رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نظرة تأمل:

 

 

الثلاثون  من  يونية عام 2013 يوم لا ينسى في تاريخ مصر الحديث  وأضحت  ساعاته فارقة، خاصة أن النظام الحاكم في ذلك الوقت قد فقد سيطرته على مفاصل الدولة وأصبح رئيسه معزولاً في قصر الاتحادية ولم تكن لديه قناة اتصال غير مكتب الإرشاد لجماعة الإخوان!

وقرر التليفزيون الالتزام الكامل بالمهنية في التغطية الإخبارية فكان توزيع شبكة المراسلين على المناطق بشكل متوازن، حيث تجمع الإخوان في ميداني رابعة العدوية والنهضة بينما تركزت الجماهير الرافضة لحكم الإخوان أمام قصر الاتحادية وفي ميدان التحرير بشكل أساسي. واعتبرنا ان يوم الجمعة 28 يونية بروفة جنرال لما سوف يحدث يوم الأحد 30 يونية ومساء يوم 29 أعلن فيه بشكل واضح انحياز إعلام الدولة  للجماهير لأن التليفزيون المصري هو ملك للشعب لدرجة أن وزير الإعلام المنتمي لجماعة الإخوان  اتصل برئيس الاتحاد شكري أبوعميرة  وأخبره بالنص (ان تليفزيون الدولة لم يعد مع الرئيس)!!

في يوم الاربعاء الثالث من  يوليو لم أتحدث الى الوزير ولكن كانت كل الاتصالات تتم عبر رئيس الاتحاد وقد ساعدني ذلك على إدارة التغطية بهدوء بعيدا عن أي ضغوط واعطي الفرصة للفريق المعاون ومن هم تحت رئاستهم من التنفيذيين للعمل وفق ما يمليه عليهم ضميرهم المهني، وكان متوقعاً أن يصدر بيان عن القوات المسلحة في الساعة الرابعة ولكن الوقت كان يمر ببطء والشوارع والميادين تمتلئ بالجماهير وأغلق مبنى ماسبيرو أبوابه وأحكمت السيطرة الأمنية عليه وغادر الوزير المبنى حوالي الساعة الثانية بعد الظهر للمرة الأخيرة!!

ومرت الدقائق ساعات ونحن في انتظار اللحظة الحاسمة إما بالنقل على الهواء لإذاعة بيان الجيش أو وصول البيان مسجلاً، وساد الجميع قلق ما كلما تأخر وصول البيان لا سيما أننا دخلنا الى ساعات المساء وكانت غرفة الأخبار تجهز نشرة التاسعة وهي النشرة الرئيسية بالقناة الأولى بالتليفزيون المصري. وفي الساعة الثامنة مساء وصلني أول اتصال من إدارة الشئون المعنوية مفاده أن شريطا يتحرك نحو مبنى ماسبيرو برفقة اللواء محسن عبدالنبي مدير ادارة الشئون المعنوية بالقوات المسلحة.

وكنت أتابع التحرك لحظة بلحظة بينما الفريق المعاون على أهبة الاستعداد سواء في صالة تحرير الأخبار أو استديوهات الهواء فيما توقعت وصول الشريط إما قبل نشرة التاسعة أو أثناءها، وفي كل الأحوال اتفقنا على انه بمجرد وصول الشريط تضم كل القنوات المرئية والشبكات الاذاعية على استديو 11 الخاص بالاخبار بإشارة معينة وهي اذاعة اغنية  مصر تتحدث عن نفسها لأم كلثوم.

وفي الساعة الثامنة و50 دقيقة مساء وصل الشريط المنتظر وفي الساعة التاسعة حبسنا الأنفاس حتى سمعنا صوت أم كلثوم يشدو ويتوحد الإرسال  فيما تسلم مذيع الاستديو مقدمة الخبر ليقدم الحدث الذي يترقبه الملايين وتضم كل القنوات الفضائية في مصر والعالم العربي على القناة الأولى بالتليفزيون المصري الرسمي، فيما طيرت الخبر العاجل وكالات الأنباء وقطعت كثير من المحطات الإخبارية إرسالها العادي لتنقل مع تليفزيون بلادي الحدث.

وأدلى الفريق أول عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة بيانا اعلن فيه استجابة لإرادة جماهير الشعب المصري فقد تقرر سقوط نظام الإخوان وتعطيل العمل بالدستور وعزل محمد مرسي وتولي رئيس المحكمة الدستورية العليا مقاليد الحكم حتى اجراء انتخابات رئاسية وحدد البيان خارطة للمستقبل.

ولم يتمالك الجميع في استديو 11 أنفسهم وسالت دموع الفرحة بنجاح الثورة وتعانقوا في لحظة تاريخية حاسمة اعتبرتها الإنجاز الأهم في حياتي المهنية على مدار اكثر من 38 عاما. ولا شك أن الساعات الحاسمة التي عشناها بكل مشاعرنا وقوانا يوم 3 يوليو عام  2013 كانت أمراً طبيعياً لانقاذ البلاد من حكم «فاشي» كاد ان يلقيها في هاوية التخلف والضلال. وعندما غادرت المبنى في الساعات الأولى من فجر يوم الرابع من يوليو شعرت بأنني أتنفس هواء مختلفاً عن ذي قبل هواء بلا إخوان.