رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مكاشفات

 

 

 

 

كيف ينام الليل هانئا مرتاح البال والضمير؟ كيف يضحك ويرتع وهو مغتصبٌ للحقوق منتهكٌ للحُرمات؟ أسعيدٌ كان باستعلائه وفخره بعظم قدرته على انتزاع الحقوق المغتصبة واستحلالها لنفسه؟ كيف تذوق النعيم المسلوب؟ وما طعمه؟ ألم يفرز فى حلقه جرعات من الحنظل والمِلح الأجاج تفقده التذوق وتلجم شهيته عن الطعام؟ هل أغناه المال الحرام؟ هل أشبعه؟ ألم يوقظه من سُباته العميق صراخ المظلومين وصيحات آهاتهم؟ ألم يقلق مضجعه معاناتهم العظيمة وسُهدهم الطويل؟ وقبل كل ذلك، ألم يخف من وعيد الله فى الظالمين؟ عاجلا غير آجل.

من منا لم يطلق هذه التساؤلات فى تعجب واندهاش وقت التعرض للظلمات؟ فمعظمنا قد أطلق هذا القول فى غضبةٍ وانفعالٍ وحسرةٍ واستغراب: أين ضميره؟ وكيف أخرس صوته؟

وقد عبَّر علماء علم النفس عن الضمير بأنه تلك المشاعر والأحاسيس والمبادئ والقيم التى تحكم الإنسان، كما أنه ميزان الحس والوعى للتمييز بين الصواب والخطأ، مع توجيه النفس إلى القيام بفعل ما هو صحيح وتجنب الخطأ.

وبالتأكيد يختلف هذا الميزان من شخص لآخر، فيصبح ملهما، حساسا، مستيقظا إن تغذى الفرد ونشأ على احترام الاعتبارات الإنسانية وتعظيم القيم الأخلاقية ويسمى ذا ضمير يقظ، ويصبح أرعن، متعجرفا، عنيدا إن كانت القيم الأخلاقية والاعتبارات الإنسانية آخر همه أو ليست من بين اهتماماته من الأساس فيسمى ذا ضمير ميت، وهذا الميزان يسمى بوخز الضمير أو تأنيب الضمير. ووخز الضمير لغةً هو تَبْكِيتُهُ، أَيْ مَا يَشْعُرُ بِهِ الإِنْسَانُ مِنْ أَلَمٍ نَفْسِيٍّ عِنْدَ وَعْيِهِ أَنَّ مَا قَامَ بِهِ مُسِيءٌ.

أما عن «تأنيب الضمير» أو «وَخْز الضمير» وفقا لعلماء النفس، فيُقصد به شعور الفرد بالعذاب أو بالندم لقيامه بخطأ ما نتيجة سُلوكه، فينشأ شعور بالندم داخل الشخص عندما تُعارض أعماله القيم الأخلاقية التى يؤمن بها؛ وعلى النقيض من ذلك ينتابه شعور بالراحة والرضا عن النفس حين لا يُعارض سلوكه تلك القيم؛ ووَفق هذا التعريف تكون القيم التى يتعلمها الإنسان فى حياته هى الحَكم الحقيقيّ على شعوره بالراحة والرضا أو الندم؛ وبهذا يختلف تكوُّن الضمير وَفق اختلاف بيئة كل إنسان ونشأته اللتين تبنيان مفهوم الأخلاق لديه من عدمه.

ووخز الضمير هو فضل الله على عباده، هو المنحة الإلهية الأزلية المتصلة بروح الإنسان حتى تبرأ إلى خالقها، هو حضور نورانى للإله العظيم مخترقا جسد البشر الضعيف ليؤكد على كل شرائع دياناته فى القيم والخلق ودعم سلوكياتنا بها، هو الصوت الجهورى الخفى الفخيم، والذى يأتى من مكان سحيق لينذر ويصحح ويلوم ويعاقب، هو البراءة بثوب أبيض ناصع غير مدنس، هو الشرف فى أعلى درجات طهره، هو النبل فى أوج عظمته، هو الخير بكل تفاصيله، هو الحق بكامل جاهزيته.

فالإنصات واجب إن تكلم وصحح إنصاتا بلا مقاطعة أو جدال، وإعلان الندم والرغبة فى التصحيح واجب أيضا بعد التوبيخ والتأنيب منه على سوء أفعالنا أو سيئ قراراتنا وسلوكياتنا. وتختلف درجة قوته فى تعديل سلوك البشر للأفضل باختلاف درجات تقواهم ومدى سماحهم لهذا الصوت بإنفاذ تعليماته أم لا فى دعم الحق ونشر الخير ودحض الباطل ونحر الشر.

ولكننا قد نتعجب لما لا يؤثر هذا الفيض النورانى الخفى على كل البشر؟ لم لا نجد كل الناس بقلوب رحيمة وعقول منصفة؟ لم لا نجد أيضا فى كثير من الأوقات محاولات الندم والتوبة والعودة للطريق الصحيح بعد ارتكاب جرائم مخزية وأفعال فاجرة تفوق فى بعض الأحيان فسق الشياطين وخبثهم؟ ما الذى يمنع سريان تأثير وخز الضمير على كل البشر؟ وكيف نجح هؤلاء البشر «الأشرار» فى إسكات أصوات ضمائرهم الحية واستبدالها بأخرى ترشدهم أو بالأحرى تدعم ما يفعلونه أو ما يقومون به من شرور؟ وكيف ارتاحوا من التأنيب والعقاب النفسى الداخلى الشديد وقت ارتكابهم لكل صنوف الشرور والخطايا؟ الإجابة فى كلمة واحدة!!!!

وللحديث بقية فى المقال القادم

[email protected]