عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

كتبت من قبل عن فكرة التماهى مع الخصم أو العدو، والتى تشير إلى وجود عناصر من بنى جلدتنا يجتهدون ويجهدون أنفسهم فى شرح منطقية ووجاهة رؤى الخصم الإثيوبى بشأن أزمة سد النهضة فى مواجهة الذات.. الدولة والوطن. غير أن تصورى لم يرتق إلى أن الأمر قد يصل بهذا النوع من التماهى ببعض الفئات إلى حد التحول لحصان طروادة، الأمر الذى ينقل أمثال هؤلاء من التماهى إلى مرحلة أخرى أترك للقارئ طبيعة تصنيفها.

من هذه الفئة الأخيرة يأتى ما كتبه عادل درويش فى مقاله الأخير بجريدة الشرق الأوسط، والذى يجعله بالفعل لا القول ليس درويشا فى حب الوطن وإنما فى حب إثيوبيا. للوهلة الأولى تصورت أننى أقرأ مقالا لأبى درويش أحمد رئيس الوزراء الإثيوبي، أو سيلشى درويش بيكلى وزير الرى هناك، غير أنى بعد أن فركت عينى تيقنت من أن المقال لكاتب اسمه عادل درويش، ازدادت دهشتى حين قرأت التعريف به وأنه مصرى يفترض أن تكون مصريته حتى النخاع غير أنه يبدو أن طول بقائه فى بلاد الفرنجة أفقده جانبا من مصريته.

لو كنت من أبى أحمد لاستدعيت درويش على الفور وعينته سفير اثيوبيا للنوايا الحسنة بشأن أزمة سد النهضة، أتصور أن منطقه ورؤاه لو طرحت على أعضاء مجلس الأمن قبل الجلسة الشهيرة الأخيرة لطالب الأعضاء بفرض عقوبات على مصر والسودان باعتبارهما دولتين معتديتين على حقوق اثيوبيا فى استغلال نهر النيل. هذا المقال فى تقديرى بمليون دولار يجب أن يتقاضاها درويش من أديس أبابا عدا ونقدا! حينما فار دمى وارتفع ضغطى بسبب ما أورده درويش فى المقال وهممت بتفنيده قرأت ما كتبه استاذنا الدكتور نصر علام وزير الرى الأسبق وصديقى العزيز الأستاذ هانى رسلان وشعرت أنه يعبر عنى وأكثر وليت القارئ - لضيق المساحة - يراجع على شبكة الإنترنت ما كتباه.

لا يمنع ذلك من الإشارة إلى عجائب مواقف درويش، حيث إن الرجل مثلا، يأخذ على المصريين ما يراه تلويحا باستخدام القوة (موقف السفير الروسى بمجلس الأمن) رغم أن مصر الرسمية لم تلوح ولم يرد فى أى من مواقفها صراحة، بل يتساءل ماذا تنجز حرب تشنها مصر على بلد لا حدود لها معها؟ ونحن بدورنا نسأله ماذا تنجز حرب تشنها اسرائيل على بلد لا حدود لها معها (إيران)!! وأليس من الواجب عليه وهو ومؤرخ متخصص فى السياسة الشرق أوسطية حسب الصحيفة التى نشرت له المقال أن يوجه تل أبيب لمثل هذا الجانب!

ولأن درويش مصرى أصيل فهو يحاول أن يقضى على مشكلة البطالة لدى المصريين بتوفير فرص عمل فى تحلية مياه البحرين الأبيض والأحمر ومضاعفة رقم كميات التحلية الحالى عشر مرات فى أقل من خمس سنوات (كلام بيكلى الإثيوبى فى مجلس الأمن). ليس ذلك فقط بل إن درويش ينتقد لجوء أطراف النزاع (مصر والسودان أساسا) لتنظيمات الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقى باعتبار ذلك يخلق مشاكل إضافية، ولم يقل لنا ماذا نفعل بعد مفاوضات عشر سنوات وأمر واقع يتم فرضه ويصعب تغييره؟

كل ذلك يمكن ابتلاعه، على مضض أو غير مضض، ليس مهما، فنحن يجب أن نمرر هفوات بعض المصريين بالخارج الذين لا يدرون عن أحوالنا شيئا، ونلتمس لهم الأعذار، غير أن ما لا يمكن تمريره ما بدأ به مقاله من اعتبار أن اثيوبيا لم تخرق القواعد الدولية حرفيا بدعوى غياب قوانين استغلال الموارد المائية العابرة للحدود، وهذا ادعاء غير صحيح. الأدهى من ذلك والأمر الذى يجعلك تشم رائحة كريهة فى المقال لا تتسم بالبراءة على الإطلاق حديثه عن فكرة البنك المائى بغض النظر عما إذا كانت الفكرة جزءا من ترتيبات دولية يجرى الإعداد لها أم لا.. فليس دورنا - وهذا هو موضع الاشتباه.. التسويق لمشروعات دولية تلحق الضرر بنا وبمصالحنا التى اكتسبناها على مدار التاريخ. سامحك الله يا درويش وإن كان المصريون قد يجدون صعوبة كبيرة فى مسامحتك!

[email protected]