رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بهدوء

 

 

 

احتلت قضية الحريات الدينية مكانة مركزية فى فكر الشيخ عبدالمتعال الصعيدى، حيث رأى أن الجامدين فى الأزهر ساروا على نفس النهج القديم فى التفسير بأن آيات القتال تجب (لا إكراه فى الدين)، وأن إصرار الجامدين على جمودهم يشوه الإسلام بإظهاره مخالفًا لحرية المعتقد الدينى الذى أصبح أمرًا مستقرًا فى العصر الحديث.

ومن ثم يرى الصعيدى أن (لَا إِكْرَاهَ فِى الدِّينِ) قاعدة كبرى من قواعد دين الإسلام، وركن عظيم من أركان سياسته، فهو لا يجيز إكراه أحد على الدخول فيه، ولا يسمح لأحد أن يكره أحدًا من أهله على الخروج منه، وإنما نكون متمكنين من إقامة هذا الركن، وحفظ هذه القاعدة إذا كنا أصحاب قوة ومنحة نحمى بها ديننا وأنفسنا ممن يحاول فتنتنا فى ديننا، واعتداء علينا بما هو آمن أن نعتدى بمثله عليه، إذا أردنا أن ندعو إلى سبيل ربنا بالحكمة والموعظة الحسنة، وأن نحاور المخالفين بالتى هى أحسن معتمدين أن تبيين الرشد من الغى هو الطريق المستقيم إلى الإيمان مع حرية الدعوة، وأمن الفتنة، فالجهاد من الدين بهذا الاعتبار، أى أنه ليس من جوهره ومقاصده، وإنما هو سياج له، فـ«الصعيدى» ينظر إلى آيات القتال على أنها لحماية الإسلام من المعتدين، وحماية المسلمين من أعدائهم.

ويرى «الصعيدى» أنه «لا يصح أخذ الناس فيه (الإيمان) بشيء من رسائل الإكراه، فإذا أخذنا به فى الإسلام بعدنا عن توجيه مطعن من مطاعن عصرنا إليه، وبعدنا به عن المخالفة لذلك الأصل (حرية الاعتقاد) التى تأخذ به الآن جميع الأمم، وتضعه فى ابتداء دساتيرها، ليعيش الناس أحرارًا فى عقائدهم، ولا يكون لأحد سلطة فيها عليهم، ولا يكون هناك حساب على العقائد إلا حسابه تعالى فى الآخرة، فمن شاء آمن بهذا الحساب ومن شاء لم يؤمن».

وإذا كان «الصعيدى» يؤمن بحرية المعتقد فإن ذلك يتعارض بالكلية على ما رُسخ بداخل الإرث الإسلامى التاريخى حول الردة، وحول قتال الآخر حتى يؤمن، هذا الإرث الراسخ الذى امتد فى العمق التاريخ الإسلامى، فكيف كانت قراءة الشيخ الصعيدى للردة، وقتال الآخر الذى يتعارض مع مبدأه فى حرية الاعتقاد، وبأنه لا إكراه فى الدين، فيقول: «وأما قتل المرتد فقد شاع بيننا شيوع المذاهب الفقهية الأربعة لأنها متفقة على قتل المرتد، ومن المذاهب ما يقصر قتله على الذكر دون الأنثى، ومنها ما يرى أنه لا يقتل بل يستتاب أبدًا إلى أن يموت، وهذا المذهب أوفق عندى بما جاء به الإسلام من أنه لا إكراه فى الدين لأنه نفى الإكراه ويجب أن يكون بعدم قهر أحد على الأخذ به فى ابتداء، إذ لا فرق بين الأمرين ولا معنى لإكراه المرتد على الرجوع للإسلام إذا لم يكن رجوعًا عند اقتناع لأن هذا لا يجعله مسلمًا إسلاميًا صحيحًا، ولا ينفعه عند الله تعالى».

وهنا نرى «الصعيدى» يختار من الآراء الفقهية وهو أيسرها تماشيًا مع ظروف العصر وتطور حركة الاجتماع، وقد يكون شاذًا فى تراثنا الفقهى، ولا جمهور له، وهنا يقدم «الصعيدى» الرؤية المتميزة لسماحة الإسلام فيرفض قتل أو سجن المرتد، ولا باستخدام وسائل الإكراه، ولكن يتم ذلك بالحكمة والموعظة الحسنة، ولا يكون العقاب على ردته إلا فى الآخرة، لأن الإسلام نص نصًا صريحًا على أنه لا إكراه فى الدين، وأكد حق الإنسان فى الاختيار، ولا شك أن توجه «الصعيدى» هو ما ينبغى أن نشجعه فى الفترة الراهنة من حياتنا المعاصرة.