رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

عندما نحب شخصًا، لا تكفى النوايا الحسنة تجاهه لإسعاده والحفاظ عليه، بل يجب ترجمة تلك النوايا الطيبة إلى سلوك وأخلاقيات فى التعامل معه، ليلمس منا وبصورة عملية هذا الحب والاهتمام والرعاية، والا فقدناه تماما عندما تصله رسائل متتالية بعدم الاهتمام والتجاهل، والتعامل السييء، عندها سيولى لنا ظهره ويرحل مأسوفًا عليه ليخلف لدينا الندم والفقدان المريع، وسأسقط هذا على البيئة، من منا لا يحب مشهد النيل أو البحر؟، ويعشق الجلوس على الشواطئ، يستمتع بالرمال الناعمة النظيفة، والهواء النقى الصحي!، من منا لا يعشق المساحات الخضراء الممتدة وقد زينتها حدائق النباتات ببديع خلقها وألوانها وجنان الورود بعطورها وشذاها؟، من منا يمكنه الاستغناء عن استنشاق هواء نقى لم تلوثه العوادم؟، ولا يفضل السير بين شوارع واسعة وأحياء منسقة جميلة، لا اختناق بها ولا تلال من المخلفات والقاذورات والحشرات التى ترتع فوقها مع الروائح «النتنة»!، من منا يرغب فى تناول مياه ملوثة غير نقية تسبب له عشرات الأمراض؟ من منا يحب تناول طعمة زراعية مشبعة بالمواد الكيماوية الخطرة، أو لحوم مواشى أو اسماك ملوثة ومسببة للأمراض؟.

الإجابة عن كل التساؤلات السابقة هى لا، فبديهى أن يتمنى كل إنسان على الكرة الأرضية حياة صحية آمنة، وأن يتمتع بجمال الطبيعة، وبالصحة والسلامة، وهنا يأتى السؤال الأهم، ماذا نفعل جميعا كبشر لنحقق ذلك أو نناله فى حياتنا؟ الإجابة، لا شيء!، بل العكس، نفعل جميعا سواء بوعى أو غير وعى كل ما يلوث ويدمر البيئة والطبيعة، ويدمرنا بالتبعية، وفى النهاية نشكو، ونتباكى أمام الآثار السلبية التى نحصدها فى صحة البشر وفى ضرر البيئة، وننفق الملايين على مؤتمرات محلية، إقليمية، عالمية، لنناقش أسباب واضحة وضوح العين، ونصيغ صفا طويلا من التوصيات نوسدها الأدراج، ونوزع أدوارا على الدول، أدوار لا تقوم بها الدول ولا حكومات ولا شعوب.

فمن اتفاقية «كيوتو» للمناخ، والتى خرجت للضوء فى مؤتمر قمة الأرض للأمم المتحدة فى مطلع التسعينيات، إلى عشرات المؤتمرات والاتفاقيات الملحقة بها، من اجل إلزام كل دول العالم، خاصة الصناعية بخفض الانبعاثات الكربونية الملوثة للمناخ، ومن اجل الالتزام بكل المعايير الدولية التى من خلالها يتم التعامل البيئى السليم مع الطبيعة، والحد من الملوثات، واستخدام الفلاتر فى المصانع، وعزل المناطق الصناعية بعيدا عن المدن السكنية مع التزام التشجير، واللجوء للطاقة النظيفة خاصة الطاقة الشمسية والهوائية من طواحين الهواء، وغيرها صف طويل يتسع له اكثر من كتاب، صدرت بشأنها توصيات فى المؤتمرات الدولية، وتم تحديد حتى الحصص التى يجب على كل دولة الالتزام بخفضها خلال فترة زمنية أقصاها عام 2030.

وللأسف لم يوفِ أحد أو ينفذ الالتزام الحقيقى الذى تعهد به، ومصر من الدول القليلة النامية التى تحاول رغم إمكاناتها الاقتصادية والمالية المحدودة -مقارنة بالدول الكبرى الغنية-، تحاول مصر السير فى طريق الالتزام بمعالجة التلوث، مواجهة الانبعاثات الكربونية والحد منها، بصورة لم تلتزم بها كبريات الدول الصناعية، التى لا تزال تتعامل بكل غطرسة مع الطبيعة، وكأنها تقول «أنا وتقدمى الصناعى ومن بعدى الطوفان»، وفيما يتعلق بمصر، يعد قطاع الطاقة فى مصر أكبر مسبب لانبعاثات الكربون فهو مسؤول عن إنتاج اكثر من 71.4% من هذه الانبعاثات، ويليها قطاع الزراعة كثانى أكبر مسبب لانبعاثات غازات الاحتباس الحرارى، ثم قطاع النقل، والتصنيع والبناء، والانبعاثات من وقود السفن.

وتوجد لدى مصر خطة قومية عامه لخفض الانبعاثات الكربونية والملوثات، تندرج تحتها خطط القطاعات المختلفة والنوعية، وارصد كغيرى أن تنفيذ هذا المخطط العام يسير ببطء شديد لا يتلاءم أبدا، مع حركة أو سرعة التغير البيئى الكونى السلبى الحادث الآن، والآخذ فى الازدياد سوءا، وأذكر من الخطة المصرية العامة، على سبيل المثال مشروعات التوسع فى النقل النظيف، والطاقة المتجددة النظيفة، وإعادة تدوير النفايات، ورفع درجة كفاءة الطاقة، وإدارة المياه ومعالجة مياه الصرف الصحى بجانب اطلاق فكرة السندات الخضراء، والتى يتم من خلالها تمويل مشروعات تنموية واستثمارية فى البنية التحتية تتسق مع البيئة النظيفة، يضاف إلى ذلك الموافقة على قانون تنظيم إدارة المخلفات وتشجيع الاستثمار فيها، وإنشاء هيئة للإشراف والرقابة على إدارة المخلفات فى مصر، وهو الأمر الذى لم نسمع عنه شيئًا واضحًا حتى الأن على ارض الواقع... وللحديث بقية.

[email protected]