عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

طلة

 

 

البطولة الحقيقية ليست بالضرورة ميداليات وكؤوسا تحصل عليها الفرق الرياضية فى اللعبات الجماعية أو أبطال اللعبات الفردية على الصعيد العالمى. البطولة الحقيقية يمكن أن يحققها بطل دون أن يخوض منافسة تجبره على أن يضع يده فى يد من يمثل بلدا تمثل كل يوم المعنى الحقيقى للاضطهاد وانتهاك حقوق الإنسان. لذا أنا أعتبر أن هؤلاء الأبطال العرب الذين انسحبوا من أولمبياد طوكيو التى تستضيفها اليابان حاليا قد حققوا لأنفسهم ولنا وللعرب جميعا كنوزا لا تقدر بثمن عندما انسحبوا من مواجهة من يمثل الكيان الصهيونى الغاصب الذى لا يريد الاعتراف ولو حتى بالحد الأدنى من حقوق أشقائنا الفلسطينيين الذى يواجهون بمفردهم كل هذا الجبروت الإسرائيلي.

قد يقول قائل إن السياسة لعبة لا تعترف بالعواطف والمواقف الواضحة, وأنه لا مانع ربما من أن تضع يدك فى يد عدوك لو كان ذلك سيحقق لك مكاسب على الصعيد السياسى خاصة بعد مواجهة عسكرية تكون قد حققت فيها مكسبا كبيرا مثلما فعلت مصر عندما وقعت اتفاقية السلام  بعد انتصار أكتوبر المجيد  والعبور العظيم 1973, لكن لا يوجد تفسير واضح حتى الآن يبرر ما حدث مؤخرا من هرولة غير مبررة ودون مقابل من عدة دول عربية وضعت يدها فى يد إسرائيل التى تمارس كل يوم الصلف والغرور اللامتناهى تجاه أشقائنا الفلسطينيين, ضاربة عرض الحائط بكل قرارات الأمم المتحدة التى تحفظ حقوق الشعب الفلسطينى فى استهتار بالغ حتى بهذه الدول التى ربما – أقول ربما – كانت حسنة النية عندما أعلنت أن التطبيع مع العدو الإسرائيلى الذى أصبح صديقا هو أصلا لصالح القضية الفلسطينية, هذا الادعاء الذى دحضدته القوات الإسرائيلية التى كانت تهاجم الأشقاء فى كل مكان بما فيه المسجد الأقصى المبارك فى إعلان واضح عن أن التطبيع بالنسبة لإسرائيل هو مجرد وسيلة لتحقيق مكاسب عديدة أقلها أن تبدو أمام العالم مثل الحمل الوديع وليس له علاقة بأية حقوق للفلسطينيين.

لذا جاء انسحاب عدد من أبطالنا العرب من مواجهة منافسيهم من الإسرائيليين كرسالة بالغة الدقة فى وقتها تماما, تؤكد أن الشعوب العربية هى الرهان الوحيد المضمون فى تلقين ذلك العدو دروسا تكسر غروره وتضعه فى حجمه الطبيعى الذى يتخفى وراء مظهره الكاذب الذى يحاول أن يسوقه لنا كواحة من واحات الديمقراطية وحقوق الإنسان فى العالم. وليس صحيحا على الإطلاق  ما يردده بعض المتصهينين العرب وعدد من الإعلاميين المرجفين فى عواصمنا العربية بأن إسرائيل لم تخسر شيئا من انسحاب العرب فى عدة مباريات بل إنها أضافت لنفسها عدة ميداليات رفعت بها حصيلتها من الميداليات. وأقول لهؤلاء إن المسألة عكس ما يرددونه تماما فإسرائيل تدرك أن مشكلتها وعقدتها الحقيقية ليست مع الحكام ولا حتى مع النخب التى باعت مبادئها, بل مع الشعوب العربية التى ترفض هذا التطبيع جملة وتفصيلا. حتى مع محاولة بعض الدول تسيير تبادل رحلات بين مواطنيها ومواطنين إسرائيليين فإنها تظل محاولات زائفة لا تعبر عن مواقف الشعوب العربية التى تحتقر أصلا من يقدم على زيارة دولة الكيان الغاصب المحتل, ولا يكتفى حتى بالزيارة سرا ولكنه يتفاخر وينشر زيارته لايف على مواقع التواصل وهو لا يدرك أن ما يفعله يستحق القول المأثور إذا بليتم فاستتروا. الضغط من قبل بعض الأنظمة لتسيير تلك الرحلات يذكرنى بتلك الحملات الممنهجة التى يتم توجيهها لصنع قضية وهمية على شبكات التواصل للوصول بها إلى الترند والإيحاء بأن هذا هو الرأى العام الحقيقى.

طوبى للمنسحبين, أما هؤلاء المرجفون فى المدينة الذين يصفون انسحاب الأبطال من مواجهة الإسرائيليين بأنه إضافة لرصيد إسرائيل وخصما من رصيد العرب فأذكرهم بدرة ما كتب الشاعر الراحل أمل دنقل عندما قال للراغبين فى التصالح مع إسرائيل:

أترى حين أفقأ عينيك وأثبت جوهرتين مكانهما,

أتري؟

هى أشياء لا تشترى.

[email protected]