عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

كاريزما

أصداء السيرة الذاتية.. عنوان كتاب لنجيب محفوظ، كتبه فى نهايات عمره الممتد وبذكاء وحنكة تمكن من الهروب من الشكل المباشر للسير الذاتية المعروفة والتى تعتمد على السرد التقليدى والتى كان أهمها - عربيا - كتاب الأيام لطه حسين.

 محفوظ فى أصداء السيرة الذاتية، انطلق بمفهوم هذه النوعية من الكتابة أاتخيل انه يعيدنا إلى العشر مسرحيات القصيرة التى كتبها فى أعقاب نكسة يونيو ١٩٦٧ وكانت تشكل نمطًا جديدًا يجمع بين التمرد والالتزام الثورى الذى لم يتخل عنه ابدًا، انها ثورة على الكون المعرفى فهو لا يرضى بذاته ومكوناته وإنما يعرضها دوما لناصر التحديث والاختبار والتجربة.

ولكن فى كتابه أصداء السيرة الذاتية، يعتمد على مادة خصبة لا تنضب ابدًا هى ذكرياته المعجونة بالتراث والغوص فى عمق مصر وحاراتها الشعبية وهو العالم الأسير عنده.

إذًا أنت تقرأ هذا الكتاب وتتخذ فى خلفياتك ثلاث ملاحظات الأولى ان طفولة نجيب محفوظ تميزت بجو من الصفاء الذهنى ومساحات العالم الممتد المفتوح على فضاءات لا تتشابه ولا تقاطع مع أحد، هذا هو الكون البكر الذى ولد أمام محفوظ الطفل، وبالتالى كانت مساحات التخيل عنده لا تحد ولا يسمح لنفسه ان يهجرها.

اعتمد أديب نوبل فى كتابة الاصداء على خمسة محاور اساسية. أولها ان المجتمع الذى يكتب عنه ليس غريبا عن القارئ، ولهذا فقد تخلى بسهولة عن ظواهر تقلص المجتمع المدنى لصالح تغيرات فاجأته هو شخصيا أثناء اندفاع الحروب خاصة العالمية التى كان لمصر نصيب من لهيبها وتدميرها.

هذه الحالات سجلها نجيب فى أكثر من رؤية فى رواياته، ففى رواية خان الخليلى نراه يجعل من مظاهر الحرب واثارها على بلادنا رؤية بانورامية تعكس بداخله حالة تجمع بين نفى الواقع والقبول به أيضًا، لأن فى داخله مثل كل المصريين يرفض ان يكون الاحتلال الأجنبى هو اليد الطولى فى تشكيل وجدان الجماهير ولهذا ظهر واضحًا فى رواية السكرية هذا الصراع بين جيلين الكبير يرفض الاستعمار ويقبل الحوار والجيل الشاب يرفض كل شيء وينفى سياسة مكاسب الجزء.

ظهر هذا فى ثلاثة وعشرين مقطعًا من أصداء السيرة الذاتية، ليبدأ أديبنا تعريف القارئ بمحور هذه السيرة.

والحقيقة ان شاء محفوظ أيضًا ان يخلو الجزء الأول من السيرة من الإلحاح على الحديث عن تعاظم دور الحركات السياسية والأحزاب والتجمعات والمنظمات المعارضة لسلطات البلد تحت الاحتلال الانجليزى، أما المحور الثانى فهو اهتمام محفوظ الخاص بكتابة التأثير الشعبى الذى رافقه وساهم فى ما يكتب. والمحور الثالث هو نقطة الضعف الأساسية فى الاعتقاد بوجود دافع أكبر نحو الديمقراطية والتحول الاجتماعى الحديث فعلا لدى الطبقات الوسطى.

وأما المحور الرابع فقد اعتمد فيه محفوظ على رفض الهزيمة عند الشباب وسعيهم إلى الانتشار فى كل المنتديات السياسية والأدبية والثقافية، هذا كان كفيلا لتكوين شباب مناضل مقاوم منطلق من مفهوم ثابت راسخ.

والمحور الخامس والأخير هو ظهور طبقات اكثر خوفًا مما كنا نعتقد رصدها نجيب محفوظ فى منتصف رواية خان الخليلى انها أخطر ما يهدد الديمقراطية والجتمع المدنى، ثم ربطها بعبقرية فى مقطوعات أصداء السيرة الذاتية بالهلع فى تخطيط المجتمع، ويهأا لى انه كان يقصد العشوائية التى انتشرت بصورة الوباء منذ أكثر من أربعين عاما.

كانت فكرة نجيب محفوظ لسيرته الذاتية فى هذه الرؤى التى يتخيل الناظر إليها فى عجالة انها شذرات ولكنها  تمثل الشكل الذى ارضاه بحيث يرصد فى وعى واختزال هذا العالم الذى بلوره.

Nader nashed [email protected] gmai. com