رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بهدوء

 

 

 

الواقع أن حديث الفرقة الناجية أسهم فى ترسيخ الصراع المذهبى الذى أسهم بدوره فى ضعف المسلمين فيقول عبدالمتعال الصعيدى «إن حديث ستفترق أمتى إلى اثنين وسبعين فرقة كلها فى النار إلا واحدة»، وهى أهل السنة عند أهل السنة، والمعتزلة عند المعتزلة، والشيعة عند الشيعة، والخوارج عند الخوارج، عزز الخلاف بينهم، وأثار بينهم العداوة والخصام حتى تفرقت به كلمة المسلمين وضعف أمرهم، وتغلب عليهم أعداؤهم، وتختلف كل فرقة عن الأخرى فى توظيفها للأحاديث الخاصة بها، ورفضها لأحاديث الفرق الأخرى المناوئة لها، وعمدت كل فرقة إلى إقصاء الفرقة الأخرى، وتشويه عقائدها ورموزها.

وبالرغم من أن ترسيم مذهب الأشعرية جاء متأخرًا عن بقية الفرق، فإنه كان من أشد الفرق تعصبًا ضد المذاهب الأخرى، رافضًا أى خلاف مع تلك المذاهب، حيث سعى المناصرون للمذهب إلى إقصاء غيرهم عن المجال العام الدينى فيقول الصعيدي: «فلما سيطرت الأشعرية فى عهد الوزير نظام الملك أخذوا يكيلون لغيرهم الصاع صاعين، حتى ظهر مذهبهم وطغى على غيره من المذاهب، ولا سيما مذهب المعتزلة الذى تربى إمام الأشعرية– الإمام الأشعري- على أساتذته منهم، فقد كان الأشاعرة أقسى على غيره من المذاهب، حتى أمحى أثرها بينها، ولا يزال أمره على هذا الحال إلى عصرنا الحاضر، لأن كتب الأشعرية هى التى تدرس الآن فى علم التوحيد، ولا تزال على حالتها من يوم أن وضعت فيه، فلا مجال فيه لغير مذهب الأشعرية، ولا يلقى فيها غيره شيئًا من الإنصاف».

ولاشك أن مدونات الملل والنحل عند الأشاعرة لعبدالقاهر البغدادى، وأبوإسحاق الاسفرايينى، والملطى وغيرهم قد أسست على أن النجاة فقط هى للأشاعرة وأهل السنة، وقامت بتكفير وتشويه وتسفيه آراء الفرق الأخرى المغايرة لها فى أصول الاعتقاد، وظل الاعتقاد الأشعرى هو الاعتقاد السائد فى مؤسسة الأزهر، وهو اعتقاد يقصى المغاير له فى الاعتقاد، ويرى علماء الأزهر الجامدون نفس الرؤية، فيرى أن الشيخ عيسى ممنون– الخصم اللدود للشيخ الصعيدى –» أن الفرقة الناجية عنده وأمثاله من الأزهرية هى فرقة الأشعرية، وما عداها من الفرق الإسلامية مخطئون آثمون، وهم جامدون على هذا كل الجمود، فيقلدون الأشعرية فى كل ما تذهب إليه فى العقائد، ويتعصبون لها، ولو بدا لهم فيها شيء من الضعف، وقد بدا لبعضهم شيء من هذا فلم يسوغ لنفسه أن يخالفها منهم»، ولا يمكن أن نتهم الأشعرية فقط بالجمود والتعصب، فالجمود والتعصب يسود كل المذاهب والفرق الإسلامية من الخوارج الذين حملوا السيف ضد الفرق الأخرى، وإلى المعتزلة دعاة الحرية الذين فتشوا فى عقائد الناس من أجل فرض عقيدة خلق القرآن، ثم الحنابلة الذين أحرقوا كتب المعتزلة، وقابلوا الاضطهاد باضطهاد مضاد، والشيعة بالمقابل يسمون أهل السنة بالنواصب ويكفرونهم.

وينتهى الصعيدى من تحليله للتعصب والصراع المذهبى على أساس دينى رغم أنه سياسى بالأصل فيقول: « لم يقتصر الأمر فى علم التوحيد على ما سبق من الخصومات التى قامت بين أصحابه من مبدئه إلى منتهاه، بل تجاوز الأمر هذا إلى ما هو أخطر منه فعمل أصحابه على أن يقيموا الخصومة فيما بينهم على أساس الدين لتكون خصومة مشروعة لا إثم فيها، بل يثاب أصحابها عليها، وكان نتيجة هذا أنهم ضيقوا أمر العلم، وجعلوه لا يتسع لأكثر من مذهب واحد يكون صاحبه هو الطائع الناجى، ويكون ما عداه هو العاصى الهالك، وبنوا هذا على حديث اشتهر بينهم من غير أن يبحثوا فى صحته من جهة سنده ومن جهة ملاءمته لطبيعة الإسلام، وانسجامه مع أصوله المعلومة بالضرورة».