رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حتى نلتقي

 

 

فى إشارة مخيفة، تقول سجلات محكمة مصر الجديدة بدوائرها الأربع مصر الجديدة والنزهة وعين شمس والمرج، إن هناك نحو 43 ألف قضية منظورة فى محكمة الأسرة منذ يناير 2021 حتى منتصف سبتمبر الجاري، يعنى هناك 43 ألف حالة طلاق وخلع ونفقة فى محكمة مصر الجديدة فقط فى أقل من عشرة شهور، فكيف هى الصورة فى مصر كلها؟! الحق أن الطلاق بات مشكلة عويصة ينبغى إيجاد الحلول الناجعة لها، حتى لا نربى أبناءنا فى بيئة مضطربة غير سوية، إذ سيحرم الابن من الحياة بشكل طبيعى بين والديه تحت سقف بيت واحد، وهو أمر بالغ الأهمية حتى ينمو الطفل أو الصبى بشكل سوي.

أتحدث هنا عن الطلاق الذى يقع بين زوجين رزقا بالأبناء، أما الأزواج الذين لم يذوقوا لذة الذرية بعد، فليس هنا مجال حديثى عنهم. الأمر الذى يعنى أن الطلاق يهدد بشدة مستقبل الأبناء، فإذا لم نضحِّ من أجل تعزيز صحتهم النفسية، فقل على مستقبل هؤلاء الأبناء السلام. أدرك تمامًا أن المجتمع بقوانينه وتقاليده وأعرافه وثقافته ينحاز انحيازا مطلقا إلى الرجل، وأنه يهبه المزيد من الحقوق والصلاحيات على حساب المرأة، وأعلم أيضا أن الرجل، بشكل عام، مجرد ديكتاتور مصغر داخل منزله، وبالتالى يغدو التخلص من سطوته حلمًا يراود الزوجة فى أحايين كثيرة. كما أعلم أن الرجل، ولنكن صرحاء، يسيل لعابه على مفاتن النساء، مثله مثل معظم الذكور فى مملكة الحيوان، وحتى الشرع أباح له الزواج بأكثر من امرأة إذا رغب فى ذلك وتوافرت له الأسباب.

كل ذلك معلوم، وكلها أمور تربك الزوجة وتحرمها من لذة الثقة بالنفس فيصبح من المنطقى أن ترى الرجل مجرد كائن أنانى لا يحتمل. من هنا تتفاقم المشكلات ويحتدم العراك بين الزوجين، خاصة إذا باتت الموارد المالية شحيحة فى ظل هذا الغلاء المتفاقم، وقد تهجر الزوجة غرفة النوم، وقد يرمى الزوج شباكه على نساء أخريات، فتتناسل الخلافات بكثافة مع تدخل الحموات وشقيقات الزوج، والكل فى ذروة هذا الصراع الأسرى ينسى الأبناء، ولا يعيرهم أى اهتمام. ولأن الذكور كائنات غير صبورة وتغضب بسهولة، فيرفع الرجل راية الطلاق باحثا عن زوجة أخرى أكثر رقة وجمالا كما يتوهم صاحبنا، وقد يحدث العكس، أى أن تقرر الزوجة الطلاق وتصر عليه ما دامت تعمل وتتقاضى راتبًا يقيها من الحاجة إلى أموال الزوج المزعج. وهكذا فى لحظات الاحتدام المنزلى يفقد الرجل والمرأة أعصابهما ويركضان نحو المحكمة، وقد نسى كل منهما أنهما أب وأم، وأنهما يدمران بتصرفهما هذا أعز ما لديهما... الأبناء!

ولأن الإنسان بطبعه لا يحب أن يقر بأخطائه، لذا إذا أصر الرجل على الطلاق رغم أنف الزوجة، زعم أنه سينفق على أبنائه وأنه سيقضى معهم يومًا كل أسبوع!، أما المرأة التى تسعى إلى الطلاق، فتصيح أن معظم نساء مصر مطلقات، وأن الأبناء سيكبرون ويتعودون، مثلما حدث مع أبناء سابقين حرموا من النمو فى بيت سوي! للأسف ينسى أولئك وهؤلاء أن الصحة النفسية للأبناء لا تزدهر إلا إذا نشأوا فى بيت واحد بين أبويهما، كما يظن هؤلاء الذين يعتدون على حقوق أبنائهم أن الطلاق يحل المشكلات، وليتهم شاهدوا محمود المليجى فى فيلم (أيام وليالي/ 1955) وهو يعاتب طليقته عقيلة راتب قائلا: (اعتقدت أن الطلاق بيحل المشاكل، لكن لا... عمر الطلاق ما حل أى مشكلة... بالعكس... الطلاق بيحصل والمشاكل بتتخلق). باختصار... مطلوب من كل أب وأم بعض الصبر والتخفف من الأنانية إذا كانوا يحبون أبناءهم حقا، فالزمن كفيل بتذويب أى مشكلة.