عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بدون رتوش

 

 

 

جرائم كثر يتم نشرها عبر الصحف اليومية. جرائم غريبة شاذة لم تكن لتحدث من قبل بهذه الشراسة. والنماذج كثيرة ومنها جريمة المسن الذى يستدرج طفلة فى الرابعة من عمرها ليعتدى عليها ويقتلها بعد أن ينزع الحلق من أذنها، ويتم القتل بمساعدة زوجته وزوجة ابنه، وجريمة الرجل السبعينى الذى يمارس الجنس مع ابنته على مدى ثلاثة أشهر وتحمل سفاحا منه، جريمة المرأة التى تقوم بقتل أطفالها الثلاثة بالإضافة إلى قتلها زوجها لتتفرغ لعشيقها. جرائم تقشعر لها الأبدان وتشمئز منها النفوس ليتناقلها الناس بعد ذلك فى المجالس العامة ومواقع التواصل الاجتماعى بأدق تفاصيلها لتكون نموذجا يعكس انحراف المجتمع وسقطاته خاصة وأنه يتم نشرها قبل أن تصدر الأحكام، وكأننا بذلك نعمد إلى الترويج للجريمة مع شرح تفاصيلها وكيفية تنفيذها. وهنا نتساءل: ما الهدف من نشرها لا سيما وأن نشرها قد يدفع مرضى النفوس إلى الشروع فى تقليدها على أرض الواقع؟

لهذا، فإن نشر الصحف للجرائم لا يفيد، وعلى العكس يسىء للمجتمع، كما أن تسليط الضوء على الجريمة لن يحد منها ولن يجدى، فعلى العكس سيجرى استغلاله من قبل ضعاف النفوس لتشويه صورة المجتمع، وكأن الناشر هنا يقدم خدمة مجانية لكل من يريد النيل من المجتمع والإساءة إليه وتسليط الضوء على سوءاته، هذا فضلا عن أن نشر الجريمة قد يكون أداة تقود إلى الاقتداء بها لا سيما وأنها لم تقترن بصدور أحكام لكى تكون رادعًا لكل من تسول له نفسه ارتكابها، كما لابد أن نأخذ فى الاعتبار أن عملية الرصد من قبل البعض تكون أكثر حدة بعد انتشار الانترنت، إذ إن هناك من يجند نفسه لنشر الجرائم وتسليط الأضواء على الآثام والموبقات ونشرها على الشبكة العالمية فيتلقفها الكثيرون لتخلف لديهم انطباعا بأن المجتمع المصرى يعانى من الخلل، وأنه غارق فى بحار الجريمة.

أما ما يدعونا إلى عدم نشر الجرائم فهو التداعيات التى يمكن أن تتمخض عن النشر. ويدعم هذا دراسات علمية أجريت فى بعض الجامعات الغربية أكدت أن الإمعان فى نشر الجريمة وتسليط الضوء عليها خاصة تلك التى تتعلق بجرائم الأسرة والمحرمات، والتطرق إلى أسباب ارتكابها عبر وسائل الاعلام التقليدية ومواقع التواصل الاجتماعى من شأنها أن تؤدى إلى إنعاش الرغبة فى تقليدها والاقدام على ارتكابها. وعلى هذا فإن الإفراط فى تناولها والتهويل بنشرها يعد جريمة بحق المجتمع، ولقد ثبت أن التمادى فى نشر الجرائم الشاذة يؤدى إلى انتشارها بجنون. ولهذا يتعين على وسائل الاعلام إرساء قواعد مهنية تجاه تغطية أخبار الحوادث حتى إذا تم نشرها يتم ذلك بشكل موضوعى، كما يتعين على الإعلام هنا تحرى الدقة وعدم التسرع والتهافت على نشر الجريمة، كما يجب عدم اعتبار ما ورد فى تحقيقات الشرطة بأنه يجسد دومًا الحقيقة المطلقة.

يتعين على الدولة العمل على محاصرة الأسباب التى تؤدى إلى ارتكاب الجرائم ومنها المسلسلات والأفلام الهابطة، نظرا لما تولده من تداعيات سلبية فى المجتمع، كما يتعين عليها محاربة الإدمان وهو سبب رئيسى فى زيادة معدلات الجريمة. ولابد من التركيز على عنصر التربية فهو حجر الأساس فى تشكيل الشخصية وتنشئتها تنشئة سوية بحيث تضطلع الأسرة بهذه المهمة بالإضافة إلى المدرسة ودورها فى التوجيه والإرشاد. ولا بد من العمل على محاربة الثقافة التى تشجع على العنف ومحاصرة الخلافات الأسرية. وقبل ذلك يتعين على وسائل الاعلام إرساء قواعد مهنية تجاه تغطية أخبار الحوادث والجريمة. ألا هل بلغت، اللهم فاشهد.