رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

حكاية وطن

البهو الفرعونى يعتبر من أهم معالم مجلس النواب، ويتمتع بشهرة كبيرة ظهرت أثناء الحريق الذى شب فى مجلسى الشورى والشعب عام 2008، وكان أول سؤال تبادر إلى الأذهان هل تعرض البهو الفرعونى للحريق، لم تصل إليه النيران وما زال حتى اليوم يربط بين مجلسى النواب والشيوخ، البعض يتعامل معه، خاصة النواب على أنه استراحة للنواب لتناول السندويتشات الخفيفة والمرطبات والشاى والقهوة، ومكان للمزوغين من الجلسات والغاضبين والمنسحبين، ومقر للتربيطات السياسية وتوحيد الآراء فى مواجهة قضية مطروحة للمناقشة فى الجلسة العامة ويتم ذلك من خلال نواب الحزب الواحد أو مجموعة من المستقلين فى مواجهة الأغلبية.

لكن عام 1945 تحديداً يوم 24 فبراير من هذا العام شهد البهو الفرعونى اغتيال رئيس وزراء مصر أحمد ماهر باشا، كان «ماهر» قد ذهب إلى البرلمان يدعوه لاجتماع لاتخاذ قرار إعلان المشاركة فى الحرب مع الحلفاء، وقام بشرح المكاسب التى ستحصل عليها مصر من مشاركتها فى الحرب فى اجتماع سرى مع النواب، وتمكن من الحصول على تأييد شبه جماعى بالمشاركة فى الحرب العالمية الثانية، وبعد أن انتهى «ماهر» من إلقاء بيان الحكومة حول إعلان الحرب على خصوم الحلفاء، وأثناء انتقاله إلى مجلس الشيوخ عبر البهو الفرعونى، قام شاب يدعى محمود العيسوى، بإطلاق الرصاص عليه فأصابه فى مقتل.

تم القبض على القاتل العيسوى، وكان عضواً بالحزب الوطنى ومحاميًا فى مكتب سكرتير الحزب عبدالرحمن الرافعى، من مواليد قرية «بنى غريانة» التابعة لمركز قويسنا بالمنوفية، وحاصل على شهادة الحقوق عام 1939، وبرر فى تحقيقات النيابة إقدامه على اغتيال رئيس الوزراء ليمنع دخول مصر فى الحرب مع إنجلترا ضد ألمانيا واليابان، وقال إن الأولى بالحرب هم الإنجليز وليس الألمان الذين لم يحتلوا أرض مصر، ولم يمارسوا فيها أى فظائع، فلماذا نحاربهم، ولم تجمع بيننا عداوة من قبل، فيما نترك من يسرق أقواتنا، ويقصد الإنجليز.

وصدر حكم بإعدام «العيسوى» وأثناء اقتياده إلى حبل المشنقة، وحين سئل عن طلبه الأخير، أجاب بأن يسمح له بالصلاة، فتوضأ وصلى الصبح، وتم اقتياده يوم 18 سبتمبر من نفس عام ارتكاب الجريمة، إلى حبل المشنقة، وقبل وضع الطاقية السوداء على رأسه قال: أنا لا يهمنى إلا حكم التاريخ، وأرجو ألا يشوهوا سمعتى وألا تفتروا علىّ!

أصاب حادث اغتيال «ماهر» الحزب الوطنى بالصدمة، وذكر عبدالرحمن بدوى فى سيرته أن الحزب لم يكن يومها يمتلك جناحاً عسكرياً، ولم يفكر بذلك أبداً ولم يكن له نية لاغتيال أحمد ماهر، بل لم يجد العيسوى أحدًا يؤيده أو يتعاطف معه من أعضاء أو قيادات الحزب، وبعد مرور أربعة عقود على اغتيال ماهر، وفى فترة الثمانينيات جاء اعتراف على لسان السيد سابق فى جريدة «المسلمون» بأن اغتيال أحمد ماهر نفذه التنظيم الخاص لجماعة الإخوان، وأن العيسوى كان منخرطاً فى التنظيم الخاص بشكل سرى، وكانت العملية نموذجاً لدقة التخطيط وإتقان التنفيذ، أما الشهادة الثانية فقد جاءت من الشيخ الباقورى الذى كتب ذكرياته فى صحيفة «المسلمون» أيضاً، ثم صدرت بكتاب عن مركز الأهرام للترجمة والنشر، وفيها يقطع بأن جريمة اغتيال ماهر كانت بتخطيط وتنفيذ الجهاز الخاص لجماعة الإخوان.

الحزب الوطنى الحديث حاول تحويل البهو الفرعونى بعد استيلائه على جميع مقاعد البرلمان فى انتخابات عام 2010 فى أشهر مسرحية انتخابية إلى معرض لمنتجات المحافظات أو أشهر الأكلات فى كل محافظة.. تفتق ذهن النواب من خلال اقتراح قدموه إلى أحمد عز بأن يقيم كل نائب من نواب الحزب الوطنى وليمة داخل البهو الفرعونى تشمل أشهر الأكلات فى محافظته، مثل الفطير المشلتت فى المنوفية، والأسماك فى الإسكندرية، والفسيخ فى الدقهلية، والمش والجبنة القديمة مع المطبق فى الصعيد، وإلى آخره، وتم تطبيق هذه الفكرة عدة مرات داخل البهو، ولم يعجب هذا الاقتراح رئيس مجلس الشعب الدكتور فتحى سرور، وأرشد النواب إلى مطعم المجلس فى الدور التاسع لممارسة هوايتهم فى الأكل، وبقاء البهو الفرعونى محتفظاً بوقاره على الأقل كمقهى سياسى للنواب لتبادل الآراء حول القضايا المطروحة أمام المجلس.

هناك تفكير من الدولة حالياً فى تحويل مبنى مجلس النواب إلى مزار سياحى وأثرى بعد انتقال مقره إلى المبنى الجديد فى العاصمة الإدارية، ويتمتع مبنى البرلمان الحالى بقيمة تاريخية كبيرة، حيث تم بناؤه على يد الخديو إسماعيل عام 1866، وعقد بداخله أول اجتماع فى 26 ديسمبر عام 1881، وشهد فى عام 1924 عقد الجلسة الافتتاحية الأولى التى ضمت مجلسى الشيوخ والنواب يوم السبت 15 مارس 1924.