رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

حكاوى

فى رحاب الكاتب الكبير عباس حافظ، نعيش عالماً رائعاً فى وصف ثورة 1919 عند الزعيم خالد الذكر مصطفى النحاس، فـ«سعد زغلول» الزعيم الأول لثورة 1919 وملهم الحياة الوطنية، كان على خليفته أن يقود الحركة الوطنية، يقول «عباس» فى وصف الثورة فى مختلف أدوارها:

ويوم قام مصطفى النحاس فى مكان الرياسة لم تلبث النفوس أن هدأت بعد جزع والقلوب اطمأنت بعد قلق، والأذهان سكتت بعد لهفة والأخلاد قرت بعد اضطراب، فقد ظهر الرجل الذى احتاجت الحياة إليه، والزعيم الذى دفعت الأقدار به، والشخصية ذات السلطان العظيم على كل من يرتفع رفعتها، ولم يبلغ مستوى أفقها، بل برز القائد الوطنى، أو الضمير والعنصر الحساس المتنبه الذى تحيا به الأمم وتعيش عليه الجماعات.

لقد كان لظهور مصطفى النحاس دور آخر من أدوار الثورة، ومرحلة جديدة من مراحلها، فإن الثورات بطبيعتها لا تستطيل، ولكن إذ تبلغ مداها وتفور أشد فورتها، تعود فتعيش فى نتائجها، وتظل تحيا فى أعقابها، ومن الخطر البالغ عليها، أن تتلاشى بعد قيامها، وتتبدد عقب فورانها، لأن ذلك ينتهى إلى ردة مؤلمة، ويعقب نكسة وخيمة، ولكن إذا هيأ الله لها فى هذا الدور الدقيق، القائد الحكيم الذى يتعهد معانيها الكامنة فى النفوس، والسياسى القوى الرصين الذى يعرف كيف يغذى مواردها القائمة فى أعماق الصدور وأغوار الأرواح، ويمسك بالروح المعنوية العامة فيوجهها أحسن توجيه، ويدفع به إلى خير مندفع، فإن البلاد كذلك تعرف كيف تستجيب له وتتجه معه، وتمضى فى أثره، مطمئنة النفس، هادئة الجأش، بالغة الإيمان.

وكان مصطفى النحاس هو ذلك القائد، وكان خليفة سعد هو ذلك السياسى، ولسنا ندرى ماذا تكون صورة الحركة الوطنية، وماذا كان يمكن أن تروح نتيجتها، لو لم يأت مصطفى النحاس بعد سعد ليقودها، وينبر عقب سعد ليوجهها، وهو الذى جاء طبيعياً فى مكانه، إذ كان أمام السياسى الذى يتولاها، فى خطة الأقدار، دور خطير، ومرحلة شاقة، وصعاب جمة، بل كانت منتظرة مقدمه، مرتقبة زعامته، سلسلة مستطيلة من التجاريب الخطرة، والمحن المترادفة، والخطوب المتزاحمة، ووجوه عديدة من الخصومات، وألوان غرائب من الأذى والبلاء، إذا لم يكن باستعداده جلداً لها، صرعته أو صبوراً حطمته، أو قوياً أضعفته، أو مؤمناً أشد الإيمان بقوته نزعت به إلى اليأس، وأسلمته إلى القنوط، وأزاحته آخر المحاولة من طريقها، متغلبة فائزة، وهو المنهزم المدحور.