رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

 

 

 

المتابع لأزمة سد النهضة فيما بعد انتهاء الجدل حول الملء الثانى سيلمس أن هناك تغيرا كبيرا فى التعاطى مع الأزمة على خلاف توقعات الكثيرين وعلى خلاف ما جرى بعد الملء الاول، حيث لم تدخل الازمة مرحلة من الصمت والخفوت لحين موعد الملء الثالث، وإنما جاء الواقع مختلفا، واكتسب الموضوع زخما كبيرا على كافة المستويات.

من ناحيتنا لا يفوت الرئيس السيسى مناسبة إلا وتطرق للأزمة مؤكدا على ضرورة التوصل إلى اتفاق ملزم بشأن ملء وتشغيل السد، وهو ما تجلى بشكل واضح خلال لقائه الأسبوع الماضى مع نظيره القبرصى حيث طالب الرئيس المجتمع الدولى بالإضطلاع بدور أكبر لحل القضية «حفاظا على استقرار المنطقة»، ثم فى لقائه مع رئيس الوزراء الإسرائيلى مؤخرا فى شرم الشيخ وسط تأكيد على وجود تفاهم فى الموقف بشأن الأزمة وهو أمر بالغ الأهمية فى ضوء الاتهامات التى توجه لإسرائيل بوجود أصابع لها فى إشعال أزمة السد!

لم يقتصر التعامل المصرى على المستوى الرئاسى وإنما امتد لوزارة الخارجية وهو ما ظهر فى كلمة سامح شكرى أمام وزراء الخارجية العرب الأسبوع الماضى من الدعوة للتوصل إلى اتفاق ملزم «يجنب المنطقة مشهدا معقدا لا نرغب فيه ولا تحمد عقباه». وكذلك فى حديثه مع وكالة بلومبرج والذى اكد خلاله على التزام مصر بالمحادثات وأن الصيغة كانت دائما بالنسبة لها أن «جميع الخيارات مفتوحة» وسط تأكيد على حرص مصر على تجنب أى نوع من الصراع العسكرى.

وامتد جهد الخارجية إلى توسيع دائرة تأييد الموقف المصرى وهو ما عكسته تصريحات وزير خارجية بوروندى خلال زيارته للقاهرة وتأكيده على أن الحق فى الحياة يتقدم على الحق فى التنمية. إذا أضفنا إلى ذلك موقف جنوب السودان والذى تم الإعلان عنه من القاهرة الأسبوع الماضى أيضا على لسان وزير خارجيتها بشأن استعداد الرئيس سيلفا كير للوساطة من أجل تخفيف حدة الأزمة لأمكن لنا تكوين صورة عامة عن النشاط الذى يشهده ملف أزمة السد محليا وإقليميا.

يعزز هذا النشاط الذى يبشر بحالة من الطمأنة بشأن مسار الملف البيان الرئاسى الذى من المفترض أن يكون مجلس الأمن قد أصدره أمس ويتضمن تشجيع أطراف أخرى على المشاركة فى عملية التفاوض بصفة مراقب دعما للعملية التفاوضية بشأن أزمة سد النهضة، مع الدعوة فى البيان وبتوافق الأعضاء إلى استئناف أطراف الأزمة لاستئناف المفاوضات تحت مظلة الاتحاد الإفريقى. وربما يعزز هذا التحرك الأنباء التى أشارت إلى تحرك تونس لتقديم مشروع قرار جديد أمام المجلس يؤكد على مضمون المشروع القديم.

رغم كل ما سبق إلا أن الصورة، حتى لا يأخذنا بهاؤها، ليست مبشرة تماما، فمجلس الأمن أصدر بيانه – وليس قراره المفترض والذى كان واجبا –بعد ثلاثة شهور من مناقشة الأزمة ولعل ذلك ما كان دافعا لانتقاد المجلس من جانب شكرى بشكل غير مباشر حين أعرب الأسبوع الماضى عن أن عدم تحرك المجلس ربما يمثل إهمالا لواجباته، وهو الأمر الذى من غير المتصور، حسب شكرى، وقوع المجلس فيه!

كما أن الوساطة الجزائرية التى حركت مياه الأزمة الراكدة قبل شهرين توقفت، والمفاوضات المنشودة برعاية الإتحاد الإفريقى تبدو بعيدة المنال، والداخل الإثيوبى يزيد من تعقد المشهد على صعيد أولوية أزمة السد، حيث تتعرض أثيوبيا نفسها لخطر وجودى يهدد بانقسامها وسط إصرار على جعل قضية السد القشة التى يتم التمسك بها لتعزيز وحدة البلاد. فهل يعتبر ذلك مبررا للقول بأن كل الطرق تدفع فى مسار آخر غير التفاوض؟ ربما، وإن كان من المبكر التوصل إلى هذه النتيجة!

[email protected]