عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

هموم وطن

 

 

ما أشبه الليلة بالبارحة وما أشبه ذاكرتنا بذاكرة الذبابة، فقد عاد البناء المخالف مرة أخرى وعادت معه الرشاوى وكأننا لم نعِ الدرس، رغم أنه لم يمر عام على قيام الحكومة بإصدار قانون البناء الجديد ومحاسبة المخالفين بقانون التصالح، الذى حول مصر إلى طوابير لا تنتهى أمام الوحدات المحلية، ما بين إجراء التصالحات فى البناء المخالف وما بين ايجاد ثغرات لوقف الازالات التى اجتاحت مصر بجميع محافظاتها بمدنها وأحيائها وقراها.

وما إن انتهت مهلة التصالح فى مخالفات البناء فى 31 مارس من العام الماضى والتى حددتها الحكومة، بعد أن سبقتها أربع مهلات أخرى تجنبًا لعدم تخلف البعض، وبعد موافقة الحكومة على تطبيق قانون البناء 119 لسنة 2008 بعد انتهاء قانون التصالح، والذى وضع عقوبات لمخالفى البناء تصل إلى حد إزالة العقار المخالف، الا ووجدنا البناء يعود مرة أخرى فى عموم مصر، لتعود معها نفس الحيل والمراوغات والأساليب الملتوية من النفوس الضعيفة داخل المحليات، والتى تسول لهم أنفسهم خداع البسطاء وايهامهم بغض الطرف عن تحرير محاضر للمخالفين، بعد دفع رشاوى تصل إلى أضعاف ما كانوا يحصلون عليه قبل قانون التصالح، الذى لم يحاسب اللصوص السابقين من الموظفين واكتفى بمحاسبة من تم التغرير بهم من البسطاء، تحت القاعدة المشهورة التى تقول إن القانون لا يحمى المغفلين.

وها هم المغفلون يعودون مرة أخرى بإيعاز من رؤوس الفساد بالمحليات، بنفس الحيل ونفس المشاهد المكررة والنصائح التى تسدى إليهم بضرورة البناء فى أوقات متأخرة من الليل، وفى إجازات الأعياد بعد دفع المعلوم والتأكيد بعدم تحرير محاضر، فى نفس الوقت الذى يقوم فيه مسئولو الحيز العمرانى بالوحدات المحلية بإبلاغ الإدارات الهندسية بمجالس المدن لإخلاء مسئوليتهم، لتتضاعف الاتاوة بعد ذلك بعد أن تقوم هذه الجهات بصحبة المرتشين للاستيلاء على معدات المقاولين الخاصة بالبناء، ليتم الإفراج عنها مقابل رسوم لمجالس المدن ومقابل رشاوى للمحليات لضمان الاستمرار مرات عديدة حتى يكتمل البناء وهلم جرا، وكأننا لم نعِ الدرس القاسى الذى لم يمر عليه سوى عام.

ولا أدرى هل تم إحالة من تورطوا فى هذه المخالفات إلى النيابة العامة والادارية ضمن عدد 572 موظفا أحالهم وزير التنمية المحلية اللواء محمود شعراوى منذ أيام قليلة، أم أن هؤلاء نجوا هذه المرة أيضا كما نجوا من قبل، الغريب فى الأمر أن من يقفون فى طوابير فى هذا الصيف القائظ أمام مقرات مجالس المدن لاستخراج تراخيص البناء يصابون بالاحباط، عندما يجدون المبانى المخالفة تتم على مرأى ومسمع ممن يطالبونهم باستيفاء أوراقهم والالتزام بالاشتراطات اللازمة لاستخراج التراخيص أتمنى أن لا يكون الضحايا هذه المرة هم المخالفون فقط بعد أن يظهر التصوير الجوى المتغيرات التى تمت خلال الأشهر الماضية وأتمنى أن نعى الدرس، وكفانا هدرًا فى الأموال والمبانى والأوقات ويجب ألا يمر الأمر دون عقاب لمن أفسدوا أو تواطؤوا أو صمتوا.. ولله الأمر من قبل ومن بعد.