رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ضوء فى آخر النفق

 

 

هل ستتوقف عن القراءة إذا كان مقالى فى الوفد يتحدث عن جمال عبدالناصر؟ لا أظنك على صواب.. فالرجل الذى رحل عن دنيانا قبل 51 عامًا رفعت صوره فى ميدان التحرير أثناء ثورة يناير 2011. ولا يزال العالم العربي- بكل ما بقى فيه من شرايين القوة والوحدة- وإن كانت غير منتظمة فى جسد واحد، أو يجمعها قلب رجل واحد، يغترف من تراثه المقاوم كلما لاح على الأفق حديث الاستعمار والصهيونية وحركات التحرر والوحدة العربية ومبادئ عدم الانحياز، وفضلًا عن ذلك معايير وقيم العدالة والانحيازات السياسية والاجتماعية. فهذا رجل انحيازه الأساسى لجموع الشعب الفقير العامل. لا تزال هناك أحزاب- خارج مصر وداخلها- تحمل اسمه، وبعضها يتشكل من فصيل كامل داخل أحزاب تنتمى إلى تجربته.

لا تزال الجامعات تناقش رسائل الماجستير والدكتوراه عن تجربته، والكتاب يصدرون كتبًا عنه. ولا تزال كبريات الصحف ودور النشر العالمية تهتم بمناسبات بعينها كان هو محركها الأساسى: تأميم القناة.. حرب السويس.. الصراع الأمريكى السوفيتى على الشرق الأوسط ، فيستكتبون الساسة والمفكرين والكتاب ويعقدون الحلقات النقاشية عنه لمزيد من البحث والدراسة والتصحيح وحتى الاعتبار من دروس مناهضته لهم.

أقرأ هذه الأيام أكثر من كتاب يناقش التجربة الاشتراكية فى مصر فى زمن الرئيس عبدالناصر، بقلم الكاتب الدكتور وجدى زين الدين.. الوفدى، رئيس تحرير جريدة وموقع الوفد، والحاصل على الدكتوراه فى موضوع «الاتجاه الاشتراكى فى الأدب والنقد ١٩٥٢-١٩٦٧». والحقيقة أنه خلافًا لما يجرى من معارك وسجالات بين الناصريين والساداتيين عند الحوار، فإنه كان يمكننا أن نتحاور ونتناقش ونقدر وننصف وننقد ونتمنى، وليتها سمة بين الكتاب وصناع الرأى.

 كيف يكون أبناء كاتب يقدر جمال عبدالناصر؟ هل إذا لم يكونوا واعين أو مؤمنين بفكر والدهم الكاتب، فيكون هذا بمثابة إدانة لأفكاره، ودليلًا على فشله فى أن يجعل أقرب الناس إليه ينتمون إلى بعض أفكاره ويؤمنون بصحة بعضها على الأقل؟ سألت نفسى هذا السؤال عشية ذكرى رحيل «جمال» حتى أننى كدت أوقظهم من نومهم لأسالهم عن مدى تقديرهم لزعيم لم يعاصروه، ويعيشون زمنًا ليس معبقًا بأفكاره، ولا معطرًا بصوت أم كلثوم، وأفكار العقاد وبراعة السياسى فؤاد سراج الدين، وإنما يتسيدها شاكوش وحمو ورمضان؟ ليس فيها إعلاء لقيمة العمل (حق وشرف وواجب وحياة) ولا لروح الادب والموسيقى. ولا لقيم الشهامة والمروءة. ولا لقيم التفوق والنبوغ. 

كان الأجدر بى أن أستقرئ ملامح حياتنا الحالية وما يجرى فيها، وماطرأ عليها من متغيرات عاصفة، حتى أعرف ما الذى يمكن أن يشكل وجدان الأبناء هذه الأيام، فلا احتاج لسؤالهم عما يعتقدونه فى زعيم كجمال أو مفكر كزكى نجيب محمود، أو رواية كأولاد حارتنا لنجيب محفوظ، أو مجموعة كأرخص ليالى ليوسف إدريس..أو ديوان كزرقاء اليمامة لأمل دنقل، أو ثلاثية إنجيل الثورة وقرآنها لحسن طلب.

لا يعرف أولادنا الكثير عن عبدالناصر ولا عن تاريخ مصر بشكل عام. فى عصر الانحدار الذى بدأ بالتحول الرأسمالى، حتى وصلنا إلى قمة القاع وحالة الموات التى تسيطر على حياتنا، حتى أننى أتساءل من الذى مات بعد 51 عامًا أهو عبدالناصر حقًا.. أم نحن؟