اليوم التالى حصول الائتلاف الحكومى على الأغلبية، وقرر الاستمرار فى الحكم بعد تعديل فى شكل الوزارة ليتناسب مع نتيجة الانتخابات، ورفع زيور استقالته للملك فى نفس اليوم، فعهد إليه بتأليف الوزارة الجديدة.

اجتمع البرلمان بمجلسيه على هيئة مؤتمر صباح يوم 23 مارس، ورأس الاجتماع محمد توفيق نسيم باشا رئيس مجلس الشيوخ، وحضر الملك فؤاد حفل الافتتاح، وتلا زيور خطاب العرش، وانفض المؤتمر، واجتمع مجلس النواب ظهراً، وبدأ انعقاده بانتخاب رئيسه، وكانت المفاجأة هى حصول الزعيم سعد زغلول على 123 صوتاً مقابل 85 صوتاً لثروت باشا، واتضحت الحقيقة أن الوفد هو الذى حاز على الأغلبية وليس الائتلاف الحكومى، رفعت حكومة زيور استقالتها إلى الملك عصر ذلك اليوم، وبررتها بتعارض سياسة مجلس النواب مع سياسة الحكومة، فرفض الملك استقالة الحكومة، فاقترحت الوزارة عليه حل البرلمان فوافق، ولم يكن قد مضى على انعقاد المجلس سوى 8 ساعات؛ ليبقى هذا البرلمان حتى هذه اللحظة أقصر برلمان فى تاريخ مصر والعالم.

لم يجد القارئ اختلافاً كثيراً بين تدخل الحكومة السافر فى انتخابات برلمان الثمانى ساعات وانتخابات عام 2010، ولذلك لا داعى للتكرار.