عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

خطوة واسعة على طريق بناء الجمهورية الجديدة المُعبرة بصدق عن مفهوم الدولة المدنية الحديثة، قطعتها مصر بإطلاق الرئيس السيسى «الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان»، لما تحويه من مضامين إنسانية سامية تُعلى من شأن الحريات وتعزز من حتمية صيانتها واحترامها على نحو يؤكد مصداقية الدولة المصرية فيما تنتهجه من سياسات رصينة تعبر عن قيم ومبادئ ثورة الثلاثين من يونيو عام 2013.

   ولا شك أن وسائل الإعلام العالمية حينما تناقلت الأمر بكثافة تتناسب وحجم مصر وثقلها الإقليمى والدولي، ألقت على عاتق الدولة المصرية المزيد من المسؤوليات تجاه إنفاذ كل ما جاء فى الاستراتيجية على نحو دقيق وطموح يُشير إلى أنها بالفعل تمثل رؤية مصرية خالصة، مُستمدة من قيمنا المجتمعية الأصيلة، وثقافتنا المتوارثة، بل ومكنون حضارتنا الفريدة الممتدة فى أعماق التاريخ.

   من هنا، أدعو إلى كثير من الجِدية فى تناول الأمر من مؤسسات الدولة كافة، الرسمية وغير الرسمية؛ إذ أن الدولة المصرية وضعت نفسها أمام العالم على محك حقيقى حاد لا يمكن معه تصور حدوث أى انحراف أو تراجع، أو حتى تردد فى الالتزام الصارم بكل ما تبنته الاستراتيجية من رؤى ومبادئ.

   وعليه، فلتتوقف الاحتفالات بإطلاق الاستراتيجية المحترمة، ولنبدأ العمل بالفعل، ومن الآن، فى بحث جاد وفعال نستلهم به سُبل التوفيق من التجارب الدولية الناجحة، ونضيف من خصوصيتنا ما يؤكد رسوخ قناعاتنا بحقوق الإنسان ومركزيتها فى النظام العالمي، وقدرتها على احتواء خصوصية المجتمعات.

   وأود فى هذا السياق أن أُشير على الحكومة بضرورة اتساع صدرها إلى آفاق رحبة دونها لن تجد الاستراتيجية طريقاً آمناً إلى الواقع؛ فكما أن تنفيذ الاستراتيجية مسؤولية اجميع؛ فإن الرقابة على تنفيذها أيضاً مسؤولية جماعية، من رجل الشارع إلى القيادة السياسية.

   ومن واقع خبرتى بالعمل الحقوق، ومعرفتى بلمدى الهائل الذى بلغته «الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان»، أجدنى مدفوعاً، وبكل تجرد، لاقتراح مخلص بتعيين أحد الشخصيات المعنية بحقوق الإنسان فى منصب «نائب رئيس الوزراء لحقوق الإنسان»، يتولى مسؤولية تجسيد كل ما جاء فى «الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان»، ومتابعة سُبل تنفيذها، وحل ما يواجهها من مشكلات، بل ويضع مخططاً طموحاً نبنى عليه النسخة القادمة من الاستراتيجية والتى ستحل بعد خمس سنوات من الآن، أى بعد مرور مدة تنفيذ الاستراتيجية الحالية. وبالضرورة سيكون على صاحب هذا المنصب متابعة كل ما يعلق بالصورة الذهنية لمصر فى الخارج بخصوص ملف حقوق الإنسان. كما سيكون عليه متابعة ملف حقوق الإنسان فى صيغته الأممية، وموقف مصر منه.

   أقول هذا لأن تنفيذ «الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان» عملية مُتشابكة إلى درجة بعيدة، ولا يمكن حصر أدواتها وآلياتها فى جهة ما؛ ومن ثم لابد من بوتقة تجتمع فيها كل الجهود، ويتم التنسيق بينها، واستخلاص أسباب نجاحها وتعظيمها، وكشف سلبياتها والعمل على تفاديها.

   ولا يمكن أن نتصور أن الحكومة بما تنشغل به من ملفات وطنية بالغة الاتساع والضخامة يمكن أن تفى بالجهد المطلوب فى هذا الشأن دون وجود نائب لرئيس الوزراء متخصص فى هذا الأمر، من خلاله يتابع رئيس الجمهورية تطورات ملف حقوق الإنسان كافة، فى الداخل والخارج. كما ينقل إلى مجلس الوزراء الاحتياجات المطلوبة لسلامة التنفيذ.

   غير ذلك، أتصور أن بحثاً مُضنياً يمكن أن نبذله فى السعى وراء تفاصيل كثيرة ربما لن تجد لها صاحباً يتولاها على نحو دقيق.

   تبقى كلمة صريحة، أراها ضرورة تفرضها الجِدية الواجبة تجاه المسؤولية الوطنية، وهى أن خللاً كبيراً يعترى رؤانا لو تصورنا أن وجود هذا المنصب، «نائب رئيس الوزراء لحقوق الإنسان»، مجرد واجهة نُغازل بها المجتمع الدولي، أو أنه يمكن أن يكون بديلاً عن جماعية المسؤولية المجتمعية عن ترسيخ ثقافة حقوق الإنسان باعتبارها الهدف الأسمي، وليس الاستراتيجية فى حد ذاتها. وعلى الله قصد السبيل.