رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

كنوز الوطن

 

 

 

يجمع خبراء المهنة أن أفضل الدبلوماسيين هم من يعرفون متى يصمتون ومتى يكون الحديث مطلوبًا والكلام ضروريًا، والسفير الدكتور منير زهران اختار الوقت المناسب للحديث وإصدار مذكراته الشخصية ليكشف فيها تفاصيل رحلة امتدت لأكثر من خمسين عامًا ما بين العمل الدبلوماسى كوظيفة أو كخبير يؤدى دوره الوطنى من خلال المجلس المصرى للشئون الخارجية، وخلال تلك السنوات عاصر ثلاث حروب وثلاثة رؤساء واطلع على الكثير من الأسرار وشارك فى العديد من الأحداث والتحركات الدبلوماسية المصرية، وكان قريبًا من دائرة صنع القرار.

قد يختلف البعض مع بعض ما جاء فى المذكرات وقد تكون لديهم رؤى لا تتفق مع ما انتهى إليه السفير زهران، لكن الأكيد أنه لا يملك الجميع إلا أن يحترموا رؤيته وروايته لأنه لم يدونها بهوى ولم يلجأ إلى ما يفعله كثير ممن كتبوا مذكراتهم من تمجيد لأنفسهم ومن يحبون، وتشويه لمن يختلفون معهم، فمذكرات زهران كتبت برؤية وموضوعية تنم عن كاتب واثق وشاهد يتحرى الدقة، وهذا ليس غريبًا على السفير زهران الذى عرفته وتعاملت معه على مدى سنوات فلم أجد منه سوى الوضوح والصراحة والبعد عن المجاملات فى تعاملاته، فهو حاسم فى مواقفه، جاد فى أحكامه، لا يتنصل من مسئولية ولا يتهرب من مواجهة، وعندما أصدر مذكراته ورأى فيها البعض تحاملا على فترة الستينيات لم يراوغ فى إجابته بل شرح رؤيته والأسس التى بناها عليها بدقة نالت احترام الجميع، لأنهم أدركوا أنه لم يدون كلمة دون اقتناع ولم يسجل واقعة دون تحليل وتحر، وأن مجمل شهادته سيطر عليها رغبته فى أن تكون وثيقة للتاريخ وليس بحثًا عن مجد شخصى لأنه لا يريد إلا العيشة الراضية التى تحدث عنها بالتفصيل فى كتابه، ولهذا فمن يقرأ الكتاب يتنقل بين صفحاته مطمئنًا أنه لا يطلع على تاريخ مزيف وإنما يقرأ قصصا واقعية سواء لأحوال مصر خلال النصف قرن التى تناولها الكتاب أو الحروب الثلاث التى عاصرها بداية بحرب ٥٦ مرورًا بالنكسة وصولًا إلى نصر أكتوبر، أو دور الدبلوماسية فى تلك الفترات وما قامت به مؤسسة الدبلوماسية المصرية العريقة من تحركات واعية وخبيرة على مستوى العالم لشرح الرؤية المصرية وفضح الأكاذيب الإسرائيلية.

وهنا يجب الاعتراف بأن جزءا من أهمية شهادة السفير زهران أنها صادرة عن شخص ينظر إليه كواحد من رموز الدبلوماسية على مدى الخمسين عاما الماضية ‏ýبل يعده البعض واحدا من مؤسسى الدبلوماسية المصرية، فقد تولى العديد من المهام الدبلوماسية ما بين باريس وبروكسل ونيويورك ثم سفيرًا فى المملكة المغربية فى عام 1985، وبعدها أصبح الممثل الدائم لمصر لدى الأمم المتحدة فى جنيف، فى الفترة من 1991 إلى 1999. وفى كل هذه المواقع كان محل تقدير واحترام لأدائه المهنى الراقى ليس فقط من القيادة المصرية بل ومن غير المصريين أيضا بسبب مواقفه المنحازة لقضايا الفقر ودعم دول العالم الثالث والدول العربية والأفريقية والتى جعلت كثيرين يلقبونه بوزير دفاع الدول النامية..

‏ýوهذا بالطبع بجانب مواقفه الوطنية العديدة التى رفض فيها المتاجرة بسمعة مصر والمصريين، ومنذ تولى رئاسة المجلس المصرى للشئون الخارجية يبذل جهدًا واضحًا فى سبيل مواصلة الارتقاء برسالته وأداء دوره فى دعم السياسة الخارجية للدولة المصرية فى مواجهة التحديات التى تتعرض لها، وفى مقدمتها الإرهاب والتطرف وحالة الاستهداف الواضحة لها، وكذلك إبراز التغيير الإيجابى الذى تشهده مصر من خلال المشروعات العملاقة والتنمية الشاملة فى كل أرجائها.

يقينًا كل ما سبق ليس سوى بعض ملامح اجتهدت أن أرصدها فى شخصية وطنية مخلصة أدت واجبها بكفاءة، وأرادت أن تكمل رسالتها بشهادة معتبرة؛ أعتقد أنها ستكون مرجعا للباحثين فى المجال السياسى والدبلوماسى، وأتمنى لو اطلع الجميع على تلك الشهادة المدونة بين دفتى كتاب « شاهد على الدبلوماسية المصرية فى نصف قرن «.