رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

 

 

 

 

-أنت مش دكتورة!

- وأنت مش مهندس!

-أنت قفزتِ كالطفرة من لا شيء وتصدرتِ المشهد وعايزة «تكوشى» على المكاسب وخلاص!

- ده رأيك الشخصى احتفظ بيه لنفسك، أنت لا تمثل الجالية ولا تمثل إلا نفسك!

-أنت مين عشان تتكلمى كدة، أنت فاضية من جواكِ ولامة شوية نسوان فاضيين زيك حواليكِ وبتتصوروا فى الجناين على حفلات شواء وخلاص، عشان تخدعى الحكومة، وتقنعيهم أنك بتشتغلى لمصلحة المهاجرين المصريين والعرب وتلهفى الدعم المخصص وخلاص!

-وأنت مين نصبك حاكم بأمره، أنت ليك عقود عايش هنا، ومحدش سمع انك وقفت جنب حد، ولا عملت أى كيان يمثل المصريين ويحميهم، أو يحل مشاكلهم!

احترمى نفسك، أنت ما تعرفيش انا مين؟ احترم أنت نفسك و...و...و...

إنه نموذج من مضمون حوارات وملاسنات لصراعات تشتجر بين بعض أبناء الجالية المصرية فى هولندا، ويتطابق المشهد تقريبا فى الكثير من الدول الأوروبية بل العربية بين أبنائنا المغتربين، للأسف «كثيرون منهم» حتى أكون منصفة فلا أقول كلهم يصدرون صورة سيئة لنا فى الخارج، والله كنت اسمع أفرادًا من جاليات عربية وغير عربية فى هولندا تقول إن الجالية المصرية من «....» الجاليات، سواء فى الصراع فيما بينهم، وكيد بعضهم لبعض، وكره الخير لبعضهم البعض.

يا بشر لو كنتم تفعلون هذا فى وطنكم، فالسلة هنا واسعة، وربنا يهديكم، لكن السلة فى الغربة صغيرة، وأعمالكم مفضوحة جدًا للغرباء، فأرجوكم قدموا صورة مشرفة وجميلة لنا فى الخارج، وكفى تشويها لأنفسكم ولصورة بلدكم.

للأسف كنت أتمنى على مدى عقود قضيتها على الأراضى الهولندية، وأخرى وانا أراقب ما يدور بين أبناء الجالية المصرية، كنت أتمنى أن يتغيروا جميعا للأفضل، وان تختفى بينهم الصراعات والتنافس غير الشريف، تنافس على الفوز بما تقدمه الحكومة هناك من دعم للأعمال الطوعية، أو لأبناء الجاليات، لتنفيذ برامج دمج المهاجرين فى الثقافة الهولندية، وأن يقفزوا فوق الخلافات الشخصية، ولكنى أراهم لا يزالون يتصارعون، ويكيد بعضهم لبعض، ويفتش بعضهم وراء خلفيات وأصول بعض، لاتخاذ هذا الماضى وسيلة للفضح أو الابتزاز، خاصة ضد من نجحوا منهم، أو حققوا بعض إثبات الذات على الأراضى الهولندية الواطئة.

بل أجد منهم ما يتصارع ليجرد الآخر من لقب فخرى أو تقديرى حصل عليه، وان كنت لست أبدًا مع من يطلق على نفسه لقب «دكتور» وهو يعمل ممرضًا مثلا، أو لقب مهندس، وهو ميكانيكى، وهكذا، وان وجب تجريد البعض من ألقاب غير حقيقية أضافوها لأنفسهم، يجب أن يتم هذا داخل اتحاد المصريين، أو داخل الكيانات التى تمثلكم، لا أن يتم التراشق والفضح، وتحويل الأمر إلى حرب ضروس، لتدهس فى أتونها قضايا ومشكلات اهم وأخطر تمس أبناء الجالية، يجب أن يتلفت إليها الجميع، ويلتفوا حولها، ويتكاتفوا للتعاون على تذليلها سوءا مع السلطات الهولندية، أو فيما بينهم.

ولا يجب أن يغفل المصريون فى هولندا أو سائر دول أوروبا، إن هناك قضايا لم الشمل، وقضايا تقنين الإقامات، وقضايا اختطاف أحد الأبوين للأطفال، وقضايا توحيد وثائق الزواج والطلاق، والتى تصنع كوارث فى حياة العديد من الأسر المصرية فى أوروبا، خاصة بالنسبة للمرأة، إذ يحدث على سبيل المثال أن يطلقها الزوج طلاقًا إسلاميًا، ولا يطلقها مدنيًا «هولنديا» أو العكس، أو يتزوجها إسلاميا، ولا يقنن ذلك مدنيا، مما يسقط حقوقها داخل المملكة الهولندية، وهكذا، وغيرها من الملفات الهامة والشائكة، التى يجب أن يتعاون بل يتنافس الجميع على حلها، من أجل أبناء مصر من الشباب الذين سافروا وراء أحلامهم فى غربة باردة، ليحققوا مستقبلا افضل لأنفسهم وأسرهم، فإذا بأى من هؤلاء -بجانب الوحدة والصقيع- يجد نفسه وحيدا بلا سند، وبلا كبير من أبناء الجالية يبصره بحقوقه وواجباته، ويعضده فى حل مشكلاته، لأن الكبار غالبا من أبناء الجالية ووراءهم صف آخر من جيل ثان أو ثالث، مشغولون فى صراعات فرعية، وتنافس على الألقاب، وعلى الفوز بغنيمة هنا، أو دعم مالى هولندى هناك.

لست أبتغى الكمال، ولكنى على الأقل أبتغى قليلا من المثالية، وتحقيق القدوة والنموذج الإيجابى الجميل بين المصريين فى الغربة، وإنى لأغار كثيرا، وأصاب بالحسرة، حين أقارن بين الجاليات المصرية، وبين باقى الجاليات الأخرى، أرجوكم اعتدلوا، أصلحوا أنفسكم، تكاتفوا، لا تتنازعون فتذهب ريحكم، وابقوا ورقة التوت على بعضكم البعض لو نزعتموها، جميعكم خاسرون.

[email protected]