عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

جميل ما تفضل به فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسى حول ضرورة تجديد الوعى بالدين، وإشارته المباشرة إلى أن المصريين بكل انتماءاتهم الدينية ورثوا الدين منقولًا لهم من الآباء والأجداد ولم يفكر أحد– سواء بدافع التسليم بالمنقول أو خشية الاقتراب من المعقول–، ما الذى كان يجب أن يتغير ولم يتغير!. وتعليقًا على مداخلة فخامة الرئيس مع برنامج «صالة التحرير» الذى تقدمه الزميلة عزة مصطفى، فكرت فى زيارة للسيد الرئيس أو بمعنى أدق لعقل وفكر السيد الرئيس ملخصاً فى حوار افتراضى بينى وبينه مجموعة من الرؤى والحقائق التى يمكن أن تفتح مجالًا مواتيًا لأفكار جديدة تناسب العصر ومقتضياته.

الدين جزء ضرورى فى بناء الحداثة، وإن تجلى بطرق متنوعة: كهنوتية وليبرالية ورجعية. وكلما اتضحت أفكار الحداثة ومؤسساتها، تقلصت مركزية الدين فيما يتعلق بالشئون الإنسانية وتلاشت تدريجيًا، وكلما أصبحت مؤسسات الحداثة مركزية وقوية فإنها تحل محل المؤسسات الدينية التقليدية. وأتصور سيادة الرئيس أن صعود العلم والمنطق سيحلان محل المعتقد الدينى ليس– كمعتقد جديد– ولكن كأساس لشرح العالم، وفى المقابل سيبقى الدين متعلقًا بالشأن الشخصى ومقصورًا على نواحى الضمير الفردى. وأعتقد، من باب التحليل أن سيادتكم قد تتفقون مع ما يقول به علماء الاجتماع السياسى من أن الدولة المدنية لا ترتبط بالهوية العرقية أو الدينية لأن الأمة ليست كما يصورها الفكر الدينى الرجعى كيانًا عضويًا يحدد هوية الفرد بمحل ميلاده أو معتقده الدينى.

سيدى الرئيس.. هناك سؤال محورى ووجودى أيضًا لابد أن نجيب عليه بجسارة: لماذا تنتصر الحكومات المصرية فى المعارك وتخسر الحرب؟ ومن وجهة نظر علمية فالمؤكد أنه على الرغم من الأطر العلمانية المفترضة للدولة المصرية فإنها لم تخل مطلقًا من دعائمها الدينية، حيث فضل الحكام تاريخيًا– من زمن الحملة الفرنسية 1798 – الاستخدام العتيق للإسلام الرسمى لشرعنة السلطة السياسية، حتى أثناء فترة سنوات حكم الرئيس عبدالناصر لم تتردد الدولة فى ممارسة الاستقطاب الدينى.

السؤال التاريخى الثانى فخامة الرئيس: هل الإسلام قابل للتفسير «الاجتهاد».. أم أن أصوله ترجع إلى نزول الوحى الإلهى مما يمنع التحليل بواسطة أى فرد من غير حماة العقيدة وأنصار المطلق لا النسبى. المؤكد حتى الآن أن دستور 1923 ركز على رؤية علمانية للمجتمع وعمل على توفير قاعدة مشتركة للمواطنة تعتمد على الولاء القومى وليس الدينى وظل هذا المفهوم المدنى للهوية القومية مؤثرًا طوال فترة النصف الأول من القرن العشرين. وأكبر شاهد على إشكالية الجمود– سيدى الرئيس– كتابان صدرا عام 1950، الأول من هنا نبدأ لخالد محمد خالد وتبنى فيه الموقف العلمانى وأشار بوضوح إلى أن الإسلام الحق ليس لديه الكثير لكى يقدمه بخصوص طبيعة النظام السياسى والاجتماعى. الكتاب الثانى للشيخ محمد الغزالى ردًا على– خالد محمد خالد– «من هنا نعلم» أشار فيه بوضوح إلى أن إقصاء الإسلام عن القيام بدور مركزى فى حكم الدولة هو انتهاك لما جاء به الوحى. هذه المعضلة سيدى الرئيس ظاهرة أو كامنة، لا تزال تتحكم بالمشهد. وختامًا للقاء ذهبت إليه دون دعوة أقول لفخامة الرئيس بأن التحدى الرئيسى الذى ظل يواجه الرئيس جمال عبدالناصر تمثل فى ثلاثة عناصر متبقية من النظام القديم وهى، ولاء رجال الدين للطبقة الاجتماعية من ملاك الأراضى، شعبوية جماعة الإخوان المسلمين، ثم إحكام قبضة الإسلام التقليدى على المجتمع، وأعتقد فخامتكم أن المعضلات أو بعضًا منها لا يزال قائمًا وأضيف إليه ما تراكم من تأجيل غير مبرر لاقتحام حقول الأحلام التى تحتاج لماء أفكارنا المتجدد. سيدى الرئيس: سعدت بما تتصفون به من جسارة على اقتحام مناطق ملغمة بالمشاكل وعصبيات التفكير الموروثة، وأتمنى لكم ولمصرنا الحبيبة كل الخير.