رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

طلة

يحكى أن مسئولا كبيرا فى الحكومة زار إحدى القرى النائية فى الصعيد فالتف حوله الناس يشكون له همومهم ومعاناتهم المختلفة. فطلب منهم الهدوء حتى يستمع لهم جيدا ويعرف طلباتهم، فقال أحدهم: يا سعادة الباشا نحن لدينا فى القرية مستشفى كبير مجهز بأحدث الأجهزة الطبية لكن ليس لدينا العدد الكافى من الأطباء، فأخرج الباشا تليفونه المحمول وسمعه الجميع يقول بثقة: «لا لا لا الوضع ده مش ممكن يستمر، ومن فضلك بكره تبعتوا للمستشفى ٤ أطباء فى كل تخصص.»، ثم سألهم: الحمدلله لقد تم حل المشكلة الأولى كما ترون فما هى مشكلتكم الثانية فقال أحدهم: «يا سعادة البيه إحنا لغاية دلوقتى مفيش عندنا صرف صحى فلو ممكن يعنى سعادتك»، فقاطعه البيه قائلا: طبعا طبعا طلباتكم أوامر، ثم أخرج الموبايل من جديد وتحدث فيه قائلا: «ما يصحش كده يا جماعة إحنا فى ٢٠٢١ ولسه الصرف الصحى ما دخلش هنا، لو سمحتوا بكره الصبح يكون الصرف الصحى ركب مفهوم ولا لأ؟ «ثم وضع الموبايل فى جيبه وقال: مشكلتكم مع الصرف الصحى انتهت خلاص، فما هى مشكلتكم الثالثة؟ فقالوا كلهم فى نفس واحد: «بلدنا يا جنابك لغاية دلوقتى مفيهاش أصلا تغطية للمحمول»!! 

انتهت هذه الحكاية التى هى أقرب للنكتة وهى تعبر بوضوح عن واحدة من المشكلات الكبيرة التى نعانى منها فى مصر ألا وهى مسئول اللقطة الذى يكذب كما يتنفس ولا يصارح الناس بالحقيقة. يريد أن يوهم الناس بأنه يملك من القدرات ما يمكنه  من تحقيق كل آمالهم بمجرد أن يرفع سماعة التليفون. يبالغ فى تضخيم قدراته ويحاول أن يوهم الناس بأنه يستطيع أن يحل لهم كل مشاكلهم فى أقل من ٢٤ ساعة وعلى الرغم من أنه بشر يخطئ ويصيب وربما ينجح أو يفشل إلا أنه يظن أن كل المطلوب منه تخدير الناس والضحك عليهم بكلمات معسولة لا تمر عليها إلا سويعات قليلة حتى تنكشف حقيقتها وتفضح صاحبها ذلك الذى كان يقف منذ لحظات منتشيا وسط الناس يخدعهم ويتظاهر بأنه جاء ومعه عصا سحرية سوف يحول دنياهم بها من حال إلى حال.

الناس تحترم المسئول الصادق الذى يصارحهم بحقيقة الوضع ولا يغرقهم فى أحلام يقظة كل هدفه منها أن يستحوذ على انتباههم وتأييدهم. لا أحد يطلب من هذا المسئول أو ذاك أن يقول الواحد منهم للشيء كن فيكون، فهذه القدرة خاصة بالله وحده عز وجل، أما نحن فكل المطلوب منا أن نعمل ونؤدى دورنا المطلوب على أكمل وجه، أن نصارح الناس بحقيقة مشاكلهم وألا ندعى زورا وبهتانا أننا نملك أن نجد لمشاكلهم المستعصية حلولا فى يوم وليلة. ليس عيبا أن يصارح كل مسئول الناس بأن مشاكلهم لن يتم حلها فى يوم وليلة. وأن الأمور ليست سهلة لكنه سيبذل ما فى وسعه لينجزها.

طوبى لكل مخلص صادق فى أى موقع مسئولية لا يصنع للناس من البحر طحينة ومن الأنهار عسلا مصفى ثم لا يلبثون أن يفيقوا فيجدوا أنفسهم غرقى فى بحر الأوهام. ويكفى أن يلمس الناس صدق المسئول وسعيه الحقيقى لحل تلك المشاكل والتخفيف عنهم بكل ما أوتى من سلطة وقدرة وإخلاص ورغبة حقيقة لخدمة الناس. فذلك الذى ينفع الناس ويبقى فى الأرض أما ما يفعله المسئول من نوعية ذلك المسئول بطل تلك النكتة فهو مجرد زبد يذهب جفاء.

[email protected]